الباب الاول: الطوسي; حياته، ثقافته، عصره
الفصل الاول: حياة الشيخ الطوسي وثقافته
حياة الشيخ الطوسي
الشيخ الطوسي هو ابو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي.
«المولود في شهر رمضان عام 385ه (1) » في طوس (2) بايران، والذي كان قدنشا فيها (3) ،وترعرع والى ان بلغ الثالثة والعشرين من
عمره، عندها عزم على الهجرة الى العراق، فنزلبغداد عام 408ه .
وقدتعرضت مدينة طوس للعديد من النكبات، وصارت هدفا لاعداء اهل البيت، شانهاشان غيرها من المدن الاسلامية المقدسة
التي ضمت مراقد آلمحمدعليه السلام، فقدضربت هذهالمدينة ثلاث مرات: هدمها للمرة الاولى الامير سبكتكين، وقوضها للمرة
الثانية الغزنويون،واتلفتها للمرة الثالثة عاصفة الفتنة المغولية عام 716ه على عهد الطاغية جنگيزخان،وقدتجددت ابنيتها، واعيدت
آثارها بعد كل مرة (4) ، وهي اليوم - مع ماحل فيها من تخريبودمار - من اجل معاهد العلم عند الشيعة.
«وفيها خزانة كتب للامام الرضاعليه السلام» (5) .
وقدكانت طوس احدى المراكز العلمية المهمة في اقليم خراسان، والذي «ينسب اليهخلق كثير من العلماء في كل فن» (6) ، حيث
نبغ فيها فحول العلماء من المهاجرين اليهاوالمتولدين فيها، ومن بين هؤلاء ابو احمد محمد بنمحمد بناحمد الغزالي صاحب
كتاباحياء العلوم مدرس النظامية ببغداد، وحسن بنفضل بنحسن الطبرسي صاحب تفسيرمجمع البيان الذي يعد من مراجع
كتب التفسير، ومحمد بنحسين بنعبدالصمد الحارثيالعاملي المعروف بالشيخ البهائي، او بهاءالدين العاملي، ومنهم الشيخ محمد
بن الحسنبنعلي الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة، والجواهر السنية، من مراجع كتب الحديث،وابوالقاسم محمود بنعمر
بنمحمد الملقب بالزمخشري صاحب كتاب تفسير الكشاف، وابوجعفر محمد بنالحسن الطوسي صاحب التهذيب والاستبصار و
تفسير التبيان - مفسرنا -والفيلسوف العالم نصير الملة والدين محمد بن محمد الطوسي الحكيم والفلكي المعروف،والمحدث
الفقيه ابو عبدالرحمن احمد بنعلي بنشعيب النسائي صاحب كتاب الخصائصوالسنن، وابوبكر احمد بنالحسين البيهقي، الفقيه
الشافعي، وابو الفتح محمد بنعبدالكريمالشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل، والعالم اللغوي الشهير عبدالملك
بنمحمدبناسماعيل الثعالبي الملقب بالفراء صاحب كتاب فقه اللغة ويتيمة الدهر وسحر البلاغة، ثمالعالم المنطقي المعروف سعد
بنعمر بنعبدالله التفتازاني مصنف كتاب التهذيب في المنطقوالمطول في المعاني والبيان، وابو نصر اسماعيل بنحماد الفارابي
المعلم الثاني، والعالمالرياضي الحكيم الخيام; هؤلاء هم بعض الذين نبغوا من ارض طوس، وتركوا للعالم آثاراابدية (7) .
ومما اضفى على هذه المدينة اهمية كبرى هو مرقد الامام عليبن موسىالرضاعليه السلامثامن ائمة الشيعة الاثني عشرية، وهي
لذلك مهوى افئدتهم، يؤمونها من الاماكن البعيدةوالبلد ان النائية، ويتقاطرون اليها من كل حدب وصوب للتبرك بالعتبة
المقدسة (8) .
وقدترعرع الشيخ الطوسي في مسقط راسه، ودرس فيها علوم اللغة والادبوالفقه والحديث وعلم الكلام; ليهاجر بعدها الى العراق (9)
«حاملا من الثقافة الاسلاميةفنونها (10) ».
وهناك استقر الطوسي في بغداد، حيث كانت تعجبالثقافة والعلوم، ويقصدها طلابالمعرفة من كل بلاد، وصادف وصوله الى بغداد
بعد تربع الشيخ المفيد على كرسي الزعامةالفكرية للمذهب الجعفري، وبعد ان قطع شوطا بعيدا في مجال العلم والمعرفة، الامر
الذيجعل حلقات درسه زاخرة بطلبة العلوم «فكان يحضر مجلسه خلق كثير من العلماء منسائر الطوائف (11) ».
مما يؤكد موضوعية الشيخ المفيد احترام الناس له، وان اختلفوا معه في الراي اوالانتماء المذهبي، فكان لهذه الاجواء تاثير بالغ في
اجتذاب الطلاب الى بغداد والتي كانتفي ذلك الوقت عاصمة للخلافة، حتى صار شيخنا الطوسي واحدا من بين العديدين
الذيناموا بغداد وقصدوها، وقدتتلمذ صاحبنا على يد الشيخ المفيد آنذاك ونهل من معارفهوعلومه ماشاءالله.
وتلمذة الطوسي على يد الشيخ المفيد، تدل على ان مفسرنا كان قدقطع شوطا كبيرا مندراسته في مسقط راسه قبل هجرته الى
بغداد، مما اهله لان يحظى بموقع متقدم في مجالالدراسة التي يشرف عليها الشيخ المفيد مباشرة، وهو صاحب الزعامة الفكرية
للشيعةالامامية آنذاك.
وقد اثنى على الشيخ الطوسي جمع من العلماء والمؤرخين، وهنا نورد بعض اقوالهم:
فالعلامة الحلي (ت726) يصفه بانه:
شيخ الامامية ووجههم ورئيس الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، ثقة، عين، صدوق،عارف بالاخبار والرجال والفقه والاصول
والكلام والادب، وجميع الفضائل تنسباليه، صنف في كل فنون الاسلام، وهو المهذب للعقائد في الاصول والفروع الجامعلكمالات
النفس في العلم والعمل (12) .
وقال الشيخ المجلسي بحقه: «ثقة، وفضله وجلالته اشهر من ان يحتاج الى بيان (13) ».
وقال السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية عند ترجمته للشيخ الطوسي:
شيخ الطائفة المحقة، ورافع اعلام الشريعة الحقة، امام الفرقة بعد الائمة المعصومين،وعماد الشيعة الامامية، في كل مايتعلق
بالمذهب والدين، محقق الاصول والفروع،ومهذب فنون المعقول والمسموع، شيخ الطائفة على الاطلاق، ورئيسها الذي تلوى
اليهالاعناق، صنف في جميع علوم الاسلام، وكان القدوة في كل ذلك (14) .
ويصفه الاردبيلي بانه «رئيس الطائفة (15) ».
وابن كثير يصفه: «فقيه الشيعة» (16) .
وابن الجوزي ينعته بعبارة: «متكلم الشيعة» (17) ، والمتكلم يعني فيما يعني، اهتمامهبالعقائد والفلسفة، ومثل هذه الاقوال او
مايشبهها من الثناء والاطراء اقترنت مع اسم الشيخالطوسي، حال ذكره او ترجمته من قبل العلماء والرواة واصحاب التراجم والسير،
وهنا نوردبعضا ممن اطراه من الاعلام:
ا) من اعلام اهل السنة
1. ابن الاثير عزالدين ابوالحسن علي بن ابي الكرم محمد بن محمد بنعبدالكريمالشيباني الجزري (18) (ت 606ه ).
2. ابن حجر شهابالدين ابوالفضل احمد بن علي العسقلاني (19) (ت 852ه ).
3. ابن كثير عمادالدين ابوالفداء اسماعيل بن عمر القرشي (20) (ت 774ه ).
4. ابوالفرج عبدالرحمن بن علي الجوزي (21) (ت597ه ).
5. تاجالدين ابونضر عبدالوهاب بنعلي بن عبدالكافي السبكي (ت 771ه ) (22) .
6. الشيخ محمود ابو زهرة المصري (23) .
7. الدكتور محمود محمد الخضيري (24) .
ب) من اعلام الشيعة
1. معاصره الشيخ ابوالعباس النجاشي (ت 450ه ) (25) .
2. العلامة الحلي جمالالدين ابومنصور الحسن بنيوسف الحلي (ت 726ه ) (26) .
3. الشيخ محمد باقر المجلسي (صاحب البحار) (ت 1111ه ) (27) .
4. المحدث الشيخ يوسف البحراني (ت 1186ه ) (28) .
5. الشيخ حسين بن الشيخ عبدالصمد الحارثي (ت 984ه ) والد الشيخ البهائي (29) .
6. المحدث الشيخ ميرزا محمد حسين النوري النجفي (ت 1320ه ) (30) .
7. العلامة الشيخ محمد باقر الخوانساري (ت 1313ه ) (31) .
8. العلامة الميرزا محمد بن علي الاسترابادي (ت 1028ه ) (32) .
9. الحافظ محمد بن علي بن شهر آشوب المازنداراني (ت 588ه ) (33) .
10. الشيخ ابو علي الحائري (ت 1215ه ) (34) .
12. العلامة السيد حسن الصدر الكاظمي (ت 1354ه ) (35) .
هذا وقدحظي شيخنا الطوسي بعناية خاصة من لدن الكتاب والعلماء والباحثين، حيثترجم له الكثيرون، ويكفي ان نشير هنا الى
ماكتبه الشيخ الدكتور محمد هادي الامينيتحت عنوان «مصادر الدراسة عن شيخ الطائفة ابي جعفر الطوسي» اذ ذكر في كتابه هذا
(240)مائتين واربعين مصدرا عربيا وفارسيا، كان بعضها مطبوعا والبعض الآخر مخطوطا، وكلهاتترجم للشيخ الطوسي، او تذكر
شيئا عن احواله (36) ، الامر الذي يعكس مكانة الطوسي وعلوشانه، فاستحوذ على اهتمام الدارسين والمؤرخين واصحاب التراجم
والسير، وهذامالايحصل عليه الا اولئك الخاصة من العلماء والمهتمين في التاريخ.
شيوخه
تتلمذ الشيخ الطوسي على يد جملة من العلماء والشيوخ سواء في طوس او في بغداد،وكان هؤلاء الاساتذة والشيوخ ينتمون الى
مذاهب اسلامية مختلفة، ففيهم علماء الاماميةوالزيدية واهل السنة، الامر الذي ساهم وبشكل فعال في خلق الثقافة الموسوعية
لمفسرنا،كما وطبع شخصيته بشيء من الانفتاح، ومنحها خاصية التحري والاستقصاء، بعد ان وقفعلى مالدى جمع من علماء
الاسلام من مختلف المذاهب الاسلامية، وبهذا يكون الطوسيقد درس جملة من المذاهب والافكار على يد اصحابها وعلمائها، لذا
نجده حينما يناقشآراء العلماء او يحاورهم يمتاز بالدقة والموضوعية وسعه الاطلاع، وقداستفاد ذلك كله منالاجواء العلمية
المنفتحة والحرية الفكرية التي كانتسائدة في عصره، وخاصة ايام العهدالبويهي، فنهل من العلوم ماشاء الله على يد جمع كثير من
علماء المسلمين. ويبدو ان مشايخالطوسي في الرواية واساتذته في القراءة كثيرون، وقدبلغ عدد هؤلاء الشيوخ سبعة وثلاثينشخصا (37) ،
كان قدذكرهم الشيخ الطوسي في مؤلفاته العديدة، الا ان الذين اكثر الرواية عنهموتكرر ذكرهم في الفهرست وفي كل من كتابيه:
التهذيب والاستبصار، كانوا خمسة، وهم:
1. الشيخ ابو عبدالله احمد بن عبدالواحد بن احمد البزاز المعروف بابن الحاشر، اوابنعبدون والمتوفى سنة 423ه .
وفيه يقول الطوسي: «سمعنا منه واجاز لنا بجميع مارواه» (38) .
2. الشيخ احمدبن محمدبن موسى المعروف بابن الصلت الاهوازي، المتوفى سنة409ه .
3. الشيخ ابوعبدالله الحسينبن عبيداللهبن الغضائري المتوفى سنة 411ه .
وقال فيه الطوسي: «سمعنا منه واجاز لنا بجميع مارواه» (39) .
4. الشيخ ابوالحسين عليبن احمدبن محمدبن ابي جيد القمي والمتوفى بعد سنة 408،حيث كان حيا عند وصول الشيخ الطوسي
الى بغداد في ذلك التاريخ.
5. شيخ الامة ابوعبدالله محمدبن محمدبن النعمان المعروف بالشيخ المفيد والمتوفىسنة 413ه .
اما غير هؤلاء من شيوخه، فقدذكرهم، ولكن لابهذه الكثرة، وفيما يلي اسماء هؤلاءالشيوخ الذين روى عنهم والذين ذكرهم اهل
التراجم والسير (40) مرتبة على حروف الهجاء:
1. ابوالحسين الصفار، او ابن الصفار.
2. ابوالحسين بن سوار المغربي، وهو من مشايخ الطوسي من علماء اهل السنة.
3. الشيخ ابوطالببن غرور.
4. القاضي ابوالطيب الطبري الحويزي.
5. ابو عبدالله اخو سروة.
6. ابو عبداللهبن الفارسي.
7. ابو علي بن شاذان المتكلم، وهو من شيوخه من علماء اهل السنة.
8. ابو منصور السكري وهو من علماء الزيدية (41) .
9. احمد بن ابراهيم القزويني.
10. ابوالحسين وابوالعباس احمدبن علي النجاشي، صاحب كتاب الرجال المتولد سنة372ه والمتوفى سنة 450ه .
11. جعفربن الحسينبن حسكة القمي.
12. الشريف ابومحمد الحسنبن احمدبن القاسمبن محمدبن عليبن ابي طالب(ع)المحمدي نسبة الى محمدبن الحنفية بن الامام
عليعليه السلام.
13. ابو علي الحسنبن محمدبن اسماعيلبن محمدبن اشناس المعروف، بابن الحماميالبزاز المولود سنة 359ه والمتوفى في
الثالث من ذيالقعدة سنة 439ه (42) .
14. ابو محمد الحسنبن محمدبن يحيىبن داود الفحام المعروف بابن الفحام، السرمن رائي - السامرائي - المتوفى سنة 408ه .
15. ابو الحسين حسنبش القمرئ.
16. ابو عبدالله الحسينبن ابراهيم القزويني.
17. ابو عبدالله الحسينبن ابراهيمبن علي القمي المعروف بابن الخياط.
18. الحسينبن ابي محمد هارونبن موسى التلعكبري.
19. ابو محمد عبدالحميدبن محمد المقرئ النيسابوري.
20. ابو عمرو عبدالواحدبن محمدبن عبداللهبن محمدبن مهديبن خشنام المولود سنة318ه ، والمتوفى سنة 410ه ، وهو من
مشايخ الطوسي من علماء السنة.
21. ابو الحسن علىبن احمدبن عمربن حفص المقرئ المعروف بابن الحمامي المولودسنة 328ه والمتوفى سنة 417ه .
22. السيد المرتضى علم الهدى ابوالقاسم عليبن الحسينبن موسىبن محمدبنابراهيمبن الامام موسى الكاظمعليه السلام
المتوفى سنة 436ه ، وهو من اشهر اساتذته.
23. ابوالقاسم عليبن شبلبن اسد الوكيل المتوفى سنة 410ه .
24. القاضي ابوالقاسم علي التنوخي ابن القاضي ابي علي المحسنبن تميم القحطاني،وهو من مشايخ الطوسي من علماء اهل السنة،
وكان قد ولد سنة 370ه ، وتوفي سنة447ه (43) .
25. ابوالحسين عليبن محمدبن عبداللهبن بشران المعروف بابن بشران المعدل، وهومن علماء اهل السنة.
26. محمدبن احمدبن ابي الفوارس الحافظ، وهو من علماء اهل السنة.
27. ابو زكريا محمدبن سليمان الحراني من اهل طوس.
28. محمدبن سنان وهو من مشايخ الطوسي من علماء اهل السنة.
29. ابو عبدالله محمدبن علي حموي البصري المتوفى سنة 413ه .
30. محمدبن عليبن خشيشبن نضربن جعفربن ابراهيم التميمي، وهو من مشايخالطوسي من علماء اهل السنة، وقد روى عنه في
اماليه اخبارا كثيرة.
31. ابوالحسن محمدبن محمدبن محمدبن مخلد البزاز المولود سنة 329ه والمتوفىسنة 419ه ، وهو من مشايخه من علماء اهل
السنة (44) .
32. السيد ابوالفتح هلالبن محمدبن جعفر الحفار المولود سنة 322ه والمتوفى سنة414ه وهو من مشايخ الطوسي من علماء اهل
السنة (45) .
وباضافة الخمسة الاوائل من شيوخه، والذين اكثر الرواية عنهم يبلغ عددهم سبعةوثلاثين شخصا، وقداكد هذا العدد السيد
محمدصادق بحر العلوم، عندما ترجم للشيخالطوسي في مقدمة كتبها لرجال الشيخ الطوسي، ولكتاب الامالي، بشيء من التفصيل،
واخرى مختصرة لكتاب الفهرست للشيخ نفسه، وبهذا يتفق مااورده السيد بحر العلوم معمااورده المؤرخ الشهير آية الله آغا بزرك
الطهراني، حينما كتب عن حياة الشيخ الطوسيرسالة قيمة، قدم بها لتفسير التبيان المطبوع في النجف الاشرف.
تلاميذ الشيخ الطوسي
ما ان استقل الشيخ الطوسي بزعامة المذهب الامامي عند وفاة الشريف المرتضى عام436 في بغداد حتى صارت داره في الكرخ
ماوى الامة ومقصد الوفاد وقد انهال العلماءعلى دروسه، واجتمع تحت منبره جمع من التلاميذ بلغ عددهم اكثر من ثلثمائة مجتهد (46) ،
ومن العامة مالايحصى كثرة (47) .
وقد اورد العلامة آية الله آغاز بزرك الطهراني في مقدمة التبيان، وكذلك السيدمحمدصادق بحر العلوم في مقدمة رجال الطوسي
واماليه قائمة باسماء تلامذة الشيخالطوسي بلغ عددهم فيها ستة وثلاثين شخصا، ويبدو ان هؤلاء الذين ذكرت اسماؤهم فيكتب
التراجم كانوا من المشاهير فعفوا، بينما خفيت اسماء غيرهم اما لقلة آثارهم، اولضياعها، او لانهم لميتركوا اثرا اصلا.
وهنا نورد ماذكره علماء الرجال والمفهرسون من اسماء تلاميذ الشيخ الطوسي (48) حسبحروف الهجاء:
1. الشيخ الفقيه آدمبن يونسبن ابي المهاجر النسفي.
2. الشيخ المؤلف ابوبكر احمدبن الحسينبن احمد الخزاعي النيسابوري.
3. الشيخ ابوطالب اسحاقبن محمدبن الحسنبن الحسينبن محمدبن عليبنالحسينبن بابويه القمي.
4. الشيخ ابو ابراهيم اسماعيل شقيق اسحاقبن بابويه القمي المتوفى سنة 500ه .
5. الشيخ الثقة ابوالخير بركةبن محمدبن بركة الاسدي.
6. الشيخ الثقة المصنف ابوالصلاح تقيبن نجمالدين الحلبي.
7. السيد المحدث ابو ابراهيم جعفربن عليبن جعفر الحسيني.
8. الشيخ الامام المصنف ابو محمد شمسالاسلام الحسنبن الحسينبن بابويه القميالمعروف بحسكا، المتوفى سنة 512ه .
9. الشيخ الفقيه ابو محمد الحسن بن عبدالعزيزبن الحسن الجبهاني.
10. الشيخ ابو علي الحسن بن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي.
11. الشيخ الامام موفقالدين الفقيه الحسينبن الفتح الواعظ البكرآبادي الجرجاني.
12. الشيخ الامام محييالدين ابو عبدالله الحسينبن مظفربن عليبن الحسين الحمدانينزيل قزوين.
13. السيد عمادالدين ابوالوضاح ذوالفقاربن محمدبن معبد الحسيني المروزي.
14. السيد الفقيه ابو محمد زيدبن عليبن الحسين الحسيني او الحسني.
15. السيد الفاضل زينبن الداعي الحسيني.
16. الشيخ الفقيه سعدالدينبن البراج.
17. الشيخ الفقيه ابوالحسن سليمانبن الحسنبن سليمان الصهرشتي.
18. الشيخ المحدث شهرآشوب السروي المازندراني، جد الشيخ محمدبن علي مؤلفمعالم العلماء والمناقب.
19. الشيخ الفقيه صاعدبن ربيعةبن ابي غانم.
20. الشيخ ابوالوفاء عبدالجباربن عبداللهبن علي المقرئ الرازي المعروف بالمفيدالمتوفى سنة 506ه .
21. الشيخ ابو عبدالله عبدالرحمنبن احمد الحسيني الخزاعي النيسابوري المعروفبالمفيد ايضا.
22. الشيخ الفقيه موفقالدين ابوالقاسم عبيداللهبن الحسنبن الحسينبن بابويه.
23. الشيخ ابوالقاسم سعدالدين عزالمؤمنين عبدالعزيزبن نحريربن عبدالعزيزالمعروف بابن البراج قاضي طرابلس المتوفى سنة
418ه .
24. الشيخ الفقيه عليبن عبدالصمد التميمي السبزواري.
25. الامير الفقيه غازيبن احمدبن ابي منصور الساماني.
26. الشيخ الامام جمالالدين محمدبن ابي القاسم الطبري الآملي.
27. الشيخ الامين ابو عبدالله محمدبن احمدبن شهريار الخازن لمشهد الامام عليعليه السلاموهو صهر الشيخ الطوسي على احدى
بناته (49) .
28. الشيخ محمدبن الحسنبن علي الفتال صاحب كتاب (روضة الواعظين) المتوفى سنة508.
29. الشيخ الفقيه ابوالصلت محمدبن عبدالقادربن محمد.
30. الشيخ المؤلف الفقيه ابوالفتح محمدبن علي الكراچكي.
31. الشيخ ابو جعفر محمدبن عليبن الحسن الحلبي.
32. الشيخ الفقيه ابو عبدالله محمدبن هبةالله الطرابلسي.
33. السيد صدر الاشراف المرتضى ابوالحسن المطهربن ابي القاسم عليبن ابي الفضلمحمد الحسيني الديباجي.
34. السيد الفقيه المنتهىبن ابي زيدبن كيابكي الحسيني الجرجاني.
35. العالمالفاضل الفقيه الوزير ذوالمعالي زينالكفاة ابوسعيد منصوربن الحسين الآبي.
36. السيد الثقة الفقيه المحدث ابوابراهيم ناصربن الرضابن محمدبن عبدالله العلويالحسيني.
ثقافة الشيخ الطوسي
ابتدا الشيخ الطوسي حياته العلمية في طوس، حيث كانت هذه المدينة احدى مراكزالعلم المهمة في خراسان، ذلك الاقليم
الواسع الذي انجب الكثير من العلماء والادباءوالمفكرين، وبها درس الطوسي علوم اللغة والادب والفقه واصوله والحديث وعلم الكلام،
والتي هي مقدمات اساسية لمن اراد ان يواصل دراسته العلمية العالية في الجامعاتالاسلامية ذات النمط الحوزوي.
وعندما اتقن الشيخ الطوسي تلك المقدمات شد الرحال الى بغداد، وذلك عام 408ه ،حيث كانت هذه المدينة نقطة جذب لكل
طامع في الاستزادة من المعارف والعلومالاسلامية.
وعندما نزل الشيخ الطوسي بغداد كانت الزعامة للمذهب الجعفري قدآلت للشيخمحمدبن محمدبن النعمان العكبري البغدادي
المعروف بالشيخ المفيد وبابن المعلم،وقدتتلمذ شيخنا الطوسي على يد الشيخ المفيد، وبقي على اتصال به حتى وفاته سنة413ه (50) .
ولاجل الوقوف على الحالة الثقافية لمفسرنا لابد من معرفة احوال اساتيذه ومكانتهمالعلمية وسعة اطلاعهم التي اغترف منها،
فكونت فيما بعد شخصيته الثقافية والفكرية:
فاستاذه الاول في بغداد الشيخ المفيد الذي كان موضع اعجاب من ترجم له من الكتابوالمؤرخين.
حيثيقول ابن كثير فيه:
محمدبن محمدبن نعمان ابو عبدالله المعروف بابن المعلم شيخ الامامية والمصنف لهموالمحامي عن حوزتهم، كانت ملوك
الاطراف تعتقد به لكثرة الميل للشيعة في ذلكالزمان، وكان يحضر مجلسه خلق عظيم من العلماء من جميع الطوائف والملل (51) .
واما ابن العماد الحنبلي، فكان يصفه بمايلي:
عالم الشيعة وامام الرافضة ولسان الامامية، رئيس الكلام والفقه والجدل، صاحبالتصانيف الكثيرة (52) .
وينعته ابن حجر العسقلاني بانه كثير التقشف والتخشع والاكباب على العلم، تخرج منهجماعة، وبرع في المقالة الامامية حتى كان
يقال: «له على كل امام منة» (53) .
اما الذهبي فقد امتدحه بقوله: «كان ذاجلالة عظيمة وكان خاشعا متعبدا متالها» (54) .
وقدترجم له احد معاصريه وهو ابن النديم فقال:
ابن المعلم ابو عبدالله في عصرنا انتهت اليه رئاسة متكلمي الشيعة، مقدم في صناعةالكلام على مذهب اصحابه، دقيق الفطنة
ماضي الخاطر، شاهدته فرايته بارعا (55) .
وذكره ابوحيان التوحيدي فقال: «كان ابن المعلم حسن اللسان والجدل، صبورا علىالخصم ضنين السر جميل العلانية» (56) .
وذكره ايضا اليافعي فقال:
كان يناظر اهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية، وكان كثير الصدقاتعظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم، حسن
الملبس، وكان شيخا ربعة نحيفا اسمر،عاش ستا وسبعين سنة، وله اكثر من مائتي مصنف، وكان يوم وفاته مشهورا، وشيعتهثمانون
الفا (57) .
ويقول ابن الجوزي فيه:
كان لابن المعلم مجلس نظر بداره بدرب رياح يحضره كافة العلماء، وكانت له منزلةعند امراء الاطراف، يميلهم الى مذهبه (58) .
اما شيخنا الطوسي فقد ترجم لاستاذه الشيخ المفيد بما نصه:
انتهت اليه رئاسة الامامية في وقته، وكان مقدما في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيهامتقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة،
حاضر الجواب، وله قريب من مائتي مصنفكبار وصغار، وفهرست كتبه معروف، وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة 413ه ،
وكان يوم وفاته يوما لمير اعظم منه من كثرة الناس الذين حضروا للصلاة عليه، وكثرةالبكاء من المخالف والموافق (59) .
ثم عد الشيخ الطوسي بعض كتبه، وذكر قراءتها عليه وسماعها عنه.
وقدتتلمذ شيخنا الطوسي على يد استاذه المفيد لمدة خمس سنوات، ابتداها منذ اولنزوله بغداد عام 408ه ، ولمينقطع عنه حتى
وفاته عام 413ه ، وكان خلال هذه الفترة قددرس الاصول والكلام (60) ، كما وانه شرع بالتاليف منذ ذلك الوقت المبكر، حيثشرح
كتاباستاذه المفيد، والمسمى بكتاب المقنعة، وقدسمى كتابه ب تهذيب الاحكام والذي ضمنهالادلة الفقهية والاحاديث، ورد الشبه
المثارة حول العقيدة والاحاديث المروية عن ائمة اهلالبيتعليهم السلام، وقدظهر تاثر الشيخ الطوسي باستاذه المفيد واضحا في
هذا الكتاب الذي اصبحفيما بعد احد الاصول الاربعة التي يرجع اليها المجتهدون من الامامية عند استنباطهمللاحكام الشرعية.
ومعلوم ان الشيخ الطوسي كان قداستفاد كثيرا من علوم استاذه المفيد، خاصة اذا علمناان مجلسه كان يحضره جماعة من العلماء
من مختلف المذاهب الاسلامية (61) .
ومن الطبيعي ان الاحتكاك بمثل هؤلاء العلماء من شانه ان يمنح الشيخ الطوسي فرصةاكبر في الاستزادة مما عند الآخرين، ويوفر
له الكثير من المجالات في معرفة افكارهموآرائهم ومذاهبهم، خاصة وان تلك الفترة كانت من اخصب الفترات التاريخية التي مرت
بهاالحياة الفكرية بسبب توفر الحرية واستتباب الامن والهدوء ابانها مما طبع شخصية مفسرناالثقافية والعلمية بطابع الشمول
والعمق والموسوعية.
وبعد وفاة الشيخ المفيد انتهت الزعامة الفكرية للشيعة الامامية الى الشريف المرتضى(335 - 436ه )، والذي كان في وقتها يتولى
نقابة الطالبيين (62) وامارة الحج وديوانالمظالم (63) ، ويشغل منصب قاضي القضاة (64) ، كما و انه يتصل من حيث النسب بالامام
عليبنابيطالبعليه السلام، ومع هذا كله فهو يمتلك من الثقافة والمعارف والعلوم ماتجعله مؤهلا; لانيحظى بمكانة خاصة على
الصعيدين الشعبي والرسمي، اذ انه كان قدحار على العلوم مالميدانه فيه احد في زمانه (65) .
«وكان اكثر اهل زمانه ادباء وفضلاء (66) ».
«كما وانه اخذ يجري على تلامذته رزقا كل بنسبته (67) ». ويمكننا هنا ان تدرك مدىفضل مفسرنا ومقدار علمه، اذا ماعرفنا ان راتبه
كان اثنيعشر دينارا شهريا، بينما كانراتب القاضي ابنالبراج عبدالعزيزبن نحرير ثمانية دنانير شهريا (68) .
«وكان للمرتضى مجلس يناظر عنده في كل المذاهب (69) »، مما وفر لشيخنا الطوسيفرصة اخرى للاستفادة في هذا المجال، حيث
الاجواء الفكرية المشبعة بالابداع والمهارةفي فن المخاطبة والحوار وطرح الراي والدفاع عنه.
وفي ايام تلمذة الشيخ الطوسي على يد الشريف المرتضى شرع مفسرنا في تلخيصكتاب الشافي لاستاذه المرتضى، ووضع له عنوانا
تلخيص الشافي، وقدبسط فيه المسائلبغية تقريبها لاذهان المتعلمين، وذلك نظرا لاهمية الكتاب الذي نقض به الشريف
المرتضىكتاب المغني لعبد الجباربن احمد الهمداني احد شيوخ المعتزلة المتوفى سنة 415ه (70) .
وقد انهى الشيخ الطوسي تلخيص الشافي في رجب سنة اثنتين وثلاثين واربعمائة (71) »ويبدو ان الشيخ الطوسي كان قدنشط في
مجال التاليف ابان حياة استاذه المرتضى، اذ كتبمجموعة من اهم مؤلفاته، منها كتاب الرجال الذي بحث فيه عن احوال الرجال
الذين روواعن الرسول الاكرم(ص)، او عن احد الائمة من اهل البيتعليه السلام، او الذين رووا عنهمبالواسطة، وعند ترجمته
لاستاذه المرتضى نجده يقول: «ادام الله ايامه، او عبارة مد الله فيعمره (72) »، مما يؤكد ان الشريف المرتضى لازال حيا وقت كتابة
الرجال، والا لترحم عليهكعادته حينما يمر على ذكر المتوفين من الرجال اثناء ترجمته لحياتهم، وفي ذلك وجدناهيقول عندما
يترجم لاستاذه الشيخ المفيد:
«والشيخ ابو عبدالله محمدبن محمدبن النعمان المفيد، رضي الله عنهم جميعا» (73) . كماكتب الشيخ الطوسي كتابا آخر بعنوان
الفهرست في حياة الشريف المرتضى، حيث كتب فيه:«واخبرنا به الاجل المرتضى عليبن الحسين الموسوي (ادام الله تاييده) (74) ».
وكان الشريف المرتضى قدعنى بتلميذه الطوسي، وبالغ في توجيهه اكثر من سائرتلامذته; لماشاهده فيه من اللياقة التامة، وبقي
الطوسي ملازما لاستاذه المرتضى ثلاثةوعشرين عاما من سنة 413ه ، حيث توفي الشيخ المفيد، والى عام 436ه ، حيث وفاةالشريف
المرتضى، وقدافاد الشيخ الطوسي من هذه الصحبة والتلمذة شيئا كثيرا، خاصةوان الشريف المرتضى كان يعيش اجواء الانفتاح
الفكري بين مختلف المذاهب الاسلامية،يناظر العلماء، ويرد الشبهات، ويدافع عن مذهبه بكل مااتي من علم ومعرفة،
وقدكانتللشريف المرتضى مكتبة عامرة يقول عنها ابوالقاسم التنوخي: «حصرنا كتبه فوجدناثمانين الف مجلد من مصنفاته
حتى قيل: «انها قدقومتبثلاثينالف دينار، بعد ان اخذ منها الوزراء والرؤساء شطرا عظيما (76) »، ومعلوم ان
الشريف المرتضىكان شاعرا مجيدا، له ديوان شعر في ثلاثة اجزاء، طبع بمصر سنة 1958م، وقد حققه ورتبقوافيه وشرح معانيه
المحامي رشيد الصفار، وترجم اعيانه الدكتور مصطفى جواد، وقدم لهالشيخ محمدرضا الشبيبي.
ان كل تلك المؤهلات التي اتصف بها الشريف المرتضى والجو الفكري السائد في ذلكالعصر وتوفر النادر من الكتب والمخطوطات
اثرت تاثيرا مباشرا وكبيرا على شخصيةمفسرنا، ومنحته القدرة في ان يبلغ مرحلة النضوج العلمي، واهلته لان يكون فيما بعد
شيخاللطائفة وعلما من اعلام التشيع.
ولعل معارضة الشيخ الطوسي لآراء استاذه الشريف المرتضى في بعض المسائل مثلحجية خبر الواحد والاجماع تدل وبشكل واضح
على مدى تعمق الشيخ الطوسي وطولباعه في علم الاصول، وكذلك تؤكد مدى استيعاب اجواء الحرية الفكرية آنذاك لمثل
هذهالخلافات التي قدتحدث بين التلميذ واستاذه دون ان تثير شيئا من عدم الرضا لدى اي منالمتعارضين، وفي هذا المجال يقول
الشريف المرتضى:
ابطلنا في الشريعة العمل باخبار الاحاد; لانها لاتوجب علما ولاعملا، واوجبنا انيكون العمل تابعا للعلم; لان خبر الواحد اذا كان عدلا
فغاية مايقتضيه الظن لصدقه، ومنظننت صدقه يجوز ان يكون كاذبا، وان ظننتبه الصدق، فان الظن لايمنع من التجويز،فعاد
الامر في العمل باخبار الآحاد الى انه اقدام على مالانامن من كونه فسادا (77) ;
كما واكد الاجماع في ذلك بقوله «ان اصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدمهمومتاخرهم يمنعون من العمل باخبار الآحاد (78) ».
وقدعارضه الشيخ الطوسي على ذلك تماما فقال بحجية خبر الآحاد، واكد الاجماعايضا بقوله:
اما مااخترته من المذهب فهو ان خبر الواحد اذا كان واردا عن اصحابنا القائلينبالامامة، وكان ذلك مرويا عن النبيصلى الله عليه
وآله او عن احد الائمةعليه السلام، وكان ممن لايطعن فيروايته، ويكون سديدا في نقله، ولميكن هناك قرينة تدل على صحة
ماتضمنه الخبر;لانه ان كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك كان الاعتبار بالقرينة، وكان ذلك موجباللعلم، ونحن نذكر القرائن فيما
بعد جاز العمل بها والذي يدل على ذلك اجماع الفرقةالمحقة، فاني وجدتها مجمعة على العمل بهذه الاخبار التى رووها في
تصانيفهمودونوها في اصولهم، لايتناكرون ذلك ولايتدافعونه، حتى ان واحدا منهم اذا افتىبشيء لايعرفونه سالوه من اين قلت هذا؟
فاذا احالهم على كتاب معروف او اصلمشهور، وكان راويه ثقة لاينكر حديثه سكتوا، او سلموا الامر في ذلك، وقبلوا قوله،وهذه
عادتهم وسجيتهم من عهد النبيصلى الله عليه وآله ومن بعده من الائمةعليه السلام: ومن زمن الصادقجعفربن محمدعليه السلام
الذي انتشر العلم عنه، وكثرت الرواية من جهته، فلولا ان العمل بهذهالاخبار كان جائزا لمااجمعوا على ذلك ولانكروه; لان اجماعهم
فيه معصوم لايجوزعليه الغلط والسهو (79) .
ومثل هذه الاجواء العلمية الحرة التي تبيح للتلميذ ان يعارض استاذه مازال يملك فيمعارضته دليلا، هي التي منحت الشيخ
الطوسي قدرا كافيا من الاقدام لان يضم الى حلقاتالدرس التي كان يشرف عليها بعض اعلام اهل السنة من امثال: هلالبن
محمدجعفر الحفارالمتوفى سنة 414ه (80) .
ومحمدبن محمدبن محمدبن مخلد المتوفى سنة 419ه (81) .
واحمدبن عبدون المعروف بابن الحاشر المتوفى سنة 432ه (82) .
ومحمدبن احمدبن شاذان المتوفى سنة 425ه (83) .
وكان لهذه الحلقات اكبر الاثر في تفهم الشيخ الطوسي للمذاهب الاسلامية المختلفة،والاحاطة بها عن قرب، وعلى السنة ائمتها
واعلامها المشهورين.
والمتتبع لحياة الشيخ الطوسي سواء في ايام دراسته الاولى بمدينة طوس، او اثناءوجوده في بغداد يستطيع القول بان عوامل
عديدة استطاعت ان تصقل ثقافة الشيخالطوسي، وتمنحه هذه المكانة العلمية الكبيرة والمتميزة التي يمكننا اجمالها في مايلي:
1. المؤهلات الذاتية التي يمتلكها الشيخ الطوسي من ذكاء وفطنة وسرعة حافظة،ولعل نظرة واحدة في كتابه الامالي توضح
للقارىء ماحظي به الشيخ من موهبة عقليةعالية، فهو يروي خطبا او رسائل كاملة او احاديث مطولة على ظهر قلب مع ذكر
السندواسماء الرواة وآبائهم واجدادهم والقابهم حتى يوصلهم الى مصدر الحديث او الخطبة اوالرسالة سواء كانت عن النبيصلى الله
عليه وآله او عن احد الائمةعليهم السلام، مثال ذلك قوله: «وعنه» عنشيخهرضى الله عنهقال: حدثني ابوعبدالله محمدبن محمدبن
النعمانرحمه الله قال:
اخبرني ابوالحسن عليبن محمدبن الحسن الكاتب، قال: اخبرني الحسنبن عليالزعفراني، قال: اخبرني ابواسحاق ابراهيمبن
محمد الثقفي، قال: حدثني عبداللهبنمحمدبن عثمان، قال: حدثنا عليبن محمدبن ابي سعيد عن فضيلبن جعد عنابياسحاق
الهمداني قال: لما ولى اميرالمؤمنين عليبن ابيطالب(صلوات الله عليه)محمدبن ابيبكر مصر واعمالها كتب له كتابا، وامره ان
يقراه على اهل مصر، وليعمل به،اوصاه به فيه، وكان الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله اميرالمؤمنين عليبنابيطالب
الى اهل مصر ومحمدبن ابيبكر» (84) .
ثم يستمر في قراءة رسالة مطولة استغرقت اكثر من ست صفحات من كتاب الامالي،الامر الذي يؤكد قوة الحافظة لديه، وتمكنه
من الاستيعاب، وقدرته على التلقي.
2. توفر للشيخ الطوسي من الاساتذة مالم يتوفر مثلهم لغيره من الطلبة كالشيخ المفيدوالشريف المرتضى وآخرين كثيرين، فنهل
من علومهم ماشاءالله.
3. توفرت للشيخ الطوسي مكتبات ودور علم زاخرة بجميع المصنفات النفيسة، وفيمختلف الفنون والعلوم والآداب ما اهله لان
يغترف من محتوياتها وكتبها ماوهبه ثقافةموسوعية رائعة، ومن اهم تلك المكتبات مكتبة الوزير البويهي سابوربن اردشير،
والتيكانت تضم اكثر من عشرة الآف مجلد (85) . والمكتبة الاخرى هي مكتبة الشريف الرضي،والتي كانت تمنح الطلاب مايحتاجون
اليه من وسائل مادية، ثم مكتبة الشريف المرتضى،والتي كان فيها ثمانون الف مجلد (86) .
4. التقارب بين علماء المذاهب الاسلامية المختلفة، وماسبب ذلك من انفتاح فكريبين مختلف الطوائف الاسلامية يظهر جليا من
خلال المناظرات والمناقشات وشيوعالجدل والحوار في المسائل المختلف عليها، مما يشجع على التعمق والاستقصاء
لاثراءالموضوعات واشباعها بحثا وتفصيلا «وكان لدى الشيخ المفيد مجلس يحضره خلق كثيرمن العلماء من سائر الطوائف» (87) ،
«وكان للشريف المرتضى ايضا مجلس يناظر عنده في كلالمذاهب» (88) .
5. جاء اختيار بغداد من قبل الشيخ الطوسي لان تكون مكانا لدراسته موفقا جدا، حيثكانت هذه المدينة في وقتها ملتقى لرجال
الفكر والعلم والادب وعاصمة للدولة ومقراللخلافة ومركزا للحضارة الاسلامية العظيمة (89) ، وكان التنافس فيها بين الدارسين
علىاشده، لذلك نبغ فيها الكثيرون من الفقهاء، بالاضافة الى ذلك فقد كانت التسهيلات للطلبةالوافدين الى بغداد مبذولة،
يثيجد الطلاب المقام والماوى (90) .
6. كان باب الاجتهاد مفتوحا على مصراعيه بسبب الحرية واتساع الفكر ومرونته،الامر الذي حفز الشيخ الطوسي لان يكمل الاشواط
الدراسية المطلوبة، وفعلا فقد تم له مااراد بعد جهد جهيد ومثابرة عالية، حتى صار «شيخ الطائفة وعمدتها» (91) ، «ولقب
بالامامالاعظم» (92) .
مؤلفات الشيخ الطوسي
استطاع الشيخ الطوسي - بما يملك من ثقافة وموهبة وسعة اطلاع - ان يثري المكتبةالاسلامية بمؤلفات هي غاية في الاهمية
والجودة، حيث استقى مادة مؤلفاته من تصانيفالقدماء التي تتميز باهمية خاصة بسبب قربها من عصر الرسالة، والتحامها بفترة
وجودالائمة من اهلالبيتعليهم السلام، وتاثرها باجواء العلم والمعرفة التي كانوا يشيعونها في الاوساطالاسلامية آنذاك، ومن هنا
اتسمت مؤلفات الشيخ الطوسي بميزات خاصة لاتوجد فيماعداها من مؤلفات السلف ومن تلك المميزات:
1. اصبحتبمثابة المنبع الاول والمصدر الوحيد لمعظم مؤلفي القرون الوسطى، حيثاستقوا منها مادتهم وكتبوا كتبهم.
2. حوت مؤلفات الشيخ الطوسي خلاصة الكتب المذهبية القديمة، حيث كانت مكتبةسابور في الكرخ ومكتبات بغداد الاخرى
تحتضن الكتب القديمة الصحيحة التي هيبخطوط مؤلفيها واقلامهم، وقدكانت استفادة الشيخ الطوسي من تلك الكتب
والمكتباتكبيرة جدا، اذ لميدع كتابا فيها الا وعمد الى مراجعته واستخراج ما فيه من منفعة، وبهذايكون الطوسي قد اسدى للعلم
خدمة جلى من خلال انتقائه لافضل ما حوى عصره منعلوم، ومن ثم عرضها بلغة ميسرة وفي كتب مبوبة وباسلوب متين، فحفظ
بذلك ارثا ثقافياوتراثا حضاريا نادرا، خاصة بعد ان تحولت مكتبة سابور في الكرخ الى طعمة للنار ابانالعهد السلجوقي.
3. كما وتميزت مؤلفات الشيخ الطوسي بالتنوع والكثرة، حيثبلغ تعداد ما توصل اليهالباحثون من كتبه(47) مؤلفا في مختلف
الفنون والعلوم والآداب، اذ لميدع بابا من العلم الاوطرقه، فقد كتب في الفقه والاصول وعلم الكلام والتفسير وعلم الحديث
والرجالوالادعية والعبادات وغيرها.
وفيما يلي قائمة باسماء الكتب التي الفها الشيخ الطوسي مرتبة حسب حروف الهجاء:
1. الابواب ويسمى كتاب الرجال، وهو في تراجم الرجال الذين رووا عن النبيصلى الله عليه وآلهوالائمةعليهم السلام، ومن تاخر
عنهم (93) وهو احد الاصول المعتمدة عند علماء الامامية.
2. اختيار الرجال وهو كتاب الرجال المتداول المشهور برجال الكشي المطبوع سنة1317ه ، الذي ذكر في اوله الاحاديث السبعة
في فضل الرواة، واول السبعة حديثابيعبداللهعليه السلام: «اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا»، وهو مختار من
رجالالكشي الذي اسمه معرفة الناقلين (94) .
3. الاستبصار فيما اختلف من الاخبار، وهو احد الكتب الاربعة والمجاميع الحديثيةالتي عليها مدار استنباط الاحكام الشرعية عند
الفقهاء الاثني عشرية، منذ عصر المؤلفحتى اليوم ويحتوي على خمسة آلاف وخمسمائة واحدعشر (5511) حديثا، وقد طبع
فيالهند سنة 1307ه ، وفي ايران سنة 1317ه ، ثم في النجف الاشرف سنة 1375ه (95) .
4. اصول العقائد (96) وهو كتاب في الاصول كبير خرج منه الكلام في التوحيد والعدل،
5. الاقتصاد الهادي الى طريق الرشاد وهو فيما يجب على العباد من اصول العقائدوالعبادات الشرعية على وجه الاختصار (97) .
6. الامالي في الحديث (98) ويقال له: المجالس، لانه املاه مرتبا في عدة مجالس وقد طبعلاول مرة في طهران عام 1313ه .
7. انس الوحيد مجموعة للشيخ الطوسي، عده في فهرسه من تصانيفه (99) .
8. الايجاز في الفرائض، وهو كتاب مختصر، وقد احال فيه التفصيل الى كتابه النهاية،وقدشرحه قطبالدين الراوندي فسماه الانجاز (100) .
9. التبيان في تفسير القرآن (101) ، يقع في عشرة مجلدات، وطبع لمرات عديدة في طهرانوالنجف.
10. تلخيص الشافى في الامامة (102) وهو اختصار لكتاب الشافي الذي كتبه علم الهدىالسيد المرتضىرحمه الله، وقد طبع في ايران
سنة 1311ه .
11. تمهيد الاصول، وهو شرح كتاب جمل العلم والعمل (103) لاستاذه الشريف المرتضى،ولميخرج منه الا شرح ما يتعلق بالاصول.
12. تهذيب الاحكام، في الحديث (104) وهو احد الكتب الاربعة والمجامع القديمة المعولعليها عند الامامية من تاريخ تاليفها وحتى
اليوم، وقد استخرجه الشيخ الطوسي منالاصول المعتمدة للقدماء، وللتهذيب شروح وحواشى عديدة، ذكر منها الشيخ الطهراني
ستةعشر شرحا وعشرين حاشية مع ذكر اسماء مؤلفيها.
13. الجمل والعقود، في العبادات (105) : وقد الفه بطلب من القاضي الشيخ عبدالعزيزبننحريربن عبدالعزيزبن البراج قاضي طرابلس
(ت 481ه ).
14. الخلاف، في الاحكام (106) ويقال له: مسائل الخلاف وقد ناظر فيه المخالفين جميعا،وذكر آراء كل مذهب ثم بين الصحيح منها.
15. رياضة العقول، وقدشرح فيه المقدمة في المدخل الى علم الكلام (107) .
16. شرح الشرح في الاصول (108) وقد صنفه في آخر ايام حياته، وفيه يقول تلميذهالحسنبن مهدي السليقي: «كتاب مبسوط، املى
علينا منه شيئا صالحا، وماترحمه الله ولميتمه».
17. العدة في الاصول (109) وقدقسمه الى قسمين: الاول في اصول الدين والثاني في اصولالفقه، وهو ابسط ماالف في هذا الفن عند
القدماء.
18. الغيبة في غيبة الامام الحجة المهدي المنتظرعليه السلام (110) وقدكتبه الطوسي في سنة سبعواربعين واربعمائة.
19. الفرق بين النبي والامام، في علم الكلام، وقدذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.
20. الفهرست في تراجم اصحاب الكتب والاصول (111) ، وقد شرحه العلامة المحقق الشيخسليمان الماحوزي (ت 1121ه ) وسماه
معراج الكمال الى معرفة الرجال.
21. مالايسع المكلف الاخلال به، في علم الكلام (112) ، وقدذكره الشيخ الطوسي فيالفهرست.
22. مايعلل ومالايعلل، في علم الكلام (113) ، وقدذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.
23. المبسوط، في الفقه ويشتمل على نحو سبعين بابا من ابواب الفقه، وقدطبع في ايرانسنة 1270ه (114) .
24. مختصر اخبار المختاربن ابي عبيدة الثقي ويعبر عنه باخبار المختار (115) .
25. مختصر المصباح في الادعية والعبادات، ويقال له: المصباح الصغير، وقداختصر فيهكتابه الكبير مصباح المتهجد (116) .
26. مختصر في عمل يوم وليلة: في العبادات، وقدذكره الشيخ الطوسي في الفهرست،وقداقتصر فيه على الفرائض والنوافل وبعض
التعقيبات في غاية الاختصار.
27. مسالة في الاحوال، وقدذكرها الشيخ الطوسي في الفهرست ووصفها بانها: «مليحة».
28. مسالة في تحريم الفقاع، وقدذكرها الشيخ الطوسي في الفهرست.
29. مسالة في العمل بخبر الواحد وبيان حجيته (117) .
30. مسائل في وجوب الجزية على اليهود والمنتمين الى الجبابرة.
31. مسائل ابن البراج، وقدذكرها في الفهرست.
32. المسائل الالياسية، وهي مائة مسالة في فنون مختلفة (118) ، وقدذكرها الطوسي فيالفهرست.
33. المسائل الحنبلائية في الفقة، وهي اربع وعشرون مسالة (119) ، وقدذكرها الطوسي فيالفهرست.
34. المسائل الحائرية، وهي نحو من ثلثمائة مسالة في الفقه (120) .
35. المسائل الحلبية في الفقه (121) .
36. المسائل الدمشقية، وهي اثنتي عشرة مسالة، في تفسير القرآن (122) وقدذكرها فيالفهرست.
37. المسائل الرازية وهي خمسعشرة مسالة في الوعيد (123) وردت من الري الى استاذهالسيد المرتضى فاجاب عنها، واجاب عنها
الشيخ الطوسي ايضا، وذكرها في الفهرست.
38. المسائل الرجبية في التفسير، وقدذكرها الطوسي في الفهرست، وقال بانها لميصنفمثلها.
39. المسائل القمية (124) .
40. مصباح المتهجد من اعمال السنة والادعية والزيارات (125) وقدطبع في طهران سنة1338ه .
41. المفصح في الامامة: وتوجد منه نسخة «مكتبة راجه فيضآباد» في الهند (126) .
42. مقتل الحسينعليه السلام وقدذكره الطوسي في الفهرست.
43. مقدمة في المدخل الى علم الكلام، وقدذكرها الشيخ الطوسي في الفهرست ووصفهافيه بقوله: لميعمل مثلها (127) .
44. مناسك الحج في مجرد العمل، وقدذكرها الطوسي في الفهرست.
45. النقض على ابن شاذان في مسالة الغار، وقدذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.
46. النهاية في مجرد الفقه والفتوى (128) .
47. هداية المسترشد وبصيرة المتعبد في الادعية والعبادات، وقدذكره الطوسي فيالفهرست.
هذا وقدعثرنا على نموذج بخط الشيخ الطوسي، فصورناه كما في نموذج رقم (1) وهومن كتاب الطهارة من التهذيب والموجود
حاليا في مكتبة المرحوم آية الله العلامةمحمدحسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان.
كما وعثرنا ايضا على نموذج آخر بخط الشيخ الطوسي كتبه في الصفحة الاولى منالجزء الثالث من كتاب التبيان، واصله مخطوط
في المكتبة العامة لآية الله العظمى السيدشهابالدين النجفي المرعشي في مدينة قم بايران، وكما هو مبين في النموذج رقم (2).
الشيخ الطوسي وزعامته الفكرية للامامية
بعد وفاة الشريف المرتضى عام 436ه استقل الشيخ الطوسي بالزعامة الدينيةللمذهب الشيعي الامامي، واصبح علما من اعلام
الامامية وزعيما لهم، وكانت داره فيالكرخ ببغداد ماوى الامة ومقصد الوفاد يؤمونها لحل مشاكلهم وايضاح مسائلهم (129) ;
ولقببالامام، وهو اسمى الالقاب العلمية عند الشيعة الامامية، وقدتقاطر العلماء للحضور تحتمنبره حتى بلغ عدد تلاميذه اكثر من
ثلاثمائة من مختلف المذاهب الاسلامية (130) .
وقدادرك العباسيون مكانة الشيخ الطوسي العلمية فقام الخليفة العباسي القائم بامر الله (131) (422 - 467ه ) بمنح شيخنا كرسي
الكلام، وكان هذا الكرسي لايعطى الا لرئيس علماءوقته (132) وقدحصل عليه الشيخ الطوسي رغم الاختلاف المذهبي القائم بينه
وبين الخليفةالعباسي، ممايؤكد علو كعب الشيخ في بغداد، وعدم وجود من يصلح له غيره، ولا حتى منيدانيه في العلم والمعرفة،
الامر الذي اضطر معه القائم بامر الله ان يمنح الكرسي العلميلواحد من علماء الشيعة وفقهائها، ولميرق لحساد الطوسي ومخالفيه
ان يتربع على كرسيالكلام، فاثار ذلك حسدهم فوشوا به الى الخليفة بتهمة شتم الصحابة وسبهم في كتابهالمصباح،فى زيارة
عاشوراء حيثيقول فيها:
«اللهم خص انت اول ظالم باللعن مني وابدا به اولا ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع والعنيزيد خامسا» (133) .
فارسل عليه الخليفة واستجوبه عنها، فنفى عن نفسه التهمة قائلا:
المراد باول ظالم قابيل قاتل هابيل، وهو اول من بدا بالقتل وسنه، والمراد بالثانيعاقرناقة صالح، واسمه قيدار بن سالف، والثالث
قاتل يحيىبن زكريا، وبالرابععبدالرحمنبن ملجم قاتل عليعليه السلام (134) .
فاقتنع الخليفة بالجواب واكرم الشيخ الطوسي، وانتقم ممن سعى به (135) .
ولميكن شيخنا الطوسي اول من اتهم من علماء الامامية بشتم الصحابة وسبهم، بل هيورقة طالما لعب بها اعداء التشيع لخلق
الفتن واثارة المشاكل والمتاعب لعلماء الشيعةوفقهائها، وظلت مثل هذه الاساليب تستغل وتفتعل حتى بلغت المحنة اشدها عندما
دخلالسلاجقة بغداد عام 447ه ، فاستفحلت المشاكل، وثارت القلاقل، وحدثت الفتن بينجهلة الشيعة والسنة (136) ، وامتدت لتصبح
دار الطوسي ومكتبته ضحية لها، حيث كبست داره،ونهبت واحرقت، كما واحرقت كتبه وآثاره ودفاتره مرات عديدة وبمحضر من
الناس، (137) واحرق كرسي التدريس الذي منحه الخليفة القائم له (138) .
وقدكتب الشيخ الطوسي اكثر مؤلفاته اثناء زعامته للمذهب الامامي، حيث كتب العدةفي اصول الفقه، وقدتعرض فيه لآراء من سبقه
في هذا العلم، وقفز به الى مرحلة متطورةمن مراحل التكامل والنضج دون ان يقلد في ذلك احدا، وانما كان مجتهدا مبدعا فيكل
ماطرحه من المسائل في هذا الكتاب، اذا لميصنف مثله قبله في غاية البسط والتحقيق (139) .
واقر فيه حجية خبر الآحاد بعد ان ابطل العمل بها استاذه الشريف المرتضى، مما يدلعلى ثقة الشيخ الطوسي بنفسه واصالة
تفكيره، ثم الف بعد العدة كتابه الآخر والموسومبالمقدمة الى علم الكلام حيث فرغ منه في رجب سنة اربع واربعين واربعمائة في
مدينةالسلام (140) .
ثم الف الشيخ الطوسي بعد ذلك المصباح الكبير وكان المقصود من هذا الكتاب مجردالعمل وذكر الادعية (141) .
وقداكثر الشيخ الطوسي من التاليف في هذه الفترة، حيث كتب المبسوط في الفقه، وهومن اهم الكتب الفقهية، اذ اشتمل على
ثمانين كتابا، فيه فروع الفقه كلها (142) ، ويعتبر كتابالمبسوط تحولا كبيرا في هذا المجال، يشبه التحول الذي احدثه كتاب العدة في
مجالالاصول، حيث كان الشيخ قدبلغ قمة النضوج الفكري، فكان مجتهدا في آرائه التي طرحهافي كتابه الجديد، ومن ذلك
استدلاله بالادلة العقلية والبراهين القطعية وتجدد الراي فيالمجتهدين (143) ، وبذلك يكون الشيخ الطوسي قدقفزة كبيرة في هذا
المضمار، بعد ان كان كتابهالنهاية لايعدو كونه محاولة لتجميع الروايات الفقهية، فلنستمع اليه وهو يقول:
وكنت عملت على قديم الوقت كتاب النهاية، وذكرت فيه جميع مارواه اصحابنا فيمصنفاتهم من المسائل، وفرقوه في كتبهم،
ورتبته ترتيب الفقه (144) .
ويظهر من خلال النقلة التى اوجدها كتاب المبسوط ان شيخنا الطوسي كان صاحبمدرسة فقهية استطاعت ان تسهم في دفع
الفقه الامامي الى الامام وتطويره، حيث العمقوالاصالة والاتساع، ويعتبر كتاب المبسوط آخر كتب الفقه التي الفها الشيخ الطوسي،
وبهذايشير ابن ادريس حين يقول:
وهذا الكتاب آخر ماصنفه شيخنا ابو جعفر في الفقه، فانه بعد النهاية والتهذيب والاستبصاروالجمل والعقود ومسائل الخلاف (145) .
كما كتب الشيخ الطوسي كتابا قيما في الفقه المقارن حمل اسم الخلاف او مسائلالخلاف مع الكل في الفقه وكانت اجواء الانفتاح
في بغداد هي التي دفعت الشيخ الطوسيلكتابة هذا الكتاب، حيث كانت المناضرة والجدل والحوار سمة من سمات الحركة
العلميةفي بغداد آنذاك، وبذلك فان كتاب الخلاف قدتضمن الكثير من آراء المذاهب الاسلاميةاضافة الى مااجتمعت عليه الفرقة -
الامامية - من مسائل الدين (146) .
وفي مسائل الخلاف مع الكل في الفقه تالق نجم الشيخ الطوسي في دنيا الاجتهاد، حيثكان يناقش الآراء، وينتقدها مستندا الى
الادلة العلمية، وقدبين ذلك في مقدمة كتابه اذيقول:
وذكر مذهب كل مخالف على التعيين وبيان الصحيح منه وماينبغي ان يعتقد، وان اقرنكل مسالة بدليل نحتجبه على من خالفنا
موجب للعلم من ظاهر قرآن او سنة مقطوع بهااو اجماع او دليل خطاب او استصحاب حال - على مايذهب اليه كثير من اصحابنا -
اودلالة اصل او محتوى خطاب (147) .
ومما الف الشيخ الطوسي - ابان زعامته الفكرية للامامية واثناء اقامته في بغداد، و التيدامت اثنتي عشرة سنة من 436ه والى سنة
448ه كتاب المفصح في الامامة والغيبةوالايجاز في الفرائض والاقتصاد والجمل والعقود كما لايستبعد ضياع بعض آخر بسبب
الفتنوالاضطرابات التي عصفتببغداد بعد دخول السلاجقة اليها عام 447ه ، الامر الذي اضطرمعه الشيخ الطوسي للهجرة الى
مدينة النجف الاشرف; ليرسي هناك دعائم مدرسته الجديدةفيها، والتي كتب لها ان تكون من اهم الجامعات الاسلامية في العالم
والى يومنا هذا.
الشيخ الطوسي ومدرسته في النجف الاشرف
عادر الشيخ الطوسي بغداد مرغما، وتوجه صوب مدينة النجف، حيث قبراميرالمؤمنين عليبن ابيطالبعليه السلام، وقددخل
المدينة عام 448ه ، ويبدو ان اختيار الشيخالطوسي مدينة النجف الاشرف; لان تكون مستقرا له كان له مرجحات عديدة منها:
1. وجود نواة لحركة علمية في تلك المدينة، قدتسد فراغا بعد بغداد، فيجد فيها الشيخالطوسي بديلا عن مدرسته في دار السلام.
2. وقوع النجف الاشرف على مقربة من الكوفة والتي هي موطن التشيع، حيثسيجدالشيخ الطوسي فيها قاعدة جماهيرية
تتجاوب مع افكاره ومتبنياته ووجهات نظرهالمذهبية، وبالتالي سوف لن يواجه مشكلة اخرى كتلك التي عانى منها كثيرا في
بغدادبسبب الخلافات المذهبية.
3. الموقع الجغرافي لمدينة النجف الاشرف، وبعدها عن مركز الاحداث المتفاقمة عنالعاصمة بغداد يؤهلها لان تكون مكانا آمنا
خاصة لاولئك الذين صاروا وقودا للفتنة،وسلطت عليهم الاضواء، واصبحوا تحت المراقبة.
كل هذه الامور حفزت الشيخ الطوسي لان يختار مدينة النجف الاشرف مكانالاستقراره، وفعلا فقدكان اختياره صائبا، حيث
استطاع ان يخلق من تلك المدينة مدرسةعلمية كبرى يؤمها الناس من شتى انحاء الدنيا.
وقدبقي الشيخ الطوسي في مدينة النجف الاشرف اثني عشر عاما منذ ان نزلها عام448ه وحتى وفاته فيها سنة 460ه ، ولازال بيته
موجودا فيها، وقدتحول فيما بعد الىمسجد يحمل اسم الشيخ الطوسي، ويقع شمال ضريح الامام عليعليه السلام وعلى مقربة منه
فيالجهة اليسرى من شارع يحمل اسم الشيخ الطوسي ايضا.
يعود تاريخ الحركة العلمية في النجف الاشرف الى نهاية القرن الثاني الهجري، وبعدبناء مدينة بغداد على وجه التحديد، حيثشيد
الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور عاصمتهالجديدة على نهر دجلة في النصف الثاني من القرن الهجري الثاني (148) واتخذها عاصمة
له،فاستقطبت تلك المدينة الحديثة علماء الكوفة وفقهاءها، ونزلوا بها، وتبعهم بذلك جمع منطلبة العلوم، مما اضعف مدرسة
الكوفة، وقدتزامن ذلك مع بدء الحركة العمرانية في النجفالاشرف وتشييد مدرستها، فانتقلت البقية الباقية من مدرسة الكوفة
اليها وعند ذلكاستوعبت النجف كلما كان في الكوفة (149) .
وفي نفس الوقت ايضا امر الداعي الصغير محمدبن زيدبن محمد العلوي (150) وكان يؤمهاملكا لطبرستان بان يبني في النجف
الاشرف قبة وحائطا وحصنا فيه سبعون طاقا (151) وهيعلى هيئة غرف ليسكن بها طلاب العلوم، كما وانه قد وردت اشارات اخرى
تؤكد وجودحركة علمية في النجف الاشرف قبل وصول الشيخ الطوسي اليها، حيثيقول صاحبكتاب فرحة الغري:
بان عضد الدولة البويهي (367 - 372ه ) كان قدزار النجف الاشرف عام 371ه ،وطرح في ضريح الامام عليعليه السلام دراهم،
فاصاب كل واحد منهم واحدا وعشريندرهما، وكان عدد العلويين الفا وسبعمائة اسم، وفرق على المجاورين وغيرهمخمسمائة الف
درهم، وعلى الفقراء والفقهاء ثلاثة آلاف درهم (152) .
وقد بنى عضد الدولة الرواق العلوي في النجف الاشرف، والى هذا البناء يشير صاحبكتاب تاريخ الجامعات فيقول:
اصبحت مدينة النجف عاصمة التدريس للفقه الجعفري وعلوم الدين منذ عصر آل بويهبعد اعمارهم المرقد العلوي واجزالهم
الصلات والرواتب للمقيمين به (153) .
بالاضافة الى ماتقدم فان هناك بعض الاسر العلمية المعروفة، كانت قدسكنت ارضالنجف الاشرف في القرن الهجري الرابع، وقبل
وصول الشيخ الطوسي لمدينة النجف، ومنتلك الاسر:
(آل شهريار)، وهم من البيوت النجفية الذين خدموا العلم والدين خدمة جليلة، وقضوا اياما عديدة في السدانة العلوية (154) .
وقدنبغ من تلك الاسرة السيد شريفالدين المعروف بابن سدرة المتوفى سنة 308،واحمدبن عبدالملك الغروي (155) الذي كان
معاصرا للشيخ المفيد (156) .
بالاضافة لذلك فقدسكن النجف عدد من العلماء المشهورين قبل هجرة الشيخ الطوسياليها، ومن اولئك العلماء ابوغالب احمدبن
محمدبن سليمان الشيباني الزراري المتوفى سنة268، حيث كان مقيما في مدينة النجف الاشرف، والزراري هذا من افاضل
الثقاةوالمحدثين وشيخ علماء عصره واستاذهم، وله مؤلفات عديدة منها: كتاب التاريخ وآدابالسفر، والافضال، ومناسك الحج،
ورسالة في ذكر آل اعين (157) .
من كل ماتقدم يستنتج الباحث ان الشيخ الطوسي كان قدوصل النجف، وفيها بذرةعلمية وحركة دراسية، استطاع ان يطورها;
ليجعل بذلك مدينة النجف الاشرف مثابةالعلماء ومحط الفقهاء و منتجع الافاضل (158) ; وليتخرج منها.
خلال القرون المتطاولة مايعد بالآلاف من اساطين الدين واعاظم الفقهاء وكبارالفلاسفة ونوابغ المتكلمين وافاضل المفسرين،
واجلاء اللغويين وغيرهم ممن خبرالعلوم الاسلامية بانواعها (159) .
ويبدو ان الشيخ الطوسي كان قد انشا مدرسته الجديدة في النجف الاشرف كما يحب،وكما كان يتمنى مستفيدا من تجربته
الطويلة في بغداد ومدارسها، ومستثمرا الجو الهادئالذي كانت تنعم به هذه المدينة بسبب بعدها عن مسارح الاحداث والتيارات
السياسيةالمتصارعة، فقصر الدراسة في مدرسته الحديثة على مذهب اهل البيت(ع) فقط ليعطيهمايستحقه من الدرس والبحث
والتوسعة والاستقصاء، ولذلك كثف جهوده في هذا المجال،وظل ملازما لحلقات التدريس حتى آخر سني حياته، وفي ذلك يقول
تلميذه ابن شهريارابو عبدالله محمدبن احمد الخازن:
حدثنا الشيخ ابو جعفر محمدبن الحسنبن علي الطوسي رحمهالله بالمشهد المقدسالغروي، وعلى ساكنه افضل الصلوات في شهر
رمضان من سنة ثمان وخمسينواربعمائة (160) .
ولعل انشغال الشيخ الطوسي بالتدريس وعمله المتواصل في بناء وتطوير مدرستهالجديدة كان السبب وراء الانتاج الفكري للشيخ
وقلة التاليف عنده، اذا انه لميكتب غيرالامالي واختيار الرجال وشرح الشرح رغم انه عاش اثني عشر عاما في النجف الاشرف(448 -
460ه ) منذ هجرته اليها وحتى وفاتهرحمه الله فيها.
وقدانفردت مدرسة الشيخ الطوسي في النجف بمميزات خاصة منها:
1. انها احادية الاتجاه، حيث كان مذهب اهل البيت هو المادة الاساسية في تلكالمدرسة، بعد ان كانت مدرسته في بغداد تشتمل
على اكثر من اتجاه من مختلف المذاهبالاسلامية; ولعل هذا يعود الى اسباب عدة منها: انعدام التنافس المذهبي والصراع
الفكري;لان سكان النجف وطلبتها كلهم من المنتمين لمذهب اهل البيت.
ثم خلو النجف الاشرف من العلماء الكبار الذين كان يجد امثالهم في مدارس بغداد،والذين كانوا يشكلون عنصر التحدي الذي
لايملك الشيخ الطوسي امامه الا الدفاع عن كلشبهة، او الرد على اي راي لايعتقد بصوابه، وذلك من خلال المناظرات وحلقات
الجدلوالحوار التي كانت تزخر بها بغداد ومدارسها، بالاضافة الى ذلك فان ابتعاد النجف الاشرفعن مركز الخلافة ساهم الى حد
بعيد في خلق اجواء هادئة قليلة التاثر بالمنازعاتوالصراعات السياسية التي كانت لها انعكاساتها المباشرة على الآراء المذهبية.
2. ومما امتازت به مدرسة النجف الاشرف الجديدة كونها تسير ضمن حلقات دراسيةخاصة، يجتمع فيها الشيخ بتلاميذه، ويملي
عليهم معارفه في التفسير والحديث وعلمالرجال والفقه والاصول، وهو مالم تشهد مثيله الدراسة من قبل، ولعل كتاب الامالي
للشيخالطوسي يعطينا صورة واضحة عن سير تلك الدراسة، حيث تضمن الكتاب موضوعاتمختلفة في شتى العلوم والفنون
الاسلامية.
3. كان الشيخ الطوسي يلقي دروسه بمشهد الامام عليعليه السلام، وبذلك اصبحت مدرستهمتصلة اتصالا وثيقا بالمسجد، وليست
من المدارس المستقلة عن الجوامع (161) كما هو الحالفي مدارس بغداد، وقدظلت هذه الميزة قائمة الى يومنا هذا لتصبح تقليدا
خاصا بمدرسةالنجف الاشرف وحوزتها العلمية على غرار الحوزة التي انشاها الشيخ الطوسي قبلمايقرب من الف عام، والتي صارت
فيما بعد شجرة مباركة تؤتي اكلها كل حين علماء وكتاباوفقهاء وادباء وخطباء وشعراء، ساهموا في اغناء المكتبة الاسلامية والانسانية،
وتركواآثارهم وبصماتهم واضحة على كل مجتمع عاشوا فيه.
اولاده
خلف الشيخ الطوسي ولده الشيخ ابا علي الحسنبن ابي جعفر محمد الطوسي، وقدخلف اباه في العلم والعمل والتدريس والفتيا
والقاء الحديث، وكان من مشاهير رجال العلموكبار رواة الحديث، قرا على والده جميع تصانيفه (162) .
واجازه والده في النجف سنة 445ه . وقدكان عالما فاضلا فقيها محدثا جليلا ثقة (163) .
تتلمذ عليه جماعة كثيرة من اعيان الافاضل، واليه ينتهي كثير من طرق الاجازات الىالمؤلفات القديمة والروايات (164) .
كما وخلف الشيخ الطوسي ابنتين كانتا عالمتين من اهل الرواية والدراية، اجازلهما ابوهما الشيخ الطوسي رواية ماصنف (165) .
وفاة الشيخ الطوسي
تباينت الروايات في تحديد سنة وفاة الشيخ الطوسي، فرواية تقول: «انه توفي سنة458ه» (166) ، واخرى تقول: «ان سنة وفاته كانت
459ه» (167) ، وثالثة تقول: «ان الشيخ الطوسيتوفي عام 460ه» (168) ; ويبدو ان الرواية الثالثة هي اصدق الروايات وادقها; لان
المعروفعن الشيخ الطوسي انه بقي بعد وفاة استاذه الشريف المرتضى اربعة وعشرين عاما (169) ،وحيث ان الشريف المرتضى كان
قدتوفي سنة 436ه ، فهذا يعني ان وفاة الشيخ الطوسيكانت في سنة 460ه ، باضافة اربعة وعشرين سنة عاشها بعده، وبهذا يكون
الشيخ الطوسيقدعمر خمسة وسبعين عاما من عام 385ه وحتى عام 460ه ، والذي يؤكد هذه الروايةايضا هو اقامة الشيخ الطوسي
مدة اثنتي عشرة سنة في النجف من 448 الى سنة 460ه (170) .
وكما اختلف الرواة في تعيين عام وفاته، فانهم اختلفوا ايضا في تحديد يوم وفاته،فمنهم من يقول: «انها كانت في ليلة الثاني عشر من
المحرم (171) »، بينما يقول غيرهم: «انهاكانت في الثاني والعشرين منه (172) »، وقدتولى غسل الشيخ ودفنه جماعة من خيار تلاميذه،
حيثيقول الحسنبن مهدي السليقي:
توليت انا والشيخ ابو محمد الحسنين عبدالواحد العين زربي والشيخ ابو الحسناللؤلؤي غسله في تلك الليلة ودفنه (173) .
وقددفن في الموضع المعروف اليوم، وهو بيته (174) الذي تحول فيما بعد الى مسجد اطلقعليه اسم مسجد الشيخ الطوسي، والذي
اصبح من المزارات المعروفة (175) ، اضافة الى كونهمدرسة يدرس فيها طلبة العلوم الدينية في حوزة النجف الاشرف ضمن حلقات
خاصةمختلف العلوم الاسلامية، وقبر الشيخ الطوسي يتوسط المسجد (176) ، ويرتفع عن سطح الارضحوالي متر واحد، وعلى جدار
المسجد الذي يرقد فيه شيخنا الطوسي كتبت ابيات منالشعر، تؤكد ان وفاة الشيخ كانتسنة 460ه ، والابيات هي:
يامرقد الطوسي فيك قدانطوى.
محيي العلوم فكنت اطيب مرقد.
بك شيخ طائفة الدعاة الى الهدى.
ومجمع الاحكام بعد تبدد.
اودى بشهر محرم فاضافه.
حزنا بفاجع رزئه المتجدد.
وبكى له الشرع الشريف مؤرخا.
(ابكى الهدى والدين فقد محمد) (177) .
ويقع قبر الشيخ الطوسي في محلة المشراق، وهي اقدم محلة في مدينة النجفالاشرف.
تعليقات:
1) البحراني، لؤلؤة البحرين، ص593; الاسترابادي، منهج المقال، ص292; القمي، سفينة البحار، ج2، ص97;الصدر، تاسيس الشيعة،
ص267; كحالة، معجم المؤلفين، ج9، ص202; المامقاني، تنقيح المقال، ج3، ص104.
2) بحر العلوم، دليل القضاء الشرعي، ج3، ص177; كحالة، معجم المؤلفين، ج9، ص202. الطاهر، الشعرالعربي،ج1ص66.
3) طوس، واليها ينسب الشيخ الطوسي، وهي مدينة بخراسان تشتمل على بلدتين يقال لاحدهما: الطابرانوللاخرى نوقان، ولهما
اكثر من الف قرية، وفيها قبر الامام علي بن موسىالرضاعليه السلام وقبر الخليفة العباسيهارون الرشيد; انظر البغدادي، مراصد
الاطلاع، ج2، ص897; والقزويني، آثار البلاد، ص411; والطريحي،جامع المقال، ص165; و الامين، دائرة المعارف الاسلامية الشيعية،
ج12، ص143.
4) الطهراني، مقدمة التبيان، ج1، ص7.
5) نفس المصدر.
6) ابن الاثير، اللباب، ج2، ص93.
7) الامين، دائرة المعارف الاسلامية الشيعية، ج12، ص300.
8) بحر العلوم، مقدمة الامالي للشيخ الطوسي، ج1، ص4.
9) الطهراني، الذريعة، ج2، ص14; بحر العلوم، موسوعة العتبات، ج2، ص23.
10) بحر العلوم، مقدمة الامالي، ج1، ص4.
11) ابن كثير، البداية والنهاية، ج12، ص15.
12) الحلي، خلاصة الاقوال في معرفة احوال الرجال، ص73.
13) المجلسي، الوجيزة، ص163.
14) بحر العلوم، الرجال، ج3، ص227.
15) محمدعلى الاردبيلي، جامع الرواة، ج2، ص95، ط طهران 1334.
16) ابن كثير، البداية والنهاية، ج12، ص97.
17) ابن الحوزي، المنتظم، ج8، ص17.
18) انظر الكامل لابن الاثير، في حوادث 449ه.
19) انظر لسان الميزان، ج5، ص135.
20) انظر البداية والنهاية، ج12، ص7.
21) انظر المتنظم، ج8، ص173، 179.
22) انظر طبقات الشافعية، ج12، ص51.
23) انظر كتاب الامام الصادق، ص260، 448.
24) انظر مجلة الاسلام القاهرية، العدد الاول، السنة السابعة، ص40.
25) انظر رجال النجاشي، ص287.
26) انظر خلاصة الاقوال في معرفة احوال الرجال، ص73.
27) انظر الوجيزة، ص163.
28) انظر لؤلؤة البحرين، ص245.
29) انظر وصول الاخيار، ص71.
30) انظر مستدرك الوسائل، ج3، ص505.
31) انظر روضات الجنات، ص580.
32) انظر نهج المقال.
33) انظر معالم العلماء، ص114.
34) انظر منتهى المقال، ص269.
35) انظر تاسيس الشيعة، ص339.
36) الاميني، مصادر الدارسة عن الشيخ الطوسى، ط نجف.
37) انظر الطهراني، مقدمة تفسير التبيان، ج1، ص38 ومابعدها.
38) الطوسي، الرجال، ص45، النجف.
39) نفس المصدر.
40) الطهراني، مقدمة التبيان، ج1، ص38 ومابعدها; وانظر السيد بحر العلوم، مقدمة الامالي، ج1، ص20 - 23;ومقدمة رجال
الطوسي، ط نجف.
41) الطهراني، مقدمة التبيان، ج1، ص39.
42) الخطيب، تاريخ بغداد، ج7، ص425.
43) الحموي، معجم الادباء، ج14، ص110 - 124.
44) الخطيب، تاريخ بغداد، ج3، ص331.
45) الطوسي، الرجال، ص452.
46) اسد حيدر، الامام الصادق، ج2، ص317; و انظر القمي، الكنى والالقاب، ج2، ص363.
47) المامقاني، تنقيح المقال فى احوال الرجال، ج1، ص194.
48) الطهراني، مقدمة تفسير التبيان، ج1، ص42 ومابعدها; وبحر العلوم، مقدمة امالي الشيخ الطوسي، ص24 ومابعدها، ومقدمة
الفهرست.
49) العماد الطبري، بشارة المصطفى، ص79.
50) السيد بحر العلوم، مقدمة الامالي للطوسي، ج1، ص4.
51) ابن كثير، البداية والنهاية، ج12، ص15.
52) ابن العماد، شذرات الذهب، ج3، ص199.
53) ابن حجر، لسان الميزان، ج5، ص368.
54) الذهبي، تاريخ دول الاسلام، ج1، ص180.
55) ابن النديم، الفهرست، ص266.
56) ابو حيان، الامتاع والمؤانسة، ج1، ص141.
57) اليافعي، مرآة الجنان، حوادث سنة 413ه.
58) ابن الجوزي، المنتصم، ج8، ص11.
59) بحر العلوم، مقدمة امالي الطوسي، ج1، ص6.
60) السبكي، طبقات الشافعية، ج4، ص127.
61) ابن كثير، البداية والنهاية، ج12، ص15.
62) ابن الجوزي، المنتظم، ج8، ص120; الخطيب، تاريخ بغداد، ج11، ص402.
63) النوري، مستدرك الوسائل، ج3، ص516; ابن عتبة، عمده الطالب، ص194.
64) النوري، مستدرك الوسائل، ج3، ص16.
65) النجاشي، الرجال، ص206.
66) الطوسي، الرجال، ص485.
67) البحراني، لؤلؤة البحرين، ص259.
68) الخوانساري، روضات الجنات، ص383; البحراني، لؤلؤة البحرين، ص317.
69) ابن كثير، البداية والنهاية، ج12، ص53.
70) ابوالفداء، المختصر، ج27، ص155; الخطيب، تاريخ بغداد، ج11، ص113.
71) الطوسي، تلخيص الشافي، ص479.
72) الطوسي، الرجال، ص485.
73) الطوسي، الفهرست، ص29.
74) الطوسي، الفهرست، ص6.
75) السيد بحر العلوم، مقدمة امالي الطوسي، ج1، ص9.
76) الباخرزي، دمية القصر، ص75.
77) ابن ادريس، السرائر، ص2.
78) نفس المصدر.
79) الطوسي، العدة، ص51.
80) الخطيب، تاريخ بغداد، ج14، ص75.
81) انظر نفس المصدر، ج3، ص32.
82) الطهراني، مصفى المقال، ص28; الطوسي، الرجال، ص450.
83) اليافعي، مرآة الجنان، ج3، ص44.
84) الطوسي، الامالي، ج1، ص24 - 30.
85) محمد كردعلي، خطط الشام، ج6، ص185.
86) ابن عتبة، عمدة الطالب، ص195.
87) ابن كثير، البداية والنهاية، ج12، ص15.
88) نفسالمصدر، ج12، ص53.
89) فياض، محاضرات عن الشعر الفارسي، ص97.
90) منتصر، تاريخ العلم، ص72.
91) ابنداود، الرجال، ق1، ص306.
92) الشهيد الاول، كتاب الاربعين حديثا، ص182.
93) انظر الطهراني، الذريعة الى تصانيف الشيعة، ج1، ص73 و ج10، ص120، مادة(الرجال).
94) الطهراني، الذريعة، ج1، ص365 - 366.
95) نفس المصدر، ج2، ص14 - 16.
96) نفس المصدر، ج2، ص198.
97) نفس المصدر، ج2، ص269 - 270.
98) الطهراني، الذريعة الى تصانيف الشيعة، ج2، ص309 - 311، ص313 - 314.
99) نفس المصدر، ج2، ص368.
100) نفس المصدر، ج2، ص364 و 486.
101) نفس المصدر، ج3، ص328 - 331، ج4، ص266 - 267.
102) نفس المصدر، ج4، ص423.
103) نفس المصدر، ج4، ص433.
104) نفس المصدر، ج4، ص504 - 507.
105) نفس المصدر، ج5، ص145.
106) نفس المصدر، ج7، ص235 - 236.
107) نفس المصدر، ج11، ص340.
108) نفس المصدر، ج13، ص332.
109) نفس المصدر، ج15، ص227.
110) نفس المصدر، ج16، ص79.
111) نفس المصدر، ج16، ص384.
112) نفس المصدر، ج19، ص25 - 26.
113) نفس المصدر، ج19، ص36.
114) نفس المصدر، ج19، ص54 - 55.
115) نفس المصدر، ج1، ص348، مادة (اخبار المختار).
116) نفس المصدر، ج8، ص176، مادة (الدعاء).
117) نفس المصدر، ج6، ص270 مادة حجية الاخبار).
118) نفس المصدر، ج5، ص214، مادة (جوابات).
119) نفس المصدر، ج5، ص218، مادة (جوابات).
120) نفس المصدر، ج5، ص218، مادة (جوابات).
121) نفس المصدر، ج5، ص219، مادة (جوابات).
122) نفس المصدر، ص220، مادة (جوابات).
123) نفس المصدر، ص221، مادة (جوابات).
124) نفس المصدر، ص230، مادة (جوابات).
125) نفس المصدر، ج8، ص175 - 176، مادة الدعاء.
126) الطهراني، مقدمة التبيان، ج1، ص34.
127) الطهراني، الذريعة، ج5، ص277.
128) الطهراني، الذريعة، ج4، ص143.
129) بحر العلوم، مقدمة الامالي للشيخ الطوسي، ج1، ص10.
130) اسد حيدر، الامام الصادق، ج2، ص317; القمي، الكنى والالقاب، ج2، ص363.
131) القائم بامر الله هو عبداللهبن القادر بالله احمد.
132) هروي، حديقة الرضوية، ص19.
133) المامقاني، تنقيح المقال، ج3، ص105; التستري، مجالس المؤمنين، ص201.
134) البحراني، الدرة البهية، ورقة 6 آ، ب; التستري، مجالس المؤمنين، ص201.
135) نفس المصدر.
136) بحر العلوم، مقدمة الامالي، ج1، ص10.
137) السبكي، طبقات الشافعية، ج4، ص127.
138) ابن الجوزي، المنتظم، ج8، ص173.
139) الصدر، الشيعة وفنون الاسلام، ص57.
140) الطوسي، مصباح المتهجد، ص2.
141) نفس المصدر، ص2.
142) الطوسي، الفهرست، ص189.
143) سيد شفيع، الروضة البهية، ص185.
144) الطوسي، المبسوط، ص3.
145) ابن ادريس، السرائر، باب في ذكر الانفال ومن يستحقها.
146) بحر العلوم، الرجال، ج3، ص230.
147) الطوسي، الخلاف، ج1، ص2.
148) النجاشي، الرجال، ص31.
149) اليعقوبي، البلدان، ص41.
150) بحر العلوم،تحفة العالم، ج9، ص271.
151) البخاري، سر السلسلة العلوية، ص26; بحر العلوم، تحفة العالم، ج9، ص271.
152) ابن طاووس، فرحة الغري، ص114.
153) غنيمة، تاريخ الجامعات، ص49.
154) بحر العلوم، مقدمة الامالي، ج1، ص15.
155) حسن الامين، دائرة المعارف الاسلامية الشيعية، ج12، ص230.
156) محبوبة، ماضي النجف، ج2، ص404.
157) كحاله، معجم المؤلفين، ج2، ص108; الشيخ حبيبالله الكاشاني، لباب الالقاب، ص26.
158) مجلة رسالة الاسلام، السنة الخامسة، العدد 1، ص87، مقالة الدكتور حسين علي محفوظ.
159) بحر العلوم، مقدمة الامالي، ج1، ص14.
160) ابن طاووس، مهج الدعوات، ص218.
161) ناجي معروف، علماء النظاميات، ص141.
162) مستجب الدين، الفهرست، ص4.
163) الحر العاملي، امل الآمل، 461.
164) اسدالله التستري، مقابس الانوار، ص9.
165) كاشف الغطاء، الحصون المنيعة في طبقات الشيعة، ج1، ص328.
166) ابن شهر آشوب، معالم العلماء، ص102; الكنتوري، كشف الحجب، ص56.
167) الصفدي، الوافي بالوفيات، ج2ص349; زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، ج3، ص11.
168) بحر العلوم، موسوعة العتبات المقدسة، ج2، ص42.
169) نفس المصدر.
170) الطهرانى، مقدمة التبيان، ج1، ص45.
171) فنديك، اكتفاء القنوع بما هو مطبوع، ص181.
172) العلامة الحلي، الرجال، ص248; الخوانسارى، روضات الجنات، ص581; البحراني، لؤلؤة البحرين،ص293; الطهراني، مقدمة
التبيان، ج1، ص45.
173) العلامة الحلي، الرجال، ص148; البحراني، لؤلؤة البحرين، ص293.
174) الصدر، عيون الرجال، ص74; كمالالدين، فقهاء الفيحاء، ص81; سركيس، معجم المطبوعات، ج2،ص1248.
175) بحر العلوم، الرجال، ج3، ص239.
176) زرت قبر الشيخ الطوسي اكثر من مرة عند زيارتي لمدينة النجف الاشرف، آخرها كانت عام 1399ه .
177) البيتيؤرخ وفاة الشيخ الطوسي بسنة 460ه، انظر كتاب ضبط التاريخ بالاحرف، ص13، للشيخ جعفرالنقدي.
|