الفصل الثالث: الجانب الاثري في التبيان

تفسير القرآن بالقرآن

تشهد كتب التفسير القديمة والحديثة على ان هذا اللون من التفسير قد مارسه‏المفسرون القدامى والمحدثون، بل واعتبره العلماء اول الطرق في تفسير القرآن الكريم التي‏ينبغي للمفسر ان يسلكها وينتهجها عند اية محاولة تفسيرية لكتاب الله، وبذلك قالوا:

من اراد تفسير الكتاب العزيز يطلبه اولا من القرآن، فان اعياه ذلك طلبه من السنة، فانهاشارحة للقرآن وموضحة له (1) .

وكان رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله اول من عمد الى هذا السبيل، فانتهجه، حيث كان يستعين ببعض‏آيات القرآن الكريم ليشرح بها البعض الآخر، ومن ذلك تفسيره‏صلى الله عليه وآله للظلم في قوله تعالى:«ولم يلبسوا ايمانهم بظلم‏» (2) بالشرك، واستدل بقوله تعالى «ان الشرك لظلم عظيم‏» (3) .

وبهذا يكون رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله قد ارسى لمن بعده قواعد منهج تفسيري لايستغني عنه اي‏مفسر وعلى هذا النهج‏سار ائمة اهل البيت‏عليهم السلام، كما شهد عصر الصحابة مثل هذا اللون من‏التفسير، فيقول الذهبي:

«وهو يعني تفسير القرآن بالقرآن ماكان يرجع اليه الصحابة في تعرف بعض معاني‏القرآن (4) ».

وتذكر روايات عديدة ان عمربن الخطاب احضرت عنده امراة قد ولدت لستة اشهرفهم برجمها، فنهاه الامام علي‏عليه السلام عن ذلك، واوضح ان مدة حملها جاء وفق احكام القرآن،واستدل بهاتين الآيتين، فخلى سبيلها، فقال: «لولا علي لهلك عمر».

والى هذا اشار ابن‏كثير في تفسيره فقال في معنى قوله تعالى:

«وفصاله في عامين‏» ان جماعة من الصحابة استنبطوا ان اقل مدة للحمل ستة اشهر لقوله‏تعالى «وحمله وفصاله ثلاثون شهرا» (5) .

ويقول ابن‏عباس في تفسيره لقوله تعالى: «ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين‏».

بانهم كانوا امواتا في اصلاب آبائهم، او كانوا ترابا قبل ان يخلقوا فهي ميتة، ثم احياهافهذه احياءة، ثم يميتهم الميتة التي لابد منها في الدنيا وهي ميتة اخرى، ثم يحييهم‏ويبعثهم يوم القيامة، وهذه احياءة اخرى، وعلى هذا تحصل ميتتان وحياتان، فهو قول‏الله تعالى «كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون‏» (6) .

بعد عصر الصحابة تابعهم التابعون على نفس المنهج التفسيري، حيث كانوا يفسرون‏بعض آيات القرآن الكريم بآيات كريمة اخرى، ومن ذلك تفسير قوله تعالى:«هل‏اتاك حديث‏الغاشية‏» (7) .

فعن محمدبن كعب القرظي وسعيدبن جبير ان الغاشية هي النار، تغشى وجوه الكفار،وهو قوله تعالى: «تغشى وجوههم النار» (8) .

وياتى اهتمام المفسرين بهذا اللون من التفسير; لان القرآن وكما قال عنه الامام‏علي‏عليه السلام: «ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض (9) ».

وبهذا يقول الزمخشري مادحا لهذا النوع من التفسير: «اسد المعاني ما دل عليه‏القرآن (10) ».

ويقول ابن‏تيمية:

ان اصح الطرق في ذلك - يعنى التفسير - ان يفسر القرآن بالقرآن فما اجمل في مكان قدفسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر (11) .

والشيخ الطوسي اعتمد هذا الاسلوب في تفسيره لآيات الكتاب المبين، فتراه احيانايفسر مفردة قرآنية بجمع القرائن الدالة على معناها، من خلال احضاره لعدد من الآيات التي‏تشكل بمجموعها دليلا قاطعا على المراد، كما نجده احيانا يثبت‏حكما شرعيا تنص عليه‏آية يضمة آيات اخرى اليها فتتكامل الصورة الداخلة على الحكم من خلال آيات قرآنية‏متفرقة يعمل الطوسي عل جمعها في المورد، كما يستعين بالآيات القرآنية احيانا في دعم‏راي له، او رد آراء غيره من المفسرين عندما يراهم قد ابتعدوا في تفسيرهم عن الصواب،كما يحاول في مناسبات عديدة من ان يحل اشكالا ظاهريا او تناقضا بدويا بين بعض‏الآيات القرآنية، وبهذا يكون الطوسي قداستفاد من القرآن ايما استفادة في شرحه لمعاني‏الآيات ومفاهيمها، وهنا نورد جملة من الشواهد التي تؤكد انتهاجه لهذا النوع من التفسير،فهو عند تفسيره لكلمة الرب في قوله تعالى «الحمد لله رب العالمين‏» (12) قال:

اما الرب فله معنان في اللغة، فيسمي السيد المطاع ربا، ومنه قوله تعالى: «اما احدكمافيسقي ربه خمرا» (13) يعنى سيده، ومنه قيل: رب ضيعة، اذا كان يحاول اتمامها،و«الربانيون‏» (14) من هذا من حيث كانوا مدبرين لهم.

وقوله:«رب العالمين‏» اي المالك لتدبيرهم والمالك للشي‏ء يسمى ربه، ولايطلق هذاالاسم الا على الله، اما في غيره فيقيد، فيقال: رب الدار، وقيل: انه مشتق من التربية، ومنه‏قوله «وربائبكم اللاتي في حجوركم‏» (15) .

ومتى قيل في الله: انه رب بمعنى انه سيد فهو من صفات ذاته، واذا قيل: بمعنى انه مدبرمصلح، فهو من صفات الافعال (16) .

وعند تفسيره للختم فى قوله:

«ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم‏» (17) .

قال الشيخ الطوسي:

«ختم الله على قلوبهم‏» اي شهد عليها بانها لاتقبل الحق يقول القائل: اراك تختم على كل‏مايقول فلان، اي تشهد به وتصدقه.

وقيل: (المعنى في ذلك انه ذمهم بانها كالمختوم عليها في انها لايدخلها الايمان ولايخرج منها الكفر).

والختم آخر الشي‏ء ومنه قوله تعالى‏«ختامه مسك » (18) ومنه «خاتم النبيين‏» (19) اي آخرهم (20) .

وعند تفسيره لكلمة (استوى) في قوله تعالى: «ثم استوى الى السماء فسويهن سبع‏سموات‏» (21) .

قال المفسر:

وقال قوم: معنى «استوى‏» اي استولى على السماء بالقهر كما قال «لتستووا على ظهوره‏» (22) اي تقهروه.

ومنه قوله تعالى «ولما بلغ اشده واستوى‏» (23) اي تمكن من امره وقهر هواه بعقله فقال «ثم‏استوى الى السماء» في تفرده بملكها، ولم‏يجعلها كالارض ملكا لخلقه (24) .

وعند تفسيره (للظلم) في قوله تعالى «فتكونا من الظالمين‏» (25) .

قال الطوسي:

واصل الظلم انتقاص الحق لقوله تعالى: «كلتا الجنتين آتت اكلها ولم تظلم منه شيئا» (26) اي‏لم‏تنقص، وقيل: اصله وضع الشي‏ء في غير موضعه من قولهم: من يشبه اباه فماظلم اي‏فما وضع الشبه في غير موضعه، وكلاهما مطرد وعلى الوجهين فالظلم اسم ذم، ولايجوز ان يطلق الا على مستحق اللعن لقوله: «الا لعنة الله على الظالمين‏» (27) .

وقوله «اني كنت من الظالمين‏» (28) حكاية عن يونس من حيث‏بخس نفسه الثواب بترك‏المندوب اليه (29) .

وعند تفسيره لقوله تعالى:

«و اذ فرقنا بكم البحر فانجيناكم واغرقنا آل فرعون وانتم تنظرون‏» (30) . قال في معنى الفرق:

والفرق: الطائفة من كل شي‏ء، ومن الماء اذا انفرق بعضه عن بعض، وكل طائفة من ذلك‏فرق، وقوله «فكان كل فرق كالطود العظيم‏» (31) يعني الفرق من الماء، والفريق الطائفة من‏الناس، والفرقان: اسم للقرآن، وكل كتاب انزل الله، وفرق به بين الحق والباطل فهوفرقان، وسمى الله التوارة فرقانا، وقوله «يوم الفرقان يوم التقى الجمعان‏» (32) كان يوم بدر ويوم‏احد، فرق الله بين الحق والباطل.

وقوله: «وقرآنا فرقناه‏» (33) معناه احكمناه كقوله «فيها يفرق كل امر حكيم‏» (34) وتقول:

مفرق ما بين الطرفين (35) .

وعند تفسيره لكلمة العقاب في قوله تعالى: «واعلموا ان الله شديد العقاب‏» (36) .

حاول الشيخ الطوسي ان يجمع ما تشابه في اللفظ مع العقاب، واستشهد لبيان ذلك‏بآيات من القرآن الكريم، فقال في معرض شرحه لمعنى العقاب:

عقب الشي‏ء بمعنى خلف بعد الاول، واعقب اعقابا ، وتعقب الراى تعقبا « والعاقبة‏للمتقين » (37) اي الآخرة. « ونرد على اعقابنا » (38) اي نعقب بالشر بعد الخير ، والعقبة : ركوب‏اعقبه المشي و « له معقبات » (39) : ملائكة الليل تخلف ملائكة النهار ، وعقب الانسان :نسله ، و عقبة مؤخر قدمه . . . والعقاب : الطائر . . . « لا معقب لحكمه » (40) اي لا راد لقضائه (41) .

وقديتوسع الشيخ الطوسي ويسهب في شرح بعض المفردات القرآنية، وياتي بالشواهدالقرآنية العديدة على توضيح المعنى المراد كما في قوله تعالى «والله سريع الحساب‏» (42) .

فقال:

يعني في العدل من غير حاجة الى خط ولاعقد، لانه - عز وجل - عالم به، وانما يحاسب‏العبد مظاهرة في العدل، واحالة على مايوجبه الفعل من خير او شر... ونقول من‏الحساب: حسب الحساب يحسبه حسبا... واحسبني من العطاء احسابا اي كفاني‏«وعطاء حسابا (43) » اي كافيا.

والحسبان: سهام قصار ومنه «يرسل عليها حسبانا من السماء» (44) .

«يرزق من يشاء بغير حساب‏» (45) اي بغير تضييق.

«والشمس والقمر بحسبان‏» (46) اي قدر لها مواقيت معلومة لايعدونها (47) .

وهكذا نجده ياتي بكل لفظ مشابه او قريب من الحساب، فيعطيه مايستحقه من‏التوضيح والبيان، وبهذا يكون الشيخ الطوسي، قدمنح قارئ التبيان اوسع فرصة للاستفادة‏من المفردة القرآنية من خلال ربطها بغيرها، فتتكامل الصورة عن الكلمة ومشتقاتها، ومايقرب منها فى الذهن مع شد القارئ لاستحضار العديد من الآيات القرآنية، والتي من‏شانها ان تخلق في ذهنه نوعا من المران، يستطيع من خلالها ان يربط بين المتشابه في‏الالفاظ القرآنية، ويخلق منها وحدة متكاملة; لاشباع الموضوع واغنائه، وهو اسلوب‏عملي عنال لايستبعد ان يكون الشيخ الطوسي هادفا لخلقه، سيما وانه قدمارس طريقة‏الحوار ردحا من الزمن، واعطته المناظرات العقائدية المستمرة مع علماء عصره مثل هذه‏التجربة التي ربما حاول تعميمها وترويجها عبر تداول مثل هذا الطرح الشمولي في الفاظ‏الكتاب العزيز.

وهذا الاسهاب المقصود والربط الهادف بين آيات القرآن الكريم نجده في اكثر من‏مكان بين صفحات التبيان فهو في تفسيره لقوله تعالى:

«ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين‏» (48) . وضح المعنى لكلمة‏«ربنا افرغ‏» بشي‏ء من التفصيل: فقال:

وقوله: «فرغ » فالافراغ: صب السيال على جهة اخلاء المكان منه، واصله الخلو، وانماقيل: «افرغ علينا صبرا » تشبيها بتفريغ الاناء من جهة انه نهاية ماتوجبه الحكمة، كما انه‏نهاية ما في الواحد من الآنية.

وقوله «سنفرغ لكم ايها الثقلان‏» (49) معناه سنعمد; لانه عمل مجرد من غير شاغل.

ومنه قوله تعالى «واصبح فؤاد ام موسى فارغا» (50) اي خاليا من الصبر، والفرغ مفرغ الدلو (51) .

ومثل هذه الاطالة النافعة نجدها في تفسير الشيخ الطوسي لكلمة الاعصار في قوله‏تعالى:

«ايود احدكم ان تكون له جنة من نخيل واعناب تجري من تحتها الانهار له فيها من كل‏الثمرات واصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت‏» (52) .

فقال:

وقوله «فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت‏» فالعصر عصر الثوب ونحوه من كل شي‏ء رطب‏عصرته عصرا فهو معصور.

والعصر: الدهر وفي التنزيل «والعصر ان الانسان لفي خسر» (53) والعصر; العشي، ومنه صلاة‏العصر; لانها تعصر اي تؤخر الشي‏ء بالتعصر فيه.

والعصر النجاة من الجدب، ومنه قوله تعالى: «فيه يغاث الناس وفيه يعصرون‏» (54) ; لانه كعصرالثوب في الخروج من حال الى حال.

والاعصار غبار يلتف بين السماء والارض كالتفاف الثوب في العصر، والمعصرات‏السحاب، ومنه قوله تعالى «وانزلنا من المعصرات ماء ثجاجا» (55) .

كما ونجد شيخنا الطوسي يطيل في توضيحه كلمة (الهوى) في قوله تعالى: «كلما جاءهم‏رسول بما لا تهوى انفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون‏» (56) .

فقال:

والهوى هو لطف محل الشي‏ء من النفس مع الميل اليه بما لاينبغي، فلذلك غلب على‏الهوى صفة الذم، كما قال تعالى: «ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي الماوى‏» (57) .

ويقال:منه هوى يهوى، ويقال: هوى يهوي هويا، اذا انحط في الهواء... «فامه هاويه‏» (58) اي‏جهنم; لانه يهوي فيها.

وقوله «وافئدتهم هواء» (59) قيل: فيه قولان:

احدهما: انها منحرفة لاتقي شيئا كهواء الجو.

والآخر: انه قداطارها الخوف.

اي استهوته من هوى‏النفس (61) ، وقديعمد المفسر احيانا الى تسليط الاضواء على جوانب من المفردة القرآنية،ويشبعها بحثا بعد ان يجمع الاشتات، فيكون منها صورا مختلفة، قدتتباين احيانالتؤدي اكثر من معنى من خلال استعمالات متعددة، تقتضيها طبيعة السياق والصياغة‏القرآنية، كما في قوله تعالى: «فلنسالن الذين ارسل اليهم ولنسالن المرسلين‏» (62) .

اذ نجد الشيخ الطوسي يفترض اشكالا على النص بغية استجلاء الحقيقة وابرازهافيقول:

فان قيل: كيف يجمع بين قوله: «ولا يسال عن ذنوبهم المجرمون‏» (63) وقوله «فلنسالن‏الذين ارسل اليهم‏»؟ ثم يجيب الطوسي على هذا الاشكال الذي افترضه بقوله:

قلنا فيه قولان:

احدهما: انه نفى ان يسالهم سؤال استرشاد واستعلام، وانما يسالهم سؤال توبيخ‏وتبكيت.

الثاني: تتقطع المسالة عند حصولهم على العقوبة، كما قال: «فيومئذ لا يسال عن ذنبه انس‏ولا جان‏» وقال في موضع آخر: «وقفوهم انهم مسؤولون‏» (64) والوجه ما قلناه: انه يسالهم‏سؤال توبيخ قبل دخولهم في النار، فاذا دخلوها انقطع سؤالهم (65) .

ثم ياتي الشيخ الطوسي بالعديد من الآيات القرآنية الكريمة التي تعرضت لموضوع‏السؤال فيصنفها تصنيفا رائعا ويضع كلا منها في مكانه الطبيعي الذي تتجلى من خلاله‏روعة النص القرآني واسلوب التعبير الفني الذي جاءت به الآيات البينات فيقول:

وقوله: «ولا يسال عن ذنوبهم المجرمون‏» (66) المراد به لايسالون سؤال استعلام واستخبارليعلم ذلك من قولهم; لانه تعالى عالم باعمالهم قبل خلقهم، واما قوله: «فلنسالن الذين‏ارسل اليهم ولنسالن المرسلين‏» وقوله: «فو ربك لنسئلنهم اجمعين عما كانوا يعملون‏» (67) . فهومسالة توبيخ وتقريع كقوله: «الم اعهد اليكم‏» (68) وسؤاله للمرسلين، ليس للتوبيخ‏ولاللتقريع، لكنه توبيخ للكفار، وتقريع لهم ايضا، واما قوله: «فلا انساب بينهم يومئذ ولايتساءلون‏» (69) فمعناه سؤال تعاطي واستخبار عن الحال التي جهلها بعضهم لتشاغلهم عن‏ذلك، وقوله «واقبل بعضهم على بعض يتساءلون‏» (70) فهو سؤال توبيخ وتقريع وتلاوم، كما قال:«فاقبل بعضهم على بعض يتلاومون‏» (71) .

وهكذا نجد الشيخ الطوسي يعطي الكلمة القرآنية حقها من التوضيح، كما ويحل اي‏تناقض بدوي يتوهمه القارئ لهذه الآيات المباركة، وقديستعين مفسرنا ببعض الآيات‏القرآنية الكريمة، ليفرق بين كلمتين متشابهتين في اللفظ ومتغايرتين في المعنى، كما في‏كلمتي الريح والرياح، فيورد الطوسي حديثا شريفا يوضح الفرق بينهما، ثم يردف ذلك بعددمن النصوص القرآنية التي تفيد التمييز بين هذين اللفظين فيقول:

ان النبي‏صلى الله عليه وآله كان يقول اذا هبت ريح «اللهم اجعلها رياحا ولاتجعلها ريحا».

وهذا يوضح ان لفظ الرياح دلالة على السقيا والرحمة كقوله: «وارسلنا الرياح لواقح‏» (72) .

وقوله: «ومن آياته ان يرسل الرياح مبشرات‏» (73) .

وقوله: «الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء» (74) وماجاء بخلاف ذلك‏تقوله:«وفي عاد اذ ارسلنا عليهم الريح العقيم‏» (75) وقوله: «واما عاد فاهلكوا بريح‏صرصر» (76) وقوله: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم‏» (77) .

كما يستعين المفسر بآيات القرآن الكريم لحل اشكال، قديرد في عدد من الآيات وتبدووكانها متناقضة او مختلفة النتائج، ومن ذلك قوله في تفسيره للآية الكريمة «فقضاهن سبع‏سموات في يومين واوحى في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذ لك تقديرالعزيز العليم‏» (78) .

قال الطوسي:

فان قيل قوله «خلق الارض في يومين‏» (79) «وخلق الجبال والاقوات فى اربعة ايام‏» (80) و خلق‏السماوات فى يومين يكون ثمانية ايام، ذلك مناف لقوله: «ان ربكم الله الذي خلق‏السموات والارض في ستة ايام‏» (81) .

قلنا: لاتنافي بين ذلك; لانه خلق السماوات والارض، وخلق الجبال والاشجاروالاقوات في اربعة ايام، منها اليومان المتقدمان، كما يقول القائل: خرجت من البصرة‏الى بغداد في عشرة ايام، ثم الى الكوفة في خمسة عشر يوما، اي في تمام هذه العدة،ويكون قوله:

«فقضاهن سبع سموات في يومين‏» تمام ستة ايام، وهو الذي ذكره في قوله في ستة ايام،وزال الاشكال (82) .

وهكذا نجد الشيخ الطوسي يجمع الاشتات، فيوحد بينها، ويعطي السورة القرآنية‏وجهها الصحيح مزيلا لمايعلق في الذهن من لبس او اشكال، وهو منهج‏سليم يفسر فيه‏الطوسي القرآن بالقرآن، ويوضح معاني آياته بآيات اخر.

مثل هذه التوضيح كان الطوسي، قدبينه على قوله تعالى «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم‏بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب‏» (83) . فقال:

ووصف الله تعالى - ههنا - المؤمن بانه يطمئن قلبه الى ذكر الله، ووصفه في موضع آخربانه اذا ذكر الله وجل قلبه (84) ; لان المراد بالاول انه يذكر ثوابه وانعامه فيسكن اليه، والثاني‏يذكر عقابه وانتقامه فيخافه، ويجل قلبه (85) .

وبذلك ابعد الشيخ الطوسي اي منافاة بين الآيتين الكريمتين، كما ويستعين الشيخ‏الطوسي بالقرآن الكريم في رده على اقوال المفسرين والفرق الاخرى كاهل الحشو، حينمايوردون شبهة او وجها لايرى فيه صوابا، عندها يستشهد بآيات من القرآن الكريم، فيدحض كل مااوردوه ومن ذلك قوله في «عبس وتولى‏» (86) بعد مافسرها البعض بان المراد به‏النبي‏صلى الله عليه وآله يوم جاءه الاعمى عبدالله بن ام مكتوم، فردهم الطوسي قائلا:

وهذا فاسد، لان النبي‏صلى الله عليه وآله قداجل الله قدره عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوس‏والتقطيب، وقد وصفه بانه‏«لعلى خلق عظيم‏» (87) وقال: «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من‏حولك‏» (88) .

وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى «ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي‏يريدون وجهه‏» (89) .

وهكذا يستشهد الطوسي بالقرآن لينفي شبهة، او يدحض رايا فاسدا; لان القرآن اقوى‏حجة يمتلكها مناضر او مجادل.

وقديستدل الشيخ الطوسي بآيات القرآن الكريم لاثبات حكم شرعي، او موقف‏اسلامي تشير اليه آية ما، كما فعل مع قوله تعالى: «لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون‏المؤمنين ومن يفعل ذ لك فليس من الله في شي‏ء الا ان تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه‏و الى الله المصير» (90) .

فقال:

وفي الآية دلالة على انه لايجوز ملاطفة الكفار.

قال ابن عباس: نهى الله سبحانه المؤمنين ان يلاطفوا الكفار، قال تعالى: «يا ايها الذين‏آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يالونكم خبالا» (91) . وقال:

«لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله‏» (92) .

وقوله تعالى: «فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين‏» (93) . وقال: «واعرض عن الجاهلين‏» (94) .وقال تعالى: «يا ا يها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم‏» (95) .

وقال تعالى: «يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم‏منكم فانه منهم‏» (96) . وكل ذلك يدل على انه ينبغي ان يعاملوا بالغلظة والجفوة دون الملاطفة،والملاينة الا ماوقع من النادر لعارض من الامر (97) .

والطوسي هنا يسوق العديد من الآيات القرآنية الكريمة دون تعليق مفصل; لان جملة‏الآيات تعطي تصورا واضحا عما يجب ان تكون عليه العلاقة بين المؤمنين والكفار، وبهذاالمنهج استطاع المفسر ان يوضح الكثير من المفاهيم، ويحدد جملة من الاحكام الشرعية، ومثل ذلك تجده يصنع في تفسيره لقوله تعالى «وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلح‏فاجره على الله انه لا يحب الظالمين‏» (98) .

فيقول:

قال «جزاء سيئة سيئة مثلها» قال ابو نجيح والسدي: معناه اذا قال اخزاه الله متعديا قال له‏مثل ذلك اخزاه الله، ويحتمل ان يكون المراد ماجعل الله لنا الا الاقتصاص منه من «النفس‏بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص‏» (99) .

فان للمجني عليه ان يفعل بالجاني مثل ذلك من غير زيادة وسماه سيئة للازدواج، كماقال:

«و ان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏» (100) . وقال:

«فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‏» (101) .

وقداكثر الشيخ الطوسي من الاستشهاد بالآيات القرآنية في تفسيره لآيات اخرى ومن‏خلال قراءتنالتفسير التبيان، لم‏نجده يفوت فرصة الا ويستثمر بها آية قرآنية لشرح اخرى.

اعتماده مبدا السياق والنظم في القرآن

استعان الشيخ الطوسي بنظم الآيات القرآنية والعلاقة القائمة بين الآيات السابقة‏والآيات اللاحقه لاستجلاء الكثير من المعاني، واستطاع من خلال عملية الربط بين الآيات‏المتجاوزة ضمن السياق القرآني ان يبرز مفهوما ماكان بمقدوره ان يوصل الى ذهن القارئ‏بغير عملية الربط هذه بين الآية وماسبقها من الآيات، وهذا مايؤكد اهتمام المفسر بمبداالسياق «باعتباره احد القرائن الحالية في فهم الكلام (102) ».

اذا لابد للمفسر من ان يبحث عن كل مايكشف اللفظ الذي يؤيد فهمه من دوال اخرى،سواء كانت لفظية كالكلمات التي تشكل مع اللفظ الذي يريد فهمه كلاما مترابطا او حالياكالظرف والملابسات التي تحيط بالكلام، وتكون ذات دلالة في الموضوع (103) .

وحينما يغفل المفسر سياق الآيات القرآنية وطريقة الصياغة والنظم المسلسل الذي‏جاءت به تلك الآيات فمن الطبيعي ان يقع في مطبات ضخمة اثناء تفسيره للنصوص‏القرآنية، وكما حصل للمجبرة حين اقتطعوا نصا قرآنيا وفسروه بعيدا عن مبدا الاخذبالسياق فقالوا في تفسير قوله تعالى «والله خلقكم وما تعملون‏» (104) ، ان ذلك يدل على ان الله‏خالق لافعالنا (105) .

في حين ان الملاحظ في السياق انها جاءت حكاية لقول ابراهيم مع قومه واستنكاره‏لعبادتهم الاصنام والتي هي اجسام، والله تعالى هو المحدث لها (106) .

وكذلك الحال في قوله تعالى «ذق انك انت العزيز الكريم‏» (107) .

اذ كانت تدل بسياقها على انه الذليل الحقير (108) .

من هنا فان ملاحظة السياق والتناسب والترابط بين لفصول والمجموعات القرآنية‏ضرورة ومفيدة جدا في فهم مدى القرآن ومواضيعه واهدافه (109) .

ولذلك فان الشيخ الطوسي يستعين بنظم الآيات القرآنية واسلوب صياغتها لتعيين‏بعض المعاني والكشف عن المقاصد والنكات القرآنية او دعم مايتبناه من راي تفسيرى،وقداحتوى التبيان على شواهد عديدة كان يؤكد فيها المفسر على العلاقة القائمة بين الآيات‏ويستخرج منها معنى او مفهوما فقال:

ان وجه اتصال قوله تعالى «ولا يظلمون فتيلا» بما قبله انه لماقال: «بل الله يزكي من يشاء» (110) نفى عن نفسه الظلم لئلا يظن ان الامر بخلافه (111) .

وقال ايضا: عند ما قرا «من يطع الرسول فقد اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم‏حفيظا» (112) .

ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها، انه لماذكر الحسنة التي هي نعمة من الله، بين ان منهاارسال نبي‏الله، ثم بين ان منها طاعة الرسول التي هي طاعة الله فهي فى ذكر نعم الله‏مجملة ومفصلة، وفيها تسلية للنبي‏صلى الله عليه وآله في تولي الناس عنه وعن الحق الذي جاء به مع‏تضمنها تعظيم شانه تكون طاعته طاعة الله (113) .

وذكر الطوسي بعد قراءته للآية الكريمة:

«واتل عليهم نبا ابني آدم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الآخر قال‏لاقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين‏» (114) .

ان وجه اتصال هذه الآية بما قبلها ان الله (تعالى) اراد ان يبين ان حال اليهود في الظلم‏ونقض العهد وارتكاب الفواحش من الامور كحال ابن آدم قابيل في قتله اخاه هابيل،وما عاد عليه من الوبال بتعديه، فامر نبيه ان يتلو عليهم اخبارهما، وفيه تسلية للنبي‏صلى الله عليه وآله‏لما ناله من جهلهم بالتكذيب في جحوده وتبكيت اليهود (115) .

وعندما قرا قوله تعالى:

«والذين يدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا انفسهم ينصرون‏» (116) .

قال:

هذا عطف على الآية الاولى، فكانه قال: قل: وليي الله القادر على نصرتي عليكم وعلى‏من اراد بي ضرا، والذين تتخذونهم، انتم آلهة لايقدرون على ان يضروكم ولا ان يدفعواعنكم ضررا، ولايقدرون ان ينصروا انفسهم ايضا لو ان انسانا اراد بهم سوء من كسر اوغيره.

وانما كرر هذا المعنى; لانه ذكره في الآية التي قبلها على وجه التقريع، وذكره ههنا على‏وجه الفرق بين صفة من تجوز له العبادة ممن لاتجوز، كانه قال:

ان ناصري الله ولاناصرلكم ممن تعبدون (117) .

وقال ايضا عند تفسيره لقوله تعالى:

«وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ان الله بكل شي‏ء عليم‏» (118) .

قال:

قال مجاهد: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها هو انه لماحرم الله (تعالى) على المؤمنين‏الاستغفار للمشركين بين انه لم‏يكن الله ليؤاخذكم الا بعد ان يدلكم على تحريمه وانه‏يجب عليكم ان تتقوه (119) .

وعند ذكره لقوله تعالى:

«ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الانهار في‏جنات النعيم‏» (120) .

قال:

لماذكر الله (تعالى) الكفار ومايستحقونه من المصير الى النار في الآيات الاول ذكر في‏هذه «ان الذين آمنوا» يعني صدقوا بالله ورسوله، واعترفوا بهما، واضافوا الى ذلك الاعمال‏الصالحات، (يهديهم) الله تعالى جزاء بايمانهم الى الجنة «تجري من تحتهم الانهار في‏جنات النعيم‏» يعني البساتين التي تجري تحت اشجارها الانهار التي فيها النعيم (121) .

وعند تفسيره لقوله تعالى:

«لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذ لك فليس من الله في‏شي‏ء الا ان تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه و الى الله المصير» (122) .

قال الطوسي:

ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها انه تعالى لمابين عظيم آياته بما في مقدوراته ممالايقدر عليه سواه، دل على انه ينبغي ان تكون الرغبة في ماعنده وعند اوليائه من‏المؤمنين دون اعدائه الكافرين، فنهى عن اتخاذهم اولياء دون اهل التقوى الذين سلكواطريق الهدى (123) .

وفي ذكره لقوله تعالى «ولله ما في السموات وما في الارض والى الله ترجع الامور» (124) .

قال:

وجه اتصال هذه الآية بما قبلها وجه اتصال الدليل بالمدلول عليه، لانه لماقال:

«وما الله يريد ظلما» وصله بذكر غناه عن الظلم، اذ الغني عنه العالم بقبحه، ومعناه لايجوزوقوعه منه (125) .

التفسير بالسنة

تعني السنة عند الامامية الاثني عشرية قول المعصوم وفعله وتقريره ولافرق بين ان‏يكون المعصوم النبي‏صلى الله عليه وآله او الائمة الاثني عشر (126) .

والعصمة عند الامامية تشمل النبي والائمة الاثني عشر، حيث قالوا:

ان الامام كالنبي، يجب ان يكون معصوما من جيمع الرذائل والفواحش ماظهر منهاومابطن، كما يجب ان يكون معصوما من الخطا والسهو والنسيان; لان الائمة حفظة‏الشرع والقوامون عليه، حالهم في ذلك حال النبي، والدليل الذي اقتضانا ان نعتقدبعصمة الانبياء هو نفسه يقتضينا ان نعتقد بعصمة الائمة (127) .

وقدحظي الائمة من اهل البيت على هذه المنزلة باعتبارهم احد الثقلين اللذين تركهمارسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الامة، وامر باتباعهما حينما قال‏صلى الله عليه وآله:

«يا ايها الناس اني تارك فيكم ما ان اخذتم به لن‏تضلوا كتاب الله وعترتي اهل بيتي (128) ».

وقداستدل الشيخ الطوسي بهذا الحديث في كون العترة حجة كما ان الكتاب حجة (129) لياخذ برواياتهم بعد ثبوت صحة نسبتها اليهم‏عليهم السلام شانه في ذلك شان سائر العلماء الامامية‏في اخذهم عن الائمة‏عليهم السلام والذين قيدوا مايروى عنهم‏عليهم السلام بموافقته للكتاب عطفا على‏الحديث النبوي الشريف «اذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب‏الله فاقبلوه، وماخالفه فاضربوا به عرض الحائط‏» كما وانه قد روي مثل هذا الحديث عن‏ائمتناعليهم السلام (130) .

وقدحدد الشيخ الطوسي اسس منهجه الاثري في التفسير، وفقا لماكان يراه من ان -معاني القرآن على اربعة اقسام:

احدها: مااختص الله تعالى بالعلم به فلايجوز لاحد تكلف القول فيه ولاتعاطي معرفته‏وذلك مثل قوله تعالى «يسالونك عن الساعة ايان مرساها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتهاالا هو» (131) ومثل قوله تعالى «ان الله عنده علم الساعة‏» (132) .

وفي مثل هذا القسم لايجيز الشيخ الطوسي لاحد ان يقول فيه شيئا حيث‏يؤكد ذلك‏بقوله: فتعاطي معرفة مااختص الله تعالى به خطا.

وثانيها: ماكان ظاهره مطابقا لمعناه فكل من عرف اللغة التي خوطب بها عرف معناه،مثل قوله تعالى:

«ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق‏» (133) .

ومثل قوله تعالى:

«قل هو الله احد» (134) وغير ذلك.

وثالثها: ما هو مجمل لاينبئ ظاهره عن المراد به مفصلا، مثل قوله تعالى:

«اقيموا الصلاة وآتوا الزكاة‏» (135) .

وقوله: «ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» (136) وقوله «وآتوا حقه يوم حصاده‏» (137) وقوله «في اموالهم حق معلوم‏» (138) ومااشبه ذلك.

فان تفصيل اعداد الصلاة وعدد ركعاتها، وتفصيل مناسك الحج وشروطه ومقاديرالنصاب في الزكاة، لايمكن استخراجه الا ببيان النبي‏صلى الله عليه وآله ووحي من جهة الله تعالى،ولهذا اكد الطوسي منع القول فيه بقوله «فتكلف القول في ذلك خطا ممنوع منه‏» ويمكن‏ان تكون الاخبار متناولة له.

ورابعها: ماكان اللفظ مشتركا بين معنيين فما زاد عنهما، ويمكن ان يكون كل واحدمنهما مرادا، فانه لاينبغى ان يقدم احد به فيقول:

ان مراد الله فيه بعض مايحتمل الا بقول نبي او امام معصوم، بل ينبغي ان يقول:

ان الظاهر يحتمل لامور، وكل واحد يجوز ان يكون مرادا على التفصيل.

ومتى كان اللفظ مشتركا بين شيئين، او مازاد عليهما، ودل الدليل على انه لايجوز ان‏يريد الا وجها واحدا، جاز ان يقال: انه هو المراد (139) .

لذا يذكر الشيخ الطوسي ان مثل هذا التقسيم يبرز لنا قبول الاخبار، ولم‏نردها على وجه‏يوحش نقلها والمتمسكين بها (140) .

ثم يضع مفسرنا شروطه لقبول الاخبار والتي هي: الاجماع او النقل المتواتر عمن يجب‏اتباع قوله، ولايقبل في ذلك خبر واحد (141) .

... ثم قال:

واما طريقة الآحاد من الاخبار الشاردة والالفاظ النادرة فانه لايقطع بذلك، ولايحمل‏شاهدا على كتاب الله، وينبغي ان يتوقف فيه، ويذكر مايحتمله، ولايقطع على المراد فيه‏بعينه، بانه متى قطع بالمراد كان مخطئا، وان اصاب الحق كما روي عن النبي‏صلى الله عليه وآله; لانه‏قال تخمينا وحدسا، ولم‏يصدر ذلك عن حجة قاطعة وذلك باطل بالاتفاق (142) .

ويبدو ان المفسر كان متشددا في قبول الرواية، لذلك اشترط ان يكون الحديث متواترااي مايلغت رواته في الكثرة مبلغا احالت العادة تواطؤهم على الكذب واستمر ذلك الوصف‏في جميع الطبقات، حيث تتعدد فيكون اوله كآخره ووسطه كطرفيه، وهو يقيد العلم ويجب‏العمل به (143) .

كما بين موقفه من اخبار الآحاد الشاردة، وينبغي ان نشير هنا الى ان الشيخ الطوسي‏يذهب الى ان خبر الآحاد لايوجب العلم غير انه حجة يجب العمل به وفق شروط محدودة،لوجود ادلة قطعية على ذلك.

وقد ذهبت الحنفية والشافعية وجمهور المالكية الى وجوب العمل به وفق جملة من‏الشروط، فيشترط في الراوي لصحة التحمل والتمييز والضبط، كما يشترط فيه لصحة الاداءالبلوغ والاسلام والعدالة والضبط، واما بالنسبة الى لفظ الخبر، فيشترط فيه الا يحذف‏الراوي منه مايتوقف تمام المعنى عليه، ويشترط في معناه الا يعارضه ما هو اقوى منه،واشترط الكرخي وبعض الحنفية الا يكون موضوع الحديث مما تعم به البلوى، اذا لو كان‏كذلك لذاع واشتهر فعدم ذيوعه حينئذ يورثه شكا.

وقيل:

ان خبر الواحد العدل يوجب العلم; لانه يوجب العمل بالدليل، ولاعمل الا عن علم،وهو مذهب داود الظاهري، وحكي عن مالك، وروى عن احمد، واختاره ابن حزم، واطال‏الاحتجاج له، وقال الخوارج والمعتزلة انه لايوجب العمل; لانه لايوجب العلم، ولاعمل الاعن علم (144) .

والذي عليه الامامية هو الاخذ بحجية خبر الواحد في الاحكام العملية فقط (145) .

وهذا مااكده ايضا السيد الطباطبائي صاحب الميزان بقوله:

واما الشيعة، فالذي ثبت عندهم في علم اصول الفقه حجية خبر الواحد الموثوق‏الصدور في الاحكام الشرعية ولايعتبر في غيرها (146) .

وقدتضمن التبيان عددا لاباس به من الاحاديث والروايات والاخبار عن النبى‏صلى الله عليه وآله‏والائمة من اهل البيت ليستعين بها المفسر في شرحه لآية، او توضيحه لمفهوم او طرحه‏لراي، وهنا نورد بعضا من تلك الاحاديث والاخبار التي اعتمدها الطوسي في تفسره، فمثلااورد، ثلاثة اقوال في معنى (العفو) وهي:

قال ابن عباس، وقتادة: هو مافضل عن الغنى.

وقال الحسن وعطا: هو الوسط من غير اسراف ولا اقتار.

وقال مجاهد: هو الصدقة المفروضة.

ثم ذكر مفسرنا ماروي عن الائمة من اهل البيت‏عليهم السلام لتفسير معنى العفو فقال:

وروي عن ابي جعفرعليه السلام ان العفو مافضل عن قوت السنة. فنسخ ذلك بآية الزكاة.

وروي عن ابي عبدالله‏عليه السلام ان العفو ها هنا: الوسط (147) .

وهكذا يستعين المفسر بروايات عن الائمة سلام الله عليهم لشرح معنى او تاكيد قول‏من الاقوال التي اوردها المفسرون بهذا الشان.

مثال آخر:

وقال عند تفسيره لكلمة الاعسار الذي تضمنته الآية الكريمة:

«وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة وان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون‏» (148) .

وروي عن ابي عبدالله‏عليه السلام هو - اي الاعسار - اذا لم‏يقدر على مايفضل من قوته وقوت‏عياله على الاقتصاد (149) .

وقدنقل قول الجبائي في بيان معناه، فقال:«قال الجبائي التعذر بالاعدام او بكساد المتاع وغيره (150) ».

وهذا يعكس لنا مايتحلى به الشيخ الطوسي من سعة افق واستفادة مما عند الآخرين وان‏اختلفوا معه في الراي والمعتقد وهو مااعطى تفسير التبيان ميزة اضافية فضلا عما فيه من‏المزايا والمواصفات.

ومثل هذا المنهج تجده في مكان آخر من التبيان حيث‏يستعين المفسر في شرح معنى‏«السحت‏» بروايات متعددة، واحدة عن النبي‏صلى الله عليه وآله، وثانية عن الامام علي‏عليه السلام.

كما يورد ايضا تفسيرا عن ابي هريرة وعبدالله‏بن عمر، ويبقى الطوسي مع الكلمة; ليوفيهاحقها من التوضيح والبيان، اذ لابد للمفسر - بحكم منهجيته ذات الطابع الاستقصائي - ان‏يذكر الروايات والآراء المتعلقة بالايضاح; ليضع القارئ امام جملة من المعاني خالية من‏المتناقضات والاختلافات، لذلك لايرى الشيخ المفسر ضيرا من الجمع بين‏الروايات‏تفسيره ثم يعرض ماتوصل اليه من معنى اجمالي لكلمة (السحت) حيث قال:

«وقوله: «اكالون للسحت‏» (151) معناه انه يكثر اكلهم للسحت وهو الحرام‏»، ثم يسرد الروايات‏التي اعتمدها فيقول:

وروي عن النبي‏صلى الله عليه وآله انه قال: « السحت الرشوة في الحكم‏»، وروي عن علي‏عليه السلام انه قال:«السحت الرشوة في الحكم، ومهر البغي، وعسب الفحل، وكسب الحجام، وثمن الكلب،وثمن الخمر، وثمن الميتة، وحلوان الكاهن، والاستعجال في المعصية‏».

وروي عن ابي هريرة مثله.

وقال مسروق:

سالت عبدالله عن الجور في الحكم قال:

ذلك كفر، وعن السحت، فقال الرجل يقتضي لغيره الحاجة فيهدي له الهدية (152) .

وعند تفسيره لكلمة (انحر) في قوله تعالى:

«فصل لربك وانحر» (153) .

قال معنى: «وانحر» (154) انحر البدن متقربا الى الله لنحرها خلافا لمن نحرها للاوثان وقيل:

استقبل القبلة بنحرك.

ثم يروي المفسر مايستعين بها على توضيح المعنى فيقول:

وروي عن علي‏عليه السلام; ان معناه ضع اليمنى على اليسرى حذاء النحر - وهذه الرواية غيرصحيحة - والمروي عن ابي جعفر وابي عبدالله‏عليهما السلام، ان معناه وانحر البدن والاضاحي (155) .

وهكذا نجد الشيخ الطوسي يقف ناقدا للرواية التي رويت عن علي‏عليه السلام، ويصفها بانهاغير صحيحة، لشكه في صحة سندها، مما يؤكد تحريه للحقيقة ورفضه لكل مالايتفق‏والمنهج الموضوعي الذي تبناه في تفسيره.

ويبدو ان الشيخ الطوسي كان يعطي لمتن الرواية اكبر الاهمية في فحص مايروى عن‏النبي والائمة‏عليهم السلام وسائر الصحابة، ولن‏يجعل من روايات النبي‏صلى الله عليه وآله والائمة شاهدا على‏التفسير الا بعد ثبوت صحتها وذلك فقد كان متقيدا بالمبدا القائل بضرورة عرض الاخبارعلى الكتاب فما وافقه يؤخذ به وما خالفه فهو زخرف ومطروح (156) .

ولذلك لم‏يتحرج الشيخ الطوسي في رفضه لما روي عن علي‏عليه السلام في معنى قوله تعالى:

«فصل لربك وانحر».

مثال آخر:

عند تفسيره لقوله تعالى:

«يسالونك عن الانفال‏» (157) .

يذكر الشيخ الطوسي آراء المفسرين المختلفة في معنى الانفال فيقول:

اختلف المفسرون في معنى الانفال - هاهنا - فقال بعضهم:

هي الغنائم التي غنمها النبي‏صلى الله عليه وآله يوم بدر فسالوه لمن هي؟

وقال قوم:

وهو ماشذ من المشركين الى المسلمين من عبد او جارية من غير قتال او مااشبه ذلك.

وعن ابن عباس: انه ماسقط من المتاع بعد قسمة الغنائم (158) .

وهكذا يورد الشيخ المفسر اقوال وآراء جملة من المفسرين، ثم يذكر الطوسي رواية‏عن الباقر والصادق‏عليهما السلام فيقول:

وروي عن ابي جعفر وابي عبدالله‏عليهما السلام، «ان الانفال كل مااخذ من دار الحرب بغير قتال اذاانجلى عنها اهلها» (159) ويسميه الفقهاء فيئا، وميراث من لاوارث له، وقطائع الملوك اذاكانت‏بايديهم من غير غصب، والآجام وبطون الاودية، والموات (160) .

ثم يعقب الطوسي بعد ذلك بعبارة «وغير ذلك مما ذكرناه في كتب الفقه‏» عملا برواية‏الامامين ابي جعفر وابي عبدالله‏عليهما السلام وبهذا نجد الشيخ الطوسي حينما يطمئن للرواية‏يعتمدها في استنباط الحكم الشرعي، فضلا عن كونها تفسيرا; لماورد في القرآن الكريم من‏الفاظ خاصة، وان مفسرنا فقيه مجتهد (161) .

اعتماده للاحاديث في بيان الاحكام

استفاد الشيخ الطوسي من الاحاديث والاخبار التي تروى عن النبي‏صلى الله عليه وآله او عن احدالائمة من اهل البيت‏عليهم السلام في بيان العديد من الاحكام الشرعية، حيث كانت تلك الاحاديث‏والاخبار تؤدي غرضا غاية في الاهمية عندما ياتي لبيان مااجمل من آيات الاحكام، اولتوضيح مقاصدها ومعانيها، وهنا نورد بعض الامثلة التي تدلل على استخدام الطوسي‏للاحاديث والروايات في فهم آيات الاحكام منها:

1. اعتمد المفسر رواية عن النبي‏صلى الله عليه وآله لبيان حلية المتعة، فقال:

وذكر البلخي عن وكيع عن اسماعيل‏بن ابي خالد عن قيس‏بن ابي حازم، عن عبدالله‏بن‏مسعود: قال كنا مع النبي‏صلى الله عليه وآله ونحن شباب، فقلنا: يا رسول الله الا نستخصي، قال: لا، ثم‏رخص لنا ان ننكح المراة بالثوب الى اجل (162) .

وقد اورد الشيخ الطوسي هذه الرواية في معرض دفاعه عن المتعة عندما فسر قوله‏تعالى:

«والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم كتاب الله عليكم واحل لكم ما وراء ذ لكم ان‏تبتغوا باموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة‏» (163) .

2. اعتمد الطوسي مارواه المثنى عن النبي‏صلى الله عليه وآله في بيان الرخصة باكل المحرم من الطعام‏حال الخوف على النفس، فقال:

روى المثنى قال: قلنا: يا رسول الله انا بارض يصيبنا فيها مخمصة، فما يصلح لنا من‏الميتة؟

قال‏صلى الله عليه وآله: اذا لم‏تصطحبوا او تعتبقوا او تختفئوا بها بقلا، (164) فشانكم بها (165) .

وكان الشيخ الطوسي قداورد هذه الرواية عن النبي‏صلى الله عليه وآله، واستند اليها في بيان حلية اكل‏الميتة عند الاضطرار، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى:

«حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير»... الى قوله «فمن اضطر في مخمصة غيرمتجانف لاثم فان الله غفور رحيم‏» (166) .

3. استفاد الشيخ الطوسي من حديث النبي‏صلى الله عليه وآله الذي قاله عند نزول قوله تعالى «فسبح‏باسم ربك العظيم‏» (167) في تفسيره للآية الكريمة، فقال:

وقوله: «فسبح باسم ربك العظيم‏» امر من الله تعالى لنبيه ان ينزه الله تعالى عما لايليق به،ويذكره باسمه العظيم، وقيل: انه لمانزلت هذه الآية قال النبي‏صلى الله عليه وآله «ضعوها في ركوعكم‏وقولوا سبحان ربي العظيم‏» (168) .

4. اعتمد الروايات عن الائمة من اهل البيت في معرفة الحكم الشرعي الذي ورد في‏آيات الكتاب المجيد، كما هو الحال مع رواية عن علي‏عليه السلام بخصوص حكم المحصن فقال‏الطوسي:

عند تفسيره لقوله تعالى:

«الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تاخذكم بهما رافة في دين‏الله‏» (169) «روي عن علي‏عليه السلام: ان المحصن يجلد مائة مرة بالقرآن، ثم يرجم بالسنة، وانه امربذلك‏».

كما واعتمد رواية عن الامام ابي جعفر الباقرعليه السلام في مسالة الزواج من الزانية فقال: عندتفسيره لقوله تعالى: «الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها الا زان اومشرك وحرم ذ لك على المؤمنين‏» (170) فقال الطوسي:

وعن ابي جعفرعليه السلام: ان الآية نزلت في اصحاب الرايات، فاما غيرهن فانه يجوز ان‏يتزوجها، وان كان الافضل غيرها، ويمنعها من الفجور (171) .

اعتماده الاحاديث والاخبار في معرفة اسباب النزول

عول الشيخ الطوسي كثيرا على الروايات والاخبار لمعرفة اسباب نزول الآيات‏القرآنية الكريمة، ولذلك كان يعتمد الروايات التي تروى عن النبي‏صلى الله عليه وآله او الائمة‏عليهم السلام‏والصحابة رضوان الله عليهم في هذا الخصوص، وقداكثر الشيخ المفسر من تلك الروايات‏في هذا الصدد واعتمدها اساسا في معرفة اسباب النزول وهنا نذكر بعض الامثلة التي‏اوردها في تفسيره:

فهو عندما ذكر قوله تعالى:

«الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم‏ولا هم يحزنون‏» (172) .

قال:

ذكر ابن عباس ان هذه الآية نزلت في علي‏بن ابي طالب‏عليه السلام كانت معه اربعة دراهم،فانفقها على هذه الصفة بالليل والنهار وفي السر والعلانية، وهو المروي عن ابي جعفروابي عبدالله‏عليهما السلام (173) .

وعند تفسيره للآية الكريمة: «افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السموات والارض‏طوعا وكرها و اليه يرجعون‏» (174) .

استند في معرفة سبب نزولها على.

ماروي عن ابي عبدالله‏عليه السلام من انها نزلت في الحارث‏بن سويد الصامت، وكان قد ارتد بعدقتله المحذر بن ديار البلوي غدرا في الاسلام وهرب، ثم ندم فكاتب قومه: سلوارسول‏الله‏صلى الله عليه وآله هل لي توبة؟ فنزلت الآيات الى قوله «الا الذين تابوا» فرجع واسلم (175) .

ومثل ذلك ماروي عن ابي عبدالله‏عليه السلام واعتمده المفسر في معرفة سبب نزول قوله‏تعالى: «كيف يهدي الله قوما كفروا بعد ايمانهم وشهدوا ان الرسول حق وجاءهم البينات والله لايهدي القوم الظالمين‏» (176) .

فقال الطوسي:

نزلت هذه الآية في اهل الكتاب الذين كانوا يؤمنون بالنبي‏صلى الله عليه وآله قبل مبعثه بما يجدونه في‏كتبهم من صفاته ودلائله، فلما بعثه الله جحدوا ذلك وانكروه ... وقال مجاهد والسدي:نزلت في رجل من الانصار يقال له: الحارث‏بن سويد ارتد عن الاسلام، ثم تاب وحسن‏اسلامه، فقبل الله اسلامه.

ثم ذكر الشيخ الطوسي عبارة «وكذلك رويناه عن ابي عبدالله‏عليه السلام (177) ».

وعند تفسيره لقوله تعالى:

«اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل‏الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين‏» (178) .

قال الطوسي:

وروي عن ابي جعفر وابي عبدالله‏عليهما السلام ان الآية نزلت في امير المؤمنين والعباس.

وروى الطبري باسناده عن ابن عباس: انها نزلت في العباس حين قال يوم بدر:

ان سبقتمونا الى الاسلام والهجرة لم تسبقونا الى سقاية الحاج وسدنة البيت، فانزل الله‏الآية.

وروى الطبري باسناده عن الحسن: انها نزلت في علي والعباس وعثمان وشيبة، وقال‏الشعبي:

نزلت في علي والعباس، وبه قال ابن وهب والسدي (179) .

وهكذا نجد مفسرنا يتبع كل الروايات التي قيلت‏حول سبب نزول الآية مستفيدا من‏كل اثر يسهم في استبيان الواقع واستجلاء الحقيقة صارفا نظره عن كل ما هو شاذ من الآراءوالاقوال، فلايكاد يذكر منه شيئا في معرض حديثه عن اسباب النزول.

اعتماده الحديث والاخبار في تفسيره للآيات القرآنية

حوى التبيان عددا كبيرا من الاحاديث والاخبار التي رويت عن النبي الاكرم‏صلى الله عليه وآله‏والائمة من اهل بيته‏عليهم السلام، وقداعتمدها الشيخ الطوسي عند تفسيره للآيات القرآنية،واعطاها اهتماما خاصا، سيما وان تلك الاحاديث والاخبار قدجاءت بصدد توضيح آيات‏الكتاب العزيز، وتفسير معانيه وبيان مقاصده ومراميه، وقدانزل الشيخ الطوسي - شانه شان‏سائر الامامية - الاخبار التي رويت عن الائمة‏عليهم السلام منزلة الاحاديث المروية عن النبي‏الاكرم‏صلى الله عليه وآله، حيث اكد هذا المعنى في مقدمة تفسيره فقال:

واعلم ان الرواية ظاهرة في اخبار اصحابنا بان تفسير القرآن لايجوز الا بالاثر الصحيح‏عن النبي‏صلى الله عليه وآله وعن الائمة‏عليهم السلام الذين قولهم حجة كقول النبي‏صلى الله عليه وآله (180) .

ولذلك اكثر الشيخ الطوسي من الاحاديث والاخبار المروية عن النبي‏صلى الله عليه وآله واهل‏بيته‏عليهم السلام ليستعين بها في فهم المعنى لآيات القرآن الكريم، وسنعرض لبعض مااورده - في‏تفسيره:

فقال:

وقوله:«انزل فيه القرآن‏» (181) قيل في معناه قولان:

احدهما: قال ابن عباس وسعيدبن جبير والحسن: ان الله تعالى انزل جميع القرآن في‏ليلة القدر الى السماء الدنيا، ثم انزل على النبي‏صلى الله عليه وآله بعد ذلك نجوما، وهو المروي عن‏ابي‏عبدالله‏عليه السلام (182) .

وعند تفسيره لقوله تعالى:

«ثم افيضوا من حيث افاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم‏» (183) .

قال:

قيل في معنى هذه الآية قولان:

احدهما - قال ابن عباس وعائشة وعطاء ومجاهد والحسن وقتادة والسدي والربيع،وهو المروي عن ابي جعفرعليه السلام: انه امر لقريش وحلفائهم; لانهم كانوا لايقفون مع الناس‏بعرفة، ولايفيضون منها، ويقولون: نحن اهل حرم الله لانخرج عنه، فكانوا يقفون بجمع،ويفيضون منه دون عرفة، فامرهم الله تعالى ان يفيضوا من عرفة بعد الوقوف بها (184) .

وعند تفسيره للآية الكريمة:

«الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون‏» (185) .

قال الطوسي:

«الظلم المذكور في الآية هو الشرك عند اكثر المفسرين‏» ثم اكد هذا المعنى بذكره رواية‏عن عبدالله‏بن مسعود انه قال:

لمانزلت هذه الآية شق على الناس، وقالوا:

يارسول الله واينا لايظلم نفسه، فقال: «انه ليس الذي تعنون، الم تسمعوا الى ماقاله العبدالصالح (186) «يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم‏» (187) .

وفي معنى «يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول‏» (188) قال الطوسي:

روي عن ابي جعفرعليه السلام في معنى قوله: «يوحي بعضهم الى بعض‏» ان الشياطين يلقى بعضهم‏بعضا، فيلقي اليه مايغوي به الخلق، حتى يتعلم بعضهم من بعض (189) .

وفي معنى قوله تعالى:

«واسروا الندامة لما راوا العذاب‏» (190) .

قال الطوسي:

روي انه قيل لرسول الله‏صلى الله عليه وآله: مايغنيهم اسرار الندامة، وهم في النار؟

قال: يكرهون شماتة الاعداء.

وروي مثله عن ابي عبدالله‏عليه السلام (191) .

و عند تفسيره للآية الكريمة:

«ا لا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏» (192) .

قال الشيخ الطوسي:

روي عن الحسين‏عليه السلام: انهم الذين ادوا فرائض الله واخذوا بسنن رسول الله وتورعوا عن‏محارم الله، وزهدوا في عاجل الدنيا ورغبوا فيما عند الله، واكتسبوا الطيب من رزق الله‏لمعايشهم، لايريدون به التفاخر والتكاثر، ثم انفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فاولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا، ويثابون على ماقدموا منه لآخرتهم (193) .

وفي معنى قوله تعالى: «خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين‏» (194) .

قال الطوسي:

روي عن النبي صلى الله عليه و آله في قوله «وامر بالعرف‏» ان جبرئيل قال له: معناه تصل‏من قطعك و تعطي من حرمك و تعفو عمن ظلمك (195) .

وفي معنى قوله تعالى: «انما انت منذر ولكل قوم هاد» (196) .

قال المفسر:

وماروي عن ابي جعفر وابي عبدالله‏عليه السلام ان الهادي هو امام كل عصر معصوم يؤمن عليه‏الغلط وتعمد الباطل.

وروى الطبري باسناده عن عطاء عن سعيدبن جبير عن ابن عباس، قال: لمانزلت «انماانت منذر ولكل قوم هاد» وضع رسول الله‏صلى الله عليه وآله يده على صدره وقال:

انا المنذر «ولكل قوم هاد» واوما بيده الى منكب علي‏عليه السلام فقال: انت الهادي يا علي بك‏يهتدي المهتدون من بعدي (197) .

وعند تفسيره لقوله تعالى:

«يتجرعه ولا يكاد يسيغه وياتيه الموت من كل مكان‏» (198) .

قال: شيخنا الطوسي:

وروي عن النبي‏صلى الله عليه وآله انه قال: مايتجرعه يقرب اليه فيتكرهه، فاذا ادني منه شوى وجهه‏ووقعت فروه راسه، فاذا شربه قطع امعاءه حتى يخرج من دبره (199) .

وعند تفسيره لقوله تعالى:

«تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون‏» (200) .

قال مفسرنا: وقال ابوجعفر وابو عبدالله‏عليه السلام: «الآية متناولة لمن يقوم الى صلاة الليل عن‏لذيذ مضجعه وقت السحر (201) ».

وكما اخذ الشيخ الطوسي بروايات عن النبي‏صلى الله عليه وآله وائمة اهل البيت‏عليهم السلام، كذلك نجده‏ياخذ برواية غيرهم، اذا ماحصل عليها اجماع او تواتر، ومثال ذلك نراه عند تفسيره لقوله‏تعالى:

«ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم‏جزاءا ولا شكورا انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا» (202) .

فيقول:

وقد روت الخاصة والعامة ان هذه الآيات نزلت في علي وفاطمة والحسن‏والحسين‏عليهم السلام، فانهم آثروا المسكين واليتيم والاسير ثلاث ليال على افطارهم، وطوواولم‏يفطروا على شي‏ء من الطعام، فاثنى الله عليهم هذا الثناء الحسن، وانزل فيهم هذه‏السورة (203) .

ورغم الاهمية الكبرى التي اولاها الشيخ الطوسي على النقل والاثر في تفسيره، الا انه‏لم‏يكن ممن يتقبل الرواية والحديث دون تمحيص وتدقيق ومحاكمة وترجيح، لانه كان‏يرى ان من المفسرين من حمدت طرائقه ومدحت مذاهبه، كابن عباس والحسن وقتادة‏ومجاهد وغيرهم، ومنهم من ذمت مذاهبه، كابي صالح والسدي والكلبي وغيرهم (204) .

وحتى اولئك الذين قال عنهم: ان طرائقهم محمودة ومذاهبهم ممدوحة لم‏يتلق سائرماروي عنهم بالقبول ولم‏يجز لنفسه الانسياق مع سائر مروياتهم، الا بعد الاطمئنان لصحة‏مايروون ومن هنا نجده يضعف بعض آراء هولاء، ويرد اقوالهم، او يرجح غيرهم عليهم،ومن ذلك مافعله مع مجاهد وابن جريح، حينما قالا في تفسير قوله تعالى:

«وادعوا شهداءكم من دون الله‏» (205) .

اراد قوما يشهدون لكم بذلك ممن يقبل قولهم.

فقال الشيخ الطوسي: «وقول ابن عباس اقوى‏» (206) .

وكان ابن عباس قدقال: «اراد اعوانكم على ماانتم عليه‏».

كما ورد قولا لقتادة وهو يفسر قوله تعالى:

«قد علمنا ما فرضنا عليهم في ازواجهم‏» (207) .

عندما قال قتادة: معناه اي لانكاح الا بولي وشاهدين وصداق، والا يتجاوز الاربع فرده‏الشيخ الطوسي قائلا:

وعندنا ان الشاهدين ليسا من شرط صحة انعقاد العقد، ولا الولي اذا كانت المراة بالغة‏رشيدة، لانها ولية نفسها (208) .

وقدرد الشيخ الطوسي على الحسن ومجاهد ضعف قولهما في ابن نوح عند تفسيرهمالقوله تعالى:

«قال يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فلا تسالن ما ليس لك به علم‏» (209) .

فقال: قال الحسن ومجاهد: انه كان لغيره، وولد على فراشه فسال نوح على الظاهرفاعلمه الله باطن الامر، فنفاه منه على ماعلمه، فيكون على هذا هو نفسه عمل غيرصالح، كما يقولون: الشعر زهير.

فاستهجن الشيخ الطوسي هذا القول ورده قائلا:

«وهذا الوجه ضعيف، لان في ذلك طعنا على نبي واضافة مالايليق به اليه (210) ».

كما ورد الطوسي على ابن عباس في نفس الموضع حينما قال: ان المعنى: ان سؤالك‏اياي هذا عمل غير صالح، فاشكل عليه مفسرنا قائلا:

وهذا ضعيف: لان فيه اضافة القبيح الى الانبياءعليهم السلام، وذلك لايجوز عندنا على حال (211) .

ومثل هذه الردود قدوردت كثيرا على صفحات التبيان، مما يؤكد التزام الشيخ الطوسي‏بمنهجه الذي تبناه والقائم على البحث عن الواقع والصواب، ورد كل ما لم‏تتوفر فيه‏المواصفات التي ذكرها الشيخ الطوسي شروطا لقبول الرواية والنقل المعتبر.

ومن ذلك ماقاله في تفسيره للآية الكريمة:

«ان الذين كفروا سوآء عليهم ء انذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون‏» (212) .

وقال ابن عباس: نزلت في قوم باعيانهم من احبار اليهود ذكرهم باعيانهم من اليهودالذين حول المدينة.

وقال قوم: نزلت في مشركي العرب.

فقال الشيخ الطوسي رافضا لكل الاقوال التي قيلت في هذا المعنى:

والذي نقوله: انه لابد من ان تكون الآية مخصوصة; لان حملها على العموم غير ممكن،لانا علمنا ان في الكفار من يؤمن فلايمكن العموم، واما القطع على واحد مما قالوه، فلادليل عليه (213) .

ولعل تردد الشيخ الطوسي في قبوله لاقوال ابن عباس يعود الى ماقيل عن طرق الرواية‏عنه من انها «غير مرضية ورواتها مجاهيل (214) ».

ومن تلك الطرق، طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.

«وجويبر هذا شديد الضعف متروك (215) ».

«وطريق الضحاك‏بن مزاحم عن ابن عباس منقطعة; لان الضحاك لم‏يلقه (216) ».

وقدروى الطبري عن مشاش انه قال: «قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس شيئا؟

قال: لا (217) ».

ومن طرق ابن عباس، مارواه المفسرون عن ابن جريح الذي يقول عنه السيوطي:«لم‏يقصد الصحة، وانما روى ماذكر في كل آية من الصحيح والسقيم (218) ».

ومن تلك الطرق ايضا: طريق العوفي عن ابن عباس: «والعوفي ضعيف وليس بواه (219) ».

«واوهن طرق ابن عباس طريق الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس، فاذا انضم الى‏ذلك رواية محمدبن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب (220) ».

والى هذا المعنى اشار الشيخ الطوسي في مقدمة كتابه عندما قال:

ولاينبغي لاحد ان ينظر في تفسير آية لاينبئ ظاهرها عن المراد تفصيلا، او يقلد احدامن المفسرين، لان من المفسرين... من ذمت مذاهبه كابي صالح، والسدي، والكلبي‏وغيرهم (221) .

وابو صالح هذا كان يمر به الشعبي: فياخذ باذنه فيعركها ويقول:

«تفسر القرآن وانت لاتقرا القرآن (222) ».

واما السدي فقدقيل فيه انه «ضعيف وكذاب وشتام (223) ».

وقدروى الطبري عن الشعبي انه مر يوما على السدي وهو يفسر فقال:

«لان يضرب على استك بالطبل خير لك من مجلسك هذا (224) ».

ومثل هذه العبارة القاسية تنبئ عن المرارة التي كان يعاني منها من عاصر السدي واطلع‏على احواله من المفسرين والعلماء.

ولكننا مع ذلك نجد الشيخ الطوسي ياخذ عن السدي شيئا كثيرا، وان كان هذا لايعني‏انه ياخذ منه كل شي‏ء ودون محاكمة وتدقيق خاصة، وانه قدسبق له ان ذم مذهبه في‏التفسير، مما يدلل على انه كان يراعي في النقل عنه، وقد لاينقل من اقواله الا مايرى فيه‏وجها حسنا.

واذا كان موقف الشيخ الطوسي من اقوال الطبقة الاولى على هذا النحو من الدقة في‏التحري والتمحيص والغربلة، فان موقفه من اقوال المفسرين المتاخرين لايقل شانا عن‏موقفه ممن سبقهم، لانه كان يتهمهم بالانحياز لمذاهبهم، وهو امر غاية في الخطورة، اذلم‏يكن طلب الحقيقة هو المقصود في تفاسيرهم، وانما كان «كل واحد منهم قدنصر مذهبه‏وتاول على مايطابق اصله‏» ولهذا قال الطوسي فيهم: «ولايجوز لاحد ان يقلد احدامنهم‏» (225) . لذلك نجده يقف من تفاسيرهم موقف المتامل، فياخذ منها ماياخذ بعد رؤية وتمعن‏ويرفض منها مايستحق الرفض، ويناقش ماينبغي مناقشته من اقوالهم وآرائهم، وكما فعل‏مع الطبري (226) والبلخي (227) والجبائي (228) والرماني (229) .

ومن متابعة موقف الطوسي من الاعتماد على الماثور يتضح لنا ان للتفسير بالماثورلدى الشيخ الطوسي حدودا ثابتة، قائمة على تدقيق الروايات وتمحيصها وقبول الاثرالصحيح منها، دون الشعور بضرورة السير وراء النقول والمرويات في كل الفروض، وبهذايكون الشيخ الطوسي قد ارسى قواعد اساسية في قبول الرواية لمن جاء بعده من المفسرين،واسهم الى حد كبير في عملية تطوير المنهج التفسيري المعتمد اساسا على النقل والاثر.

موقفه من التوراة والانجيل

تطرق الشيخ الطوسي في معرض حديثه عن اليهود والنصارى، وهو يفسر الآيات‏القرآنية التي ذكرتهم بما هم عليه، وقدرد عليهم كثيرا من آرائهم واقوالهم; كما واستنكرمواقفهم من الدعوة الاسلامية، ونبيها العظيم محمدعليه السلام، وكذلك تطرق الى ذكر عقائدهم‏والانحرافات التي اتسمت‏بها حياتهم الفكرية والعقائدية ومنحاهم السلوكي الخاص، وهوعبر كل تلك الملاحظات التي يوردها عليهم، لم‏يعتمد نصا من كتبهم، وانما احتج عليهم‏بآيات من القرآن، كانت تحذرهم او توبخهم، بشي‏ء من التقريع واللوم، وتصفهم بمايستحقون من النعوت والصفات، ولعل قلة اعتماد الشيخ الطوسي على ماتنص عليه كتبهم -اي التوراة والانجيل - ربما يكون ذلك ناجما عن عدم توفر القناعة لدى المفسر بصحة‏ماجاءت به تلك الكتب خاصة وانها قدتعرضت الى المزيد من التحريف والتزوير على‏ايديهم، وصاغوها تبعا لاهوائهم ومصالحهم، ومع ذلك نجد الشيخ الطوسي احياناقديستشهد ببعض النصوص من التوراة والانجيل الواضحة الصحة عنده، وكما ذكر عندتفسيره لقوله تعالى:

«الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة‏والانجيل‏» (230) .

ومعنى «يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل‏» انهم يجدون نعته وصفته ولانه مكتوب‏في التوراة (اتانا الله من سينا واشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران) وفيها: ساقيم‏لهم نبيا من اخوتهم، مثلك واجعل كلامي في فمه، فيقول لهم كل مااوصيه به وفيها:

واما ابن‏الامة فقد باركت عليه جدا جدا،وسيلد اثني‏عشر عظيما، واؤخره لامة عظيمة.

وفي الانجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها: يعطيكم فارقليط آخر يكون معكم‏آخر الدهر كله.

وفيها: انه اذا جاء فند اهل العلم.

وفيها: انه يدبركم بجميع الخلق ويخبركم بالامور المزمعة ويمدحني ويشهد لي (231) .وهكذا لم نجد الشيخ الطوسي مكثرا من استشهاداته بنصوص التوراة والانجيل‏ولم‏يعرهما اهتماما خاصا في تفسيره، و لم يلتغب اليها الا نادرا.

تعليقات:


1) السيوطي، الاتقان، ج‏2، ص‏175.

2) الانعام(6) الآية‏65.

3) الجامع الصحيح للبخاري بحاشية السندي، كتاب تفسير القرآن; لقمان(31) الآية 13.

4) الذهبي، التفسير والمفسرون، ط‏2، ج‏1، ص‏41.

5) ابن‏كثير، تفسير القرآن العظيم، ط‏3، ج‏3، ص‏445; الآيات: لقمان(31) 14; والاحقاف(46) 15.

6) محمدبن جرير الطبرى: جامع البيان عن تاويل القرآن، تحقيق محمود محمد شاكر; ج 1 ص‏418; الآيات:غافر(45) 11; والبقرة(2) 28.

7) الغاشية(88) الآية‏1.

8) الطبرسي، مجمع‏البيان، ج‏10، ص‏478. والآية: ابراهيم(14) 50.

9) محمد عبده، شرح نهج البلاغة، ج‏2، ص‏17، بيروت.

10) الزمخشري، الكشاف، ج‏2، ص‏193.

11) ابن‏تيميه، مقدمه فى اصول التفسير، تحقيق دعدنان زرزور، ص‏63.

12) الفاتحه (1) الآية 2.

13) يوسف (12) الآية 44.

14) المائدة (5) الآية 66.

15) النساء (4) الآية (22).

16) انظر التبيان، ج‏1، ص‏32.

17) البقرة (2) الآية 7.

18) المطففين (83) الآية 26.

19) الاحزاب (33) الآية 40.

20) انظر التبيان، ج‏1، ص‏64.

21) البقرة (2) الآية 29.

22) الزخرف (43) الآية 13.

23) القصص (28) الآية 14.

24) انظر التبيان، ج‏1، ص‏126.

25) البقرة (2) الآية 35.

26) الكهف (18) الآية 33.

27) هود (11) الآية 18.

28) الانبياء (21) الآية 87.

29) انظر التبيان، ج‏1، ص‏160.

30) البقرة (2) الآية 50.

31) الشعراء (26) الآية 63.

32) الانفال (8) الآية 41.

33) الاسراء (17) الآية 106.

34) الدخان (44) الآية 4.

35) انظر التبيان، ج‏1، ص‏224.

36) البقرة (2) الآية 196.

37) الاعراف (7) الآية 127.

38) الانعام (6) الآية 71.

39) الرعد (13) الآية 12.

40) الرعد (13) الآية 41.

41) انظر التبيان، ج‏2، ص‏192.

42) البقرة (2) الآية 202.

43) النبا (78) الآية 36.

44) الكهف (18) الآية 41.

45) البقرة (2) الآية 212.

46) الرحمن (55) الآية 5.

47) انظر التبيان، ج‏2، ص‏174.

48) البقرة (2) الآية 250.

49) الرحمن (55) الآية 31.

50) القصص (28) الآية 10.

51) انظر التبيان ج‏2، ص‏298.

52) البقرة (2) الآية 226.

53) العصر (103) الآيات 1 و2.

54) يوسف (12) الآية 49.

55) انظر التبيان، ج‏2، ص‏342 والآية: النبا (1478).

56) المائدة (5) الآية 70.

57) النازعات 79) الآيات 40 و41.

58) القارعة (101) الآية 9.

59) ابراهيم (14) الآية 43.

60) الانعام (6) الآية 71.

61) انظر التبيان، ج‏3، ص‏582.

62) الاعراف (7) الآية 6.

63) القصص (28) الآية 78.

64) الصافات 37) الآية 24.

65) انظر التبيان، ج‏4، ص‏249.

66) القصص (28) الآية 78.

67) الحجر (15) الآية 92.

68) يس (36) الآية 59.

69) المؤمنون (23) الآية 101.

70) الصافات (37) الآية 27.

71) انظر التبيان، ج‏4، ص‏350 والآية: القلم (68) 30.

72) الحجر (15) الآية 22.

73) الروم (30) الآية 46.

74) الروم (30) الآية 48.

75) الذاريات (51) الآية 41.

76) الحاقه (69) الآية 6.

77) انظر التبيان، ج‏4، ص‏428 والآية: الاحقاف (46) 24.

78) فصلت (41) الآية 12.

79) فصلت (41) الآية 9.

80) يشير الى قوله تعالى: «وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين‏» فصلت (41) الآية 10.

81) الاعراف (7)، الآية 54; يونس (10)، الآية 3.

82) انظر التبيان، ج‏9، ص‏110.

83) الرعد (13) الآية 28.

84) مشيرا الى قوله تعالى: «انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم و اذا تليت عليهم آياته زادتهم‏ايماناوعلى ربهم يتوكلون‏» الانفال (8) الآية 2.

85) انظر التبيان، ج‏6، ص‏250.

86) عبس (80) الآية 1.

87) القلم (68) الآية 4.

88) آل عمران (3) الآية 109.

89) انظر التبيان، ج‏10، ص‏268 والآية: الانعام (6) 52.

90) آل عمران (3) الآية 28.

91) آل عمران (3) الآية 118.

92) المجادلة (58) الآية 22.

93) الانعام (6) الآية 68.

94) الاعراف (7) الآية 198.

95) التوبة (9) الآية 73.

96) المائدة (5) الآية 51.

97) انظر التبيان، ج‏2، ص‏433 - 434.

98) الشورى (42) الآية 40.

99) المائدة (5) الآية 40.

100) النحل (16) الآية 126.

101) انظر التبيان، ج‏9، ص‏167، الآية: البقرة (2) 194.

102) رمضان، الطباطبائى ومنهجه في تفسير القرآن، ص‏163.

103) الصدر، دروس في علم الاصول، الحلقة الاولى، ص‏130.

104) الصافات (37) الآية 96.

105) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏470.

106) نفس المصدر.

107) الدخان (44) الآية 49.

108) عبدالرحمن المك، اصول التفسير، ص‏71.

109) دروزه، القرآن المجيد، ص‏204.

110) النساء (4) الآية 49.

111) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏222.

112) النساء (4) الآية 80.

113) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏268.

114) المائدة (5) الآية 27.

115) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏491.

116) الاعراف (7) الآية 96.

117) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏61.

118) التوبة (9) الآية 116.

119) الطوسى، التبيان، ج‏5، ص‏311.

120) يونس (10) الآية 9.

121) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏342.

122) آل عمران (3) الآية 28.

123) الطوسى، التبيان، ج‏2، ص‏434.

124) آل عمران (3) الآية 109.

125) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏555.

126) الحكيم، الاصول العامة للفقه المقارن، ط‏1، ص‏147، ومابعدها بيروت.

127) المظفر، عقائد الامامية، ص‏67.

128) انظر سنن الترمذي، ابواب المناقب، مناقب اهل البيت; والمراجعات للسيد عبدالحسين شرف‏الدين،ط‏19،ص 14 - 15، القاهره.

129) انظر التبيان، ج‏1، ص‏5.

130) نفس المصدر.

131) الاعراف(7)، الآية 187.

132) لقمان (31)، الآية 34.

133) الانعام (6)، الآية 151.

134) التوحيد (112) الآية 1.

135) البقرة (2) الآيات 43 و83; النساء (4) الآية 76; الحج (22) الآية 78; النور (24) الآية 56; المجادلة (58)الآية 13; المزمل (73) الآية 20.

136) آل عمران (3) الآية 97.

137) الانعام (6) الآية 141.

138) المعارج (70) الآية 24.

139) انظر التبيان، ج‏1، ص‏5 - 6.

140) انظر التبيان، ج‏1، ص‏6.

141) نفس المصدر.

142) عدة الاصول، المقدمة.

143) الشهيد العاملى، الدراية في علم مصطلح الحديث، ص‏12.

144) زكي الذين شعبان، اصول الفقه، ط‏2، ص‏147 ومابعدها; محمد ابو زهرة، اصول الفقه، ص‏103 ومابعدها;على حسب الله، اصول التشريع الاسلامي، ص‏43.

145) الخوئي، البيان فى تفسير القرآن، ص‏399 - 400.

146) الطباطبائي، القرآن في الاسلام، ص‏74.

147) الطوسي، التبيان، ج‏2ص‏214.

148) البقرة (2) الآية 280.

149) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏369.

150) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏369.

151) المائدة (5) الآية 42.

152) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏523.

153) الكوثر (108) الآية 2.

154) الطوسي، التبيان، ج‏10، ص‏418.

155) الطوسي، التبيان، ج‏10، ص‏418.

156) الطباطبائي، القرآن في‏الاسلام، ص‏67.

157) الانفال (8) الآية 1.

158) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏71.

159) نفس المصدر، ص 72.

160) نفس المصدر.

161) ابن كثير، البداية والنهاية، ص‏97; الاتابكي، النجوم الزاهرة، ج 5، ص 82.

162) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏167.

163) النساء (4) الآية 24.

164) تختفئوا: اي تاكلوا (الخفا) وهو اصل البردي حيث كان يقشرونه وياكلونه عند المجاعة.

165) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏438.

166) المائدة (5) الآية 3.

167) الواقعة (56) الآية 96.

168) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏513 - 514.

169) النور (24) الآية 2.

170) النور (24) الآية 3.

171) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏361.

172) البقرة (2) الآية 274.

173) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏357.

174) آل عمران (3) الآية 83.

175) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏519.

176) آل عمران (3) الآية 86.

177) انظر التبيان، ج‏2، ص‏521.

178) التوبة (9) الآية 19.

179) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏190.

180) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏4.

181) البقرة (2) الآية 185.

182) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏121 - 122.

183) البقرة (2) الآية 199.

184) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏168.

185) الانعام (6) الآية 82.

186) انظر التبيان، ج‏4، ص‏190، (والعبد الصالح هو لقمان)

187) لقمان (31) الآية 13.

188) الانعام (6) الآية 112.

189) انظر التبيان، ج‏4، ص‏242.

190) يونس (10) الآية 54.

191) انظر التبيان، ج‏5، ص‏393.

192) يونس، (10) 62.

193) انظر التبيان، ج‏5، ص‏401 - 402.

194) الاعراف (7) الآية 199.

195) انظر التبيان، ج‏5، ص‏63.

196) الرعد (13) الآية 7.

197) انظر التبيان، ج‏6، ص‏223.

198) ابراهيم (14) الآية 17.

199) انظر التبيان، ج‏6، ص‏284.

200) السجدة (32) الآية 16.

201) انظر التبيان، ج‏8، ص‏303.

202) الدهر (76) الآيات 8 - 10.

203) انظر التبيان، ج‏10، ص‏211.

204) انظر التبيان، ج‏10، ص‏6.

205) البقرة (2) الآية 23.

206) التبيان، ج‏1، ص‏105.

207) الاحزاب (33) الآية 50.

208) انظر التبيان، ج‏8، ص‏319 - 320.

209) هود (11) الآية 46.

210) انظر التبيان، ج‏1، ص‏494.

211) نفس المصدر.

212) البقرة (2) الآية 6.

213) انظر التبيان، ج‏1، ص‏60.

214) السيوطي، الاتقان، ج‏2، ص‏321.

215) نفس المصدر، ج‏2، ص‏322.

216) نفس المصدر.

217) تفسير الطبري، ج‏1، ص‏40.

218) السيوطي، الاتقان، ج‏2، ص‏321.

219) نفس المصدر، ج‏2، ص‏322.

220) نفس المصدر.

221) انظر التبيان، ج‏1، ص‏6.

222) تفسير الطبري، ج‏1، ص‏40.

223) دائرة المعارف الاسلامية، تعليق امين الخولي، ج‏5، ص‏350.

224) تفسير الطبري، ج‏1، ص‏41.

225) انظر التبيان، ج‏1، ص‏6.

226) انظر التبيان، ج‏1، ص‏61، ص‏233، 416 و ج‏2، ص‏375، 527 وغيرها.

227) انظر التبيان، ج‏2، ص‏385 - 386 و ج‏4، ص‏120 و ج‏6، ص‏135 و ج‏8، ص‏260 - 261.

228) انظر التبيان، ج‏7 و ص‏73، ج‏6 ص‏167 و ج‏2، ص‏323.

229) انظر التبيان، ج‏1، ص‏393 و ج‏2، ص‏21 - 22 و ج‏2، ص‏53 و ج‏2، ص‏406 و ج‏2، ص‏496.

230) الاعراف (7) الآية 157.

231) انظر التبيان، ج‏4، ص‏560.