الفصل الثالث: الجانب الاثري في التبيان
تفسير القرآن بالقرآن
تشهد كتب التفسير القديمة والحديثة على ان هذا اللون من التفسير قد مارسهالمفسرون القدامى والمحدثون، بل واعتبره العلماء
اول الطرق في تفسير القرآن الكريم التيينبغي للمفسر ان يسلكها وينتهجها عند اية محاولة تفسيرية لكتاب الله، وبذلك قالوا:
من اراد تفسير الكتاب العزيز يطلبه اولا من القرآن، فان اعياه ذلك طلبه من السنة، فانهاشارحة للقرآن وموضحة له (1) .
وكان رسولاللهصلى الله عليه وآله اول من عمد الى هذا السبيل، فانتهجه، حيث كان يستعين ببعضآيات القرآن الكريم ليشرح بها
البعض الآخر، ومن ذلك تفسيرهصلى الله عليه وآله للظلم في قوله تعالى:«ولم يلبسوا ايمانهم بظلم» (2) بالشرك، واستدل بقوله
تعالى «ان الشرك لظلم عظيم» (3) .
وبهذا يكون رسولاللهصلى الله عليه وآله قد ارسى لمن بعده قواعد منهج تفسيري لايستغني عنه ايمفسر وعلى هذا النهجسار
ائمة اهل البيتعليهم السلام، كما شهد عصر الصحابة مثل هذا اللون منالتفسير، فيقول الذهبي:
«وهو يعني تفسير القرآن بالقرآن ماكان يرجع اليه الصحابة في تعرف بعض معانيالقرآن (4) ».
وتذكر روايات عديدة ان عمربن الخطاب احضرت عنده امراة قد ولدت لستة اشهرفهم برجمها، فنهاه الامام عليعليه السلام عن
ذلك، واوضح ان مدة حملها جاء وفق احكام القرآن،واستدل بهاتين الآيتين، فخلى سبيلها، فقال: «لولا علي لهلك عمر».
والى هذا اشار ابنكثير في تفسيره فقال في معنى قوله تعالى:
«وفصاله في عامين» ان جماعة من الصحابة استنبطوا ان اقل مدة للحمل ستة اشهر لقولهتعالى «وحمله وفصاله ثلاثون شهرا» (5) .
ويقول ابنعباس في تفسيره لقوله تعالى: «ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين».
بانهم كانوا امواتا في اصلاب آبائهم، او كانوا ترابا قبل ان يخلقوا فهي ميتة، ثم احياهافهذه احياءة، ثم يميتهم الميتة التي لابد منها
في الدنيا وهي ميتة اخرى، ثم يحييهمويبعثهم يوم القيامة، وهذه احياءة اخرى، وعلى هذا تحصل ميتتان وحياتان، فهو قولالله
تعالى «كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون» (6) .
بعد عصر الصحابة تابعهم التابعون على نفس المنهج التفسيري، حيث كانوا يفسرونبعض آيات القرآن الكريم بآيات كريمة اخرى،
ومن ذلك تفسير قوله تعالى:«هلاتاك حديثالغاشية» (7) .
فعن محمدبن كعب القرظي وسعيدبن جبير ان الغاشية هي النار، تغشى وجوه الكفار،وهو قوله تعالى: «تغشى وجوههم النار» (8) .
وياتى اهتمام المفسرين بهذا اللون من التفسير; لان القرآن وكما قال عنه الامامعليعليه السلام: «ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه
على بعض (9) ».
وبهذا يقول الزمخشري مادحا لهذا النوع من التفسير: «اسد المعاني ما دل عليهالقرآن (10) ».
ويقول ابنتيمية:
ان اصح الطرق في ذلك - يعنى التفسير - ان يفسر القرآن بالقرآن فما اجمل في مكان قدفسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان
فقد بسط في موضع آخر (11) .
والشيخ الطوسي اعتمد هذا الاسلوب في تفسيره لآيات الكتاب المبين، فتراه احيانايفسر مفردة قرآنية بجمع القرائن الدالة على
معناها، من خلال احضاره لعدد من الآيات التيتشكل بمجموعها دليلا قاطعا على المراد، كما نجده احيانا يثبتحكما شرعيا تنص
عليهآية يضمة آيات اخرى اليها فتتكامل الصورة الداخلة على الحكم من خلال آيات قرآنيةمتفرقة يعمل الطوسي عل جمعها في
المورد، كما يستعين بالآيات القرآنية احيانا في دعمراي له، او رد آراء غيره من المفسرين عندما يراهم قد ابتعدوا في تفسيرهم عن
الصواب،كما يحاول في مناسبات عديدة من ان يحل اشكالا ظاهريا او تناقضا بدويا بين بعضالآيات القرآنية، وبهذا يكون الطوسي
قداستفاد من القرآن ايما استفادة في شرحه لمعانيالآيات ومفاهيمها، وهنا نورد جملة من الشواهد التي تؤكد انتهاجه لهذا النوع
من التفسير،فهو عند تفسيره لكلمة الرب في قوله تعالى «الحمد لله رب العالمين» (12) قال:
اما الرب فله معنان في اللغة، فيسمي السيد المطاع ربا، ومنه قوله تعالى: «اما احدكمافيسقي ربه خمرا» (13) يعنى سيده، ومنه قيل:
رب ضيعة، اذا كان يحاول اتمامها،و«الربانيون» (14) من هذا من حيث كانوا مدبرين لهم.
وقوله:«رب العالمين» اي المالك لتدبيرهم والمالك للشيء يسمى ربه، ولايطلق هذاالاسم الا على الله، اما في غيره فيقيد، فيقال:
رب الدار، وقيل: انه مشتق من التربية، ومنهقوله «وربائبكم اللاتي في حجوركم» (15) .
ومتى قيل في الله: انه رب بمعنى انه سيد فهو من صفات ذاته، واذا قيل: بمعنى انه مدبرمصلح، فهو من صفات الافعال (16) .
وعند تفسيره للختم فى قوله:
«ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم» (17) .
قال الشيخ الطوسي:
«ختم الله على قلوبهم» اي شهد عليها بانها لاتقبل الحق يقول القائل: اراك تختم على كلمايقول فلان، اي تشهد به وتصدقه.
وقيل: (المعنى في ذلك انه ذمهم بانها كالمختوم عليها في انها لايدخلها الايمان ولايخرج منها الكفر).
والختم آخر الشيء ومنه قوله تعالى«ختامه مسك » (18) ومنه «خاتم النبيين» (19) اي آخرهم (20) .
وعند تفسيره لكلمة (استوى) في قوله تعالى: «ثم استوى الى السماء فسويهن سبعسموات» (21) .
قال المفسر:
وقال قوم: معنى «استوى» اي استولى على السماء بالقهر كما قال «لتستووا على ظهوره» (22) اي تقهروه.
ومنه قوله تعالى «ولما بلغ اشده واستوى» (23) اي تمكن من امره وقهر هواه بعقله فقال «ثماستوى الى السماء» في تفرده بملكها،
ولميجعلها كالارض ملكا لخلقه (24) .
وعند تفسيره (للظلم) في قوله تعالى «فتكونا من الظالمين» (25) .
قال الطوسي:
واصل الظلم انتقاص الحق لقوله تعالى: «كلتا الجنتين آتت اكلها ولم تظلم منه شيئا» (26) ايلمتنقص، وقيل: اصله وضع الشيء في
غير موضعه من قولهم: من يشبه اباه فماظلم ايفما وضع الشبه في غير موضعه، وكلاهما مطرد وعلى الوجهين فالظلم اسم ذم،
ولايجوز ان يطلق الا على مستحق اللعن لقوله: «الا لعنة الله على الظالمين» (27) .
وقوله «اني كنت من الظالمين» (28) حكاية عن يونس من حيثبخس نفسه الثواب بتركالمندوب اليه (29) .
وعند تفسيره لقوله تعالى:
«و اذ فرقنا بكم البحر فانجيناكم واغرقنا آل فرعون وانتم تنظرون» (30) . قال في معنى الفرق:
والفرق: الطائفة من كل شيء، ومن الماء اذا انفرق بعضه عن بعض، وكل طائفة من ذلكفرق، وقوله «فكان كل فرق كالطود
العظيم» (31) يعني الفرق من الماء، والفريق الطائفة منالناس، والفرقان: اسم للقرآن، وكل كتاب انزل الله، وفرق به بين الحق
والباطل فهوفرقان، وسمى الله التوارة فرقانا، وقوله «يوم الفرقان يوم التقى الجمعان» (32) كان يوم بدر ويوماحد، فرق الله بين الحق
والباطل.
وقوله: «وقرآنا فرقناه» (33) معناه احكمناه كقوله «فيها يفرق كل امر حكيم» (34) وتقول:
مفرق ما بين الطرفين (35) .
وعند تفسيره لكلمة العقاب في قوله تعالى: «واعلموا ان الله شديد العقاب» (36) .
حاول الشيخ الطوسي ان يجمع ما تشابه في اللفظ مع العقاب، واستشهد لبيان ذلكبآيات من القرآن الكريم، فقال في معرض شرحه
لمعنى العقاب:
عقب الشيء بمعنى خلف بعد الاول، واعقب اعقابا ، وتعقب الراى تعقبا « والعاقبةللمتقين » (37) اي الآخرة. « ونرد على اعقابنا » (38) اي
نعقب بالشر بعد الخير ، والعقبة : ركوباعقبه المشي و « له معقبات » (39) : ملائكة الليل تخلف ملائكة النهار ، وعقب الانسان :نسله ، و
عقبة مؤخر قدمه . . . والعقاب : الطائر . . . « لا معقب لحكمه » (40) اي لا راد لقضائه (41) .
وقديتوسع الشيخ الطوسي ويسهب في شرح بعض المفردات القرآنية، وياتي بالشواهدالقرآنية العديدة على توضيح المعنى المراد
كما في قوله تعالى «والله سريع الحساب» (42) .
فقال:
يعني في العدل من غير حاجة الى خط ولاعقد، لانه - عز وجل - عالم به، وانما يحاسبالعبد مظاهرة في العدل، واحالة على
مايوجبه الفعل من خير او شر... ونقول منالحساب: حسب الحساب يحسبه حسبا... واحسبني من العطاء احسابا اي كفاني«وعطاء
حسابا (43) » اي كافيا.
والحسبان: سهام قصار ومنه «يرسل عليها حسبانا من السماء» (44) .
«يرزق من يشاء بغير حساب» (45) اي بغير تضييق.
«والشمس والقمر بحسبان» (46) اي قدر لها مواقيت معلومة لايعدونها (47) .
وهكذا نجده ياتي بكل لفظ مشابه او قريب من الحساب، فيعطيه مايستحقه منالتوضيح والبيان، وبهذا يكون الشيخ الطوسي،
قدمنح قارئ التبيان اوسع فرصة للاستفادةمن المفردة القرآنية من خلال ربطها بغيرها، فتتكامل الصورة عن الكلمة ومشتقاتها،
ومايقرب منها فى الذهن مع شد القارئ لاستحضار العديد من الآيات القرآنية، والتي منشانها ان تخلق في ذهنه نوعا من المران،
يستطيع من خلالها ان يربط بين المتشابه فيالالفاظ القرآنية، ويخلق منها وحدة متكاملة; لاشباع الموضوع واغنائه، وهو
اسلوبعملي عنال لايستبعد ان يكون الشيخ الطوسي هادفا لخلقه، سيما وانه قدمارس طريقةالحوار ردحا من الزمن، واعطته
المناظرات العقائدية المستمرة مع علماء عصره مثل هذهالتجربة التي ربما حاول تعميمها وترويجها عبر تداول مثل هذا الطرح
الشمولي في الفاظالكتاب العزيز.
وهذا الاسهاب المقصود والربط الهادف بين آيات القرآن الكريم نجده في اكثر منمكان بين صفحات التبيان فهو في تفسيره لقوله
تعالى:
«ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين» (48) . وضح المعنى لكلمة«ربنا افرغ» بشيء من التفصيل: فقال:
وقوله: «فرغ » فالافراغ: صب السيال على جهة اخلاء المكان منه، واصله الخلو، وانماقيل: «افرغ علينا صبرا » تشبيها بتفريغ الاناء من
جهة انه نهاية ماتوجبه الحكمة، كما انهنهاية ما في الواحد من الآنية.
وقوله «سنفرغ لكم ايها الثقلان» (49) معناه سنعمد; لانه عمل مجرد من غير شاغل.
ومنه قوله تعالى «واصبح فؤاد ام موسى فارغا» (50) اي خاليا من الصبر، والفرغ مفرغ الدلو (51) .
ومثل هذه الاطالة النافعة نجدها في تفسير الشيخ الطوسي لكلمة الاعصار في قولهتعالى:
«ايود احدكم ان تكون له جنة من نخيل واعناب تجري من تحتها الانهار له فيها من كلالثمرات واصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فاصابها
اعصار فيه نار فاحترقت» (52) .
فقال:
وقوله «فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت» فالعصر عصر الثوب ونحوه من كل شيء رطبعصرته عصرا فهو معصور.
والعصر: الدهر وفي التنزيل «والعصر ان الانسان لفي خسر» (53) والعصر; العشي، ومنه صلاةالعصر; لانها تعصر اي تؤخر الشيء
بالتعصر فيه.
والعصر النجاة من الجدب، ومنه قوله تعالى: «فيه يغاث الناس وفيه يعصرون» (54) ; لانه كعصرالثوب في الخروج من حال الى حال.
والاعصار غبار يلتف بين السماء والارض كالتفاف الثوب في العصر، والمعصراتالسحاب، ومنه قوله تعالى «وانزلنا من المعصرات ماء
ثجاجا» (55) .
كما ونجد شيخنا الطوسي يطيل في توضيحه كلمة (الهوى) في قوله تعالى: «كلما جاءهمرسول بما لا تهوى انفسهم فريقا كذبوا
وفريقا يقتلون» (56) .
فقال:
والهوى هو لطف محل الشيء من النفس مع الميل اليه بما لاينبغي، فلذلك غلب علىالهوى صفة الذم، كما قال تعالى: «ونهى
النفس عن الهوى فان الجنة هي الماوى» (57) .
ويقال:منه هوى يهوى، ويقال: هوى يهوي هويا، اذا انحط في الهواء... «فامه هاويه» (58) ايجهنم; لانه يهوي فيها.
وقوله «وافئدتهم هواء» (59) قيل: فيه قولان:
احدهما: انها منحرفة لاتقي شيئا كهواء الجو.
والآخر: انه قداطارها الخوف.
اي استهوته من هوىالنفس (61) ، وقديعمد المفسر احيانا الى
تسليط الاضواء على جوانب من المفردة القرآنية،ويشبعها بحثا بعد ان يجمع الاشتات، فيكون منها صورا مختلفة، قدتتباين
احيانالتؤدي اكثر من معنى من خلال استعمالات متعددة، تقتضيها طبيعة السياق والصياغةالقرآنية، كما في قوله تعالى: «فلنسالن
الذين ارسل اليهم ولنسالن المرسلين» (62) .
اذ نجد الشيخ الطوسي يفترض اشكالا على النص بغية استجلاء الحقيقة وابرازهافيقول:
فان قيل: كيف يجمع بين قوله: «ولا يسال عن ذنوبهم المجرمون» (63) وقوله «فلنسالنالذين ارسل اليهم»؟ ثم يجيب الطوسي على
هذا الاشكال الذي افترضه بقوله:
قلنا فيه قولان:
احدهما: انه نفى ان يسالهم سؤال استرشاد واستعلام، وانما يسالهم سؤال توبيخوتبكيت.
الثاني: تتقطع المسالة عند حصولهم على العقوبة، كما قال: «فيومئذ لا يسال عن ذنبه انسولا جان» وقال في موضع آخر: «وقفوهم
انهم مسؤولون» (64) والوجه ما قلناه: انه يسالهمسؤال توبيخ قبل دخولهم في النار، فاذا دخلوها انقطع سؤالهم (65) .
ثم ياتي الشيخ الطوسي بالعديد من الآيات القرآنية الكريمة التي تعرضت لموضوعالسؤال فيصنفها تصنيفا رائعا ويضع كلا منها في
مكانه الطبيعي الذي تتجلى من خلالهروعة النص القرآني واسلوب التعبير الفني الذي جاءت به الآيات البينات فيقول:
وقوله: «ولا يسال عن ذنوبهم المجرمون» (66) المراد به لايسالون سؤال استعلام واستخبارليعلم ذلك من قولهم; لانه تعالى عالم
باعمالهم قبل خلقهم، واما قوله: «فلنسالن الذينارسل اليهم ولنسالن المرسلين» وقوله: «فو ربك لنسئلنهم اجمعين عما كانوا
يعملون» (67) . فهومسالة توبيخ وتقريع كقوله: «الم اعهد اليكم» (68) وسؤاله للمرسلين، ليس للتوبيخولاللتقريع، لكنه توبيخ للكفار،
وتقريع لهم ايضا، واما قوله: «فلا انساب بينهم يومئذ ولايتساءلون» (69) فمعناه سؤال تعاطي واستخبار عن الحال التي جهلها بعضهم
لتشاغلهم عنذلك، وقوله «واقبل بعضهم على بعض يتساءلون» (70) فهو سؤال توبيخ وتقريع وتلاوم، كما قال:«فاقبل بعضهم على بعض
يتلاومون» (71) .
وهكذا نجد الشيخ الطوسي يعطي الكلمة القرآنية حقها من التوضيح، كما ويحل ايتناقض بدوي يتوهمه القارئ لهذه الآيات
المباركة، وقديستعين مفسرنا ببعض الآياتالقرآنية الكريمة، ليفرق بين كلمتين متشابهتين في اللفظ ومتغايرتين في المعنى، كما
فيكلمتي الريح والرياح، فيورد الطوسي حديثا شريفا يوضح الفرق بينهما، ثم يردف ذلك بعددمن النصوص القرآنية التي تفيد
التمييز بين هذين اللفظين فيقول:
ان النبيصلى الله عليه وآله كان يقول اذا هبت ريح «اللهم اجعلها رياحا ولاتجعلها ريحا».
وهذا يوضح ان لفظ الرياح دلالة على السقيا والرحمة كقوله: «وارسلنا الرياح لواقح» (72) .
وقوله: «ومن آياته ان يرسل الرياح مبشرات» (73) .
وقوله: «الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء» (74) وماجاء بخلاف ذلكتقوله:«وفي عاد اذ ارسلنا عليهم الريح
العقيم» (75) وقوله: «واما عاد فاهلكوا بريحصرصر» (76) وقوله: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم» (77) .
كما يستعين المفسر بآيات القرآن الكريم لحل اشكال، قديرد في عدد من الآيات وتبدووكانها متناقضة او مختلفة النتائج، ومن ذلك
قوله في تفسيره للآية الكريمة «فقضاهن سبعسموات في يومين واوحى في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذ لك
تقديرالعزيز العليم» (78) .
قال الطوسي:
فان قيل قوله «خلق الارض في يومين» (79) «وخلق الجبال والاقوات فى اربعة ايام» (80) و خلقالسماوات فى يومين يكون ثمانية ايام،
ذلك مناف لقوله: «ان ربكم الله الذي خلقالسموات والارض في ستة ايام» (81) .
قلنا: لاتنافي بين ذلك; لانه خلق السماوات والارض، وخلق الجبال والاشجاروالاقوات في اربعة ايام، منها اليومان المتقدمان، كما
يقول القائل: خرجت من البصرةالى بغداد في عشرة ايام، ثم الى الكوفة في خمسة عشر يوما، اي في تمام هذه العدة،ويكون قوله:
«فقضاهن سبع سموات في يومين» تمام ستة ايام، وهو الذي ذكره في قوله في ستة ايام،وزال الاشكال (82) .
وهكذا نجد الشيخ الطوسي يجمع الاشتات، فيوحد بينها، ويعطي السورة القرآنيةوجهها الصحيح مزيلا لمايعلق في الذهن من
لبس او اشكال، وهو منهجسليم يفسر فيهالطوسي القرآن بالقرآن، ويوضح معاني آياته بآيات اخر.
مثل هذه التوضيح كان الطوسي، قدبينه على قوله تعالى «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهمبذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب» (83) .
فقال:
ووصف الله تعالى - ههنا - المؤمن بانه يطمئن قلبه الى ذكر الله، ووصفه في موضع آخربانه اذا ذكر الله وجل قلبه (84) ; لان المراد
بالاول انه يذكر ثوابه وانعامه فيسكن اليه، والثانييذكر عقابه وانتقامه فيخافه، ويجل قلبه (85) .
وبذلك ابعد الشيخ الطوسي اي منافاة بين الآيتين الكريمتين، كما ويستعين الشيخالطوسي بالقرآن الكريم في رده على اقوال
المفسرين والفرق الاخرى كاهل الحشو، حينمايوردون شبهة او وجها لايرى فيه صوابا، عندها يستشهد بآيات من القرآن الكريم،
فيدحض كل مااوردوه ومن ذلك قوله في «عبس وتولى» (86) بعد مافسرها البعض بان المراد بهالنبيصلى الله عليه وآله يوم جاءه
الاعمى عبدالله بن ام مكتوم، فردهم الطوسي قائلا:
وهذا فاسد، لان النبيصلى الله عليه وآله قداجل الله قدره عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوسوالتقطيب، وقد وصفه بانه«لعلى
خلق عظيم» (87) وقال: «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا منحولك» (88) .
وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى «ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشييريدون وجهه» (89) .
وهكذا يستشهد الطوسي بالقرآن لينفي شبهة، او يدحض رايا فاسدا; لان القرآن اقوىحجة يمتلكها مناضر او مجادل.
وقديستدل الشيخ الطوسي بآيات القرآن الكريم لاثبات حكم شرعي، او موقفاسلامي تشير اليه آية ما، كما فعل مع قوله تعالى: «لا
يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دونالمؤمنين ومن يفعل ذ لك فليس من الله في شيء الا ان تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله
نفسهو الى الله المصير» (90) .
فقال:
وفي الآية دلالة على انه لايجوز ملاطفة الكفار.
قال ابن عباس: نهى الله سبحانه المؤمنين ان يلاطفوا الكفار، قال تعالى: «يا ايها الذينآمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يالونكم
خبالا» (91) . وقال:
«لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله» (92) .
وقوله تعالى: «فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين» (93) . وقال: «واعرض عن الجاهلين» (94) .وقال تعالى: «يا ا يها النبي جاهد
الكفار والمنافقين واغلظ عليهم» (95) .
وقال تعالى: «يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهممنكم فانه منهم» (96) . وكل ذلك
يدل على انه ينبغي ان يعاملوا بالغلظة والجفوة دون الملاطفة،والملاينة الا ماوقع من النادر لعارض من الامر (97) .
والطوسي هنا يسوق العديد من الآيات القرآنية الكريمة دون تعليق مفصل; لان جملةالآيات تعطي تصورا واضحا عما يجب ان تكون
عليه العلاقة بين المؤمنين والكفار، وبهذاالمنهج استطاع المفسر ان يوضح الكثير من المفاهيم، ويحدد جملة من الاحكام الشرعية،
ومثل ذلك تجده يصنع في تفسيره لقوله تعالى «وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلحفاجره على الله انه لا يحب الظالمين» (98) .
فيقول:
قال «جزاء سيئة سيئة مثلها» قال ابو نجيح والسدي: معناه اذا قال اخزاه الله متعديا قال لهمثل ذلك اخزاه الله، ويحتمل ان يكون
المراد ماجعل الله لنا الا الاقتصاص منه من «النفسبالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح
قصاص» (99) .
فان للمجني عليه ان يفعل بالجاني مثل ذلك من غير زيادة وسماه سيئة للازدواج، كماقال:
«و ان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به» (100) . وقال:
«فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» (101) .
وقداكثر الشيخ الطوسي من الاستشهاد بالآيات القرآنية في تفسيره لآيات اخرى ومنخلال قراءتنالتفسير التبيان، لمنجده يفوت
فرصة الا ويستثمر بها آية قرآنية لشرح اخرى.
اعتماده مبدا السياق والنظم في القرآن
استعان الشيخ الطوسي بنظم الآيات القرآنية والعلاقة القائمة بين الآيات السابقةوالآيات اللاحقه لاستجلاء الكثير من المعاني،
واستطاع من خلال عملية الربط بين الآياتالمتجاوزة ضمن السياق القرآني ان يبرز مفهوما ماكان بمقدوره ان يوصل الى ذهن
القارئبغير عملية الربط هذه بين الآية وماسبقها من الآيات، وهذا مايؤكد اهتمام المفسر بمبداالسياق «باعتباره احد القرائن الحالية
في فهم الكلام (102) ».
اذا لابد للمفسر من ان يبحث عن كل مايكشف اللفظ الذي يؤيد فهمه من دوال اخرى،سواء كانت لفظية كالكلمات التي تشكل مع
اللفظ الذي يريد فهمه كلاما مترابطا او حالياكالظرف والملابسات التي تحيط بالكلام، وتكون ذات دلالة في الموضوع (103) .
وحينما يغفل المفسر سياق الآيات القرآنية وطريقة الصياغة والنظم المسلسل الذيجاءت به تلك الآيات فمن الطبيعي ان يقع في
مطبات ضخمة اثناء تفسيره للنصوصالقرآنية، وكما حصل للمجبرة حين اقتطعوا نصا قرآنيا وفسروه بعيدا عن مبدا الاخذبالسياق
فقالوا في تفسير قوله تعالى «والله خلقكم وما تعملون» (104) ، ان ذلك يدل على ان اللهخالق لافعالنا (105) .
في حين ان الملاحظ في السياق انها جاءت حكاية لقول ابراهيم مع قومه واستنكارهلعبادتهم الاصنام والتي هي اجسام، والله تعالى
هو المحدث لها (106) .
وكذلك الحال في قوله تعالى «ذق انك انت العزيز الكريم» (107) .
اذ كانت تدل بسياقها على انه الذليل الحقير (108) .
من هنا فان ملاحظة السياق والتناسب والترابط بين لفصول والمجموعات القرآنيةضرورة ومفيدة جدا في فهم مدى القرآن
ومواضيعه واهدافه (109) .
ولذلك فان الشيخ الطوسي يستعين بنظم الآيات القرآنية واسلوب صياغتها لتعيينبعض المعاني والكشف عن المقاصد والنكات
القرآنية او دعم مايتبناه من راي تفسيرى،وقداحتوى التبيان على شواهد عديدة كان يؤكد فيها المفسر على العلاقة القائمة بين
الآياتويستخرج منها معنى او مفهوما فقال:
ان وجه اتصال قوله تعالى «ولا يظلمون فتيلا» بما قبله انه لماقال: «بل الله يزكي من يشاء» (110) نفى عن نفسه الظلم لئلا يظن ان الامر
بخلافه (111) .
وقال ايضا: عند ما قرا «من يطع الرسول فقد اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهمحفيظا» (112) .
ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها، انه لماذكر الحسنة التي هي نعمة من الله، بين ان منهاارسال نبيالله، ثم بين ان منها طاعة
الرسول التي هي طاعة الله فهي فى ذكر نعم اللهمجملة ومفصلة، وفيها تسلية للنبيصلى الله عليه وآله في تولي الناس عنه وعن
الحق الذي جاء به معتضمنها تعظيم شانه تكون طاعته طاعة الله (113) .
وذكر الطوسي بعد قراءته للآية الكريمة:
«واتل عليهم نبا ابني آدم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الآخر قاللاقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين» (114) .
ان وجه اتصال هذه الآية بما قبلها ان الله (تعالى) اراد ان يبين ان حال اليهود في الظلمونقض العهد وارتكاب الفواحش من الامور
كحال ابن آدم قابيل في قتله اخاه هابيل،وما عاد عليه من الوبال بتعديه، فامر نبيه ان يتلو عليهم اخبارهما، وفيه تسلية للنبيصلى
الله عليه وآلهلما ناله من جهلهم بالتكذيب في جحوده وتبكيت اليهود (115) .
وعندما قرا قوله تعالى:
«والذين يدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا انفسهم ينصرون» (116) .
قال:
هذا عطف على الآية الاولى، فكانه قال: قل: وليي الله القادر على نصرتي عليكم وعلىمن اراد بي ضرا، والذين تتخذونهم، انتم آلهة
لايقدرون على ان يضروكم ولا ان يدفعواعنكم ضررا، ولايقدرون ان ينصروا انفسهم ايضا لو ان انسانا اراد بهم سوء من كسر اوغيره.
وانما كرر هذا المعنى; لانه ذكره في الآية التي قبلها على وجه التقريع، وذكره ههنا علىوجه الفرق بين صفة من تجوز له العبادة
ممن لاتجوز، كانه قال:
ان ناصري الله ولاناصرلكم ممن تعبدون (117) .
وقال ايضا عند تفسيره لقوله تعالى:
«وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ان الله بكل شيء عليم» (118) .
قال:
قال مجاهد: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها هو انه لماحرم الله (تعالى) على المؤمنينالاستغفار للمشركين بين انه لميكن الله
ليؤاخذكم الا بعد ان يدلكم على تحريمه وانهيجب عليكم ان تتقوه (119) .
وعند ذكره لقوله تعالى:
«ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الانهار فيجنات النعيم» (120) .
قال:
لماذكر الله (تعالى) الكفار ومايستحقونه من المصير الى النار في الآيات الاول ذكر فيهذه «ان الذين آمنوا» يعني صدقوا بالله
ورسوله، واعترفوا بهما، واضافوا الى ذلك الاعمالالصالحات، (يهديهم) الله تعالى جزاء بايمانهم الى الجنة «تجري من تحتهم الانهار
فيجنات النعيم» يعني البساتين التي تجري تحت اشجارها الانهار التي فيها النعيم (121) .
وعند تفسيره لقوله تعالى:
«لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذ لك فليس من الله فيشيء الا ان تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله
نفسه و الى الله المصير» (122) .
قال الطوسي:
ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها انه تعالى لمابين عظيم آياته بما في مقدوراته ممالايقدر عليه سواه، دل على انه ينبغي ان تكون
الرغبة في ماعنده وعند اوليائه منالمؤمنين دون اعدائه الكافرين، فنهى عن اتخاذهم اولياء دون اهل التقوى الذين سلكواطريق
الهدى (123) .
وفي ذكره لقوله تعالى «ولله ما في السموات وما في الارض والى الله ترجع الامور» (124) .
قال:
وجه اتصال هذه الآية بما قبلها وجه اتصال الدليل بالمدلول عليه، لانه لماقال:
«وما الله يريد ظلما» وصله بذكر غناه عن الظلم، اذ الغني عنه العالم بقبحه، ومعناه لايجوزوقوعه منه (125) .
التفسير بالسنة
تعني السنة عند الامامية الاثني عشرية قول المعصوم وفعله وتقريره ولافرق بين انيكون المعصوم النبيصلى الله عليه وآله او الائمة
الاثني عشر (126) .
والعصمة عند الامامية تشمل النبي والائمة الاثني عشر، حيث قالوا:
ان الامام كالنبي، يجب ان يكون معصوما من جيمع الرذائل والفواحش ماظهر منهاومابطن، كما يجب ان يكون معصوما من الخطا
والسهو والنسيان; لان الائمة حفظةالشرع والقوامون عليه، حالهم في ذلك حال النبي، والدليل الذي اقتضانا ان نعتقدبعصمة
الانبياء هو نفسه يقتضينا ان نعتقد بعصمة الائمة (127) .
وقدحظي الائمة من اهل البيت على هذه المنزلة باعتبارهم احد الثقلين اللذين تركهمارسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في
الامة، وامر باتباعهما حينما قالصلى الله عليه وآله:
«يا ايها الناس اني تارك فيكم ما ان اخذتم به لنتضلوا كتاب الله وعترتي اهل بيتي (128) ».
وقداستدل الشيخ الطوسي بهذا الحديث في كون العترة حجة كما ان الكتاب حجة (129) لياخذ برواياتهم بعد ثبوت صحة نسبتها
اليهمعليهم السلام شانه في ذلك شان سائر العلماء الاماميةفي اخذهم عن الائمةعليهم السلام والذين قيدوا مايروى عنهمعليهم
السلام بموافقته للكتاب عطفا علىالحديث النبوي الشريف «اذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتابالله
فاقبلوه، وماخالفه فاضربوا به عرض الحائط» كما وانه قد روي مثل هذا الحديث عنائمتناعليهم السلام (130) .
وقدحدد الشيخ الطوسي اسس منهجه الاثري في التفسير، وفقا لماكان يراه من ان -معاني القرآن على اربعة اقسام:
احدها: مااختص الله تعالى بالعلم به فلايجوز لاحد تكلف القول فيه ولاتعاطي معرفتهوذلك مثل قوله تعالى «يسالونك عن الساعة
ايان مرساها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتهاالا هو» (131) ومثل قوله تعالى «ان الله عنده علم الساعة» (132) .
وفي مثل هذا القسم لايجيز الشيخ الطوسي لاحد ان يقول فيه شيئا حيثيؤكد ذلكبقوله: فتعاطي معرفة مااختص الله تعالى به
خطا.
وثانيها: ماكان ظاهره مطابقا لمعناه فكل من عرف اللغة التي خوطب بها عرف معناه،مثل قوله تعالى:
«ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق» (133) .
ومثل قوله تعالى:
«قل هو الله احد» (134) وغير ذلك.
وثالثها: ما هو مجمل لاينبئ ظاهره عن المراد به مفصلا، مثل قوله تعالى:
«اقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» (135) .
وقوله: «ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» (136) وقوله «وآتوا حقه يوم حصاده» (137) وقوله «في اموالهم حق معلوم» (138)
ومااشبه ذلك.
فان تفصيل اعداد الصلاة وعدد ركعاتها، وتفصيل مناسك الحج وشروطه ومقاديرالنصاب في الزكاة، لايمكن استخراجه الا ببيان
النبيصلى الله عليه وآله ووحي من جهة الله تعالى،ولهذا اكد الطوسي منع القول فيه بقوله «فتكلف القول في ذلك خطا ممنوع
منه» ويمكنان تكون الاخبار متناولة له.
ورابعها: ماكان اللفظ مشتركا بين معنيين فما زاد عنهما، ويمكن ان يكون كل واحدمنهما مرادا، فانه لاينبغى ان يقدم احد به
فيقول:
ان مراد الله فيه بعض مايحتمل الا بقول نبي او امام معصوم، بل ينبغي ان يقول:
ان الظاهر يحتمل لامور، وكل واحد يجوز ان يكون مرادا على التفصيل.
ومتى كان اللفظ مشتركا بين شيئين، او مازاد عليهما، ودل الدليل على انه لايجوز انيريد الا وجها واحدا، جاز ان يقال: انه هو المراد (139) .
لذا يذكر الشيخ الطوسي ان مثل هذا التقسيم يبرز لنا قبول الاخبار، ولمنردها على وجهيوحش نقلها والمتمسكين بها (140) .
ثم يضع مفسرنا شروطه لقبول الاخبار والتي هي: الاجماع او النقل المتواتر عمن يجباتباع قوله، ولايقبل في ذلك خبر واحد (141) .
... ثم قال:
واما طريقة الآحاد من الاخبار الشاردة والالفاظ النادرة فانه لايقطع بذلك، ولايحملشاهدا على كتاب الله، وينبغي ان يتوقف فيه،
ويذكر مايحتمله، ولايقطع على المراد فيهبعينه، بانه متى قطع بالمراد كان مخطئا، وان اصاب الحق كما روي عن النبيصلى الله
عليه وآله; لانهقال تخمينا وحدسا، ولميصدر ذلك عن حجة قاطعة وذلك باطل بالاتفاق (142) .
ويبدو ان المفسر كان متشددا في قبول الرواية، لذلك اشترط ان يكون الحديث متواترااي مايلغت رواته في الكثرة مبلغا احالت
العادة تواطؤهم على الكذب واستمر ذلك الوصففي جميع الطبقات، حيث تتعدد فيكون اوله كآخره ووسطه كطرفيه، وهو يقيد
العلم ويجبالعمل به (143) .
كما بين موقفه من اخبار الآحاد الشاردة، وينبغي ان نشير هنا الى ان الشيخ الطوسييذهب الى ان خبر الآحاد لايوجب العلم غير
انه حجة يجب العمل به وفق شروط محدودة،لوجود ادلة قطعية على ذلك.
وقد ذهبت الحنفية والشافعية وجمهور المالكية الى وجوب العمل به وفق جملة منالشروط، فيشترط في الراوي لصحة التحمل
والتمييز والضبط، كما يشترط فيه لصحة الاداءالبلوغ والاسلام والعدالة والضبط، واما بالنسبة الى لفظ الخبر، فيشترط فيه الا
يحذفالراوي منه مايتوقف تمام المعنى عليه، ويشترط في معناه الا يعارضه ما هو اقوى منه،واشترط الكرخي وبعض الحنفية الا
يكون موضوع الحديث مما تعم به البلوى، اذا لو كانكذلك لذاع واشتهر فعدم ذيوعه حينئذ يورثه شكا.
وقيل:
ان خبر الواحد العدل يوجب العلم; لانه يوجب العمل بالدليل، ولاعمل الا عن علم،وهو مذهب داود الظاهري، وحكي عن مالك،
وروى عن احمد، واختاره ابن حزم، واطالالاحتجاج له، وقال الخوارج والمعتزلة انه لايوجب العمل; لانه لايوجب العلم، ولاعمل
الاعن علم (144) .
والذي عليه الامامية هو الاخذ بحجية خبر الواحد في الاحكام العملية فقط (145) .
وهذا مااكده ايضا السيد الطباطبائي صاحب الميزان بقوله:
واما الشيعة، فالذي ثبت عندهم في علم اصول الفقه حجية خبر الواحد الموثوقالصدور في الاحكام الشرعية ولايعتبر في غيرها (146) .
وقدتضمن التبيان عددا لاباس به من الاحاديث والروايات والاخبار عن النبىصلى الله عليه وآلهوالائمة من اهل البيت ليستعين بها
المفسر في شرحه لآية، او توضيحه لمفهوم او طرحهلراي، وهنا نورد بعضا من تلك الاحاديث والاخبار التي اعتمدها الطوسي في
تفسره، فمثلااورد، ثلاثة اقوال في معنى (العفو) وهي:
قال ابن عباس، وقتادة: هو مافضل عن الغنى.
وقال الحسن وعطا: هو الوسط من غير اسراف ولا اقتار.
وقال مجاهد: هو الصدقة المفروضة.
ثم ذكر مفسرنا ماروي عن الائمة من اهل البيتعليهم السلام لتفسير معنى العفو فقال:
وروي عن ابي جعفرعليه السلام ان العفو مافضل عن قوت السنة. فنسخ ذلك بآية الزكاة.
وروي عن ابي عبداللهعليه السلام ان العفو ها هنا: الوسط (147) .
وهكذا يستعين المفسر بروايات عن الائمة سلام الله عليهم لشرح معنى او تاكيد قولمن الاقوال التي اوردها المفسرون بهذا الشان.
مثال آخر:
وقال عند تفسيره لكلمة الاعسار الذي تضمنته الآية الكريمة:
«وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة وان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون» (148) .
وروي عن ابي عبداللهعليه السلام هو - اي الاعسار - اذا لميقدر على مايفضل من قوته وقوتعياله على الاقتصاد (149) .
وقدنقل قول الجبائي في بيان معناه، فقال:«قال الجبائي التعذر بالاعدام او بكساد المتاع وغيره (150) ».
وهذا يعكس لنا مايتحلى به الشيخ الطوسي من سعة افق واستفادة مما عند الآخرين واناختلفوا معه في الراي والمعتقد وهو
مااعطى تفسير التبيان ميزة اضافية فضلا عما فيه منالمزايا والمواصفات.
ومثل هذا المنهج تجده في مكان آخر من التبيان حيثيستعين المفسر في شرح معنى«السحت» بروايات متعددة، واحدة عن
النبيصلى الله عليه وآله، وثانية عن الامام عليعليه السلام.
كما يورد ايضا تفسيرا عن ابي هريرة وعبداللهبن عمر، ويبقى الطوسي مع الكلمة; ليوفيهاحقها من التوضيح والبيان، اذ لابد للمفسر
- بحكم منهجيته ذات الطابع الاستقصائي - انيذكر الروايات والآراء المتعلقة بالايضاح; ليضع القارئ امام جملة من المعاني خالية
منالمتناقضات والاختلافات، لذلك لايرى الشيخ المفسر ضيرا من الجمع بينالرواياتتفسيره ثم يعرض ماتوصل اليه من معنى
اجمالي لكلمة (السحت) حيث قال:
«وقوله: «اكالون للسحت» (151) معناه انه يكثر اكلهم للسحت وهو الحرام»، ثم يسرد الرواياتالتي اعتمدها فيقول:
وروي عن النبيصلى الله عليه وآله انه قال: « السحت الرشوة في الحكم»، وروي عن عليعليه السلام انه قال:«السحت الرشوة في
الحكم، ومهر البغي، وعسب الفحل، وكسب الحجام، وثمن الكلب،وثمن الخمر، وثمن الميتة، وحلوان الكاهن، والاستعجال في
المعصية».
وروي عن ابي هريرة مثله.
وقال مسروق:
سالت عبدالله عن الجور في الحكم قال:
ذلك كفر، وعن السحت، فقال الرجل يقتضي لغيره الحاجة فيهدي له الهدية (152) .
وعند تفسيره لكلمة (انحر) في قوله تعالى:
«فصل لربك وانحر» (153) .
قال معنى: «وانحر» (154) انحر البدن متقربا الى الله لنحرها خلافا لمن نحرها للاوثان وقيل:
استقبل القبلة بنحرك.
ثم يروي المفسر مايستعين بها على توضيح المعنى فيقول:
وروي عن عليعليه السلام; ان معناه ضع اليمنى على اليسرى حذاء النحر - وهذه الرواية غيرصحيحة - والمروي عن ابي جعفر وابي
عبداللهعليهما السلام، ان معناه وانحر البدن والاضاحي (155) .
وهكذا نجد الشيخ الطوسي يقف ناقدا للرواية التي رويت عن عليعليه السلام، ويصفها بانهاغير صحيحة، لشكه في صحة سندها،
مما يؤكد تحريه للحقيقة ورفضه لكل مالايتفقوالمنهج الموضوعي الذي تبناه في تفسيره.
ويبدو ان الشيخ الطوسي كان يعطي لمتن الرواية اكبر الاهمية في فحص مايروى عنالنبي والائمةعليهم السلام وسائر الصحابة،
ولنيجعل من روايات النبيصلى الله عليه وآله والائمة شاهدا علىالتفسير الا بعد ثبوت صحتها وذلك فقد كان متقيدا بالمبدا القائل
بضرورة عرض الاخبارعلى الكتاب فما وافقه يؤخذ به وما خالفه فهو زخرف ومطروح (156) .
ولذلك لميتحرج الشيخ الطوسي في رفضه لما روي عن عليعليه السلام في معنى قوله تعالى:
«فصل لربك وانحر».
مثال آخر:
عند تفسيره لقوله تعالى:
«يسالونك عن الانفال» (157) .
يذكر الشيخ الطوسي آراء المفسرين المختلفة في معنى الانفال فيقول:
اختلف المفسرون في معنى الانفال - هاهنا - فقال بعضهم:
هي الغنائم التي غنمها النبيصلى الله عليه وآله يوم بدر فسالوه لمن هي؟
وقال قوم:
وهو ماشذ من المشركين الى المسلمين من عبد او جارية من غير قتال او مااشبه ذلك.
وعن ابن عباس: انه ماسقط من المتاع بعد قسمة الغنائم (158) .
وهكذا يورد الشيخ المفسر اقوال وآراء جملة من المفسرين، ثم يذكر الطوسي روايةعن الباقر والصادقعليهما السلام فيقول:
وروي عن ابي جعفر وابي عبداللهعليهما السلام، «ان الانفال كل مااخذ من دار الحرب بغير قتال اذاانجلى عنها اهلها» (159) ويسميه
الفقهاء فيئا، وميراث من لاوارث له، وقطائع الملوك اذاكانتبايديهم من غير غصب، والآجام وبطون الاودية، والموات (160) .
ثم يعقب الطوسي بعد ذلك بعبارة «وغير ذلك مما ذكرناه في كتب الفقه» عملا بروايةالامامين ابي جعفر وابي عبداللهعليهما السلام
وبهذا نجد الشيخ الطوسي حينما يطمئن للروايةيعتمدها في استنباط الحكم الشرعي، فضلا عن كونها تفسيرا; لماورد في القرآن
الكريم منالفاظ خاصة، وان مفسرنا فقيه مجتهد (161) .
اعتماده للاحاديث في بيان الاحكام
استفاد الشيخ الطوسي من الاحاديث والاخبار التي تروى عن النبيصلى الله عليه وآله او عن احدالائمة من اهل البيتعليهم السلام
في بيان العديد من الاحكام الشرعية، حيث كانت تلك الاحاديثوالاخبار تؤدي غرضا غاية في الاهمية عندما ياتي لبيان مااجمل من
آيات الاحكام، اولتوضيح مقاصدها ومعانيها، وهنا نورد بعض الامثلة التي تدلل على استخدام الطوسيللاحاديث والروايات في فهم
آيات الاحكام منها:
1. اعتمد المفسر رواية عن النبيصلى الله عليه وآله لبيان حلية المتعة، فقال:
وذكر البلخي عن وكيع عن اسماعيلبن ابي خالد عن قيسبن ابي حازم، عن عبداللهبنمسعود: قال كنا مع النبيصلى الله عليه
وآله ونحن شباب، فقلنا: يا رسول الله الا نستخصي، قال: لا، ثمرخص لنا ان ننكح المراة بالثوب الى اجل (162) .
وقد اورد الشيخ الطوسي هذه الرواية في معرض دفاعه عن المتعة عندما فسر قولهتعالى:
«والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم كتاب الله عليكم واحل لكم ما وراء ذ لكم انتبتغوا باموالكم محصنين غير مسافحين
فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة» (163) .
2. اعتمد الطوسي مارواه المثنى عن النبيصلى الله عليه وآله في بيان الرخصة باكل المحرم من الطعامحال الخوف على النفس،
فقال:
روى المثنى قال: قلنا: يا رسول الله انا بارض يصيبنا فيها مخمصة، فما يصلح لنا منالميتة؟
قالصلى الله عليه وآله: اذا لمتصطحبوا او تعتبقوا او تختفئوا بها بقلا، (164) فشانكم بها (165) .
وكان الشيخ الطوسي قداورد هذه الرواية عن النبيصلى الله عليه وآله، واستند اليها في بيان حلية اكلالميتة عند الاضطرار، وذلك
عند تفسيره لقوله تعالى:
«حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير»... الى قوله «فمن اضطر في مخمصة غيرمتجانف لاثم فان الله غفور رحيم» (166) .
3. استفاد الشيخ الطوسي من حديث النبيصلى الله عليه وآله الذي قاله عند نزول قوله تعالى «فسبحباسم ربك العظيم» (167) في
تفسيره للآية الكريمة، فقال:
وقوله: «فسبح باسم ربك العظيم» امر من الله تعالى لنبيه ان ينزه الله تعالى عما لايليق به،ويذكره باسمه العظيم، وقيل: انه
لمانزلت هذه الآية قال النبيصلى الله عليه وآله «ضعوها في ركوعكموقولوا سبحان ربي العظيم» (168) .
4. اعتمد الروايات عن الائمة من اهل البيت في معرفة الحكم الشرعي الذي ورد فيآيات الكتاب المجيد، كما هو الحال مع رواية عن
عليعليه السلام بخصوص حكم المحصن فقالالطوسي:
عند تفسيره لقوله تعالى:
«الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تاخذكم بهما رافة في دينالله» (169) «روي عن عليعليه السلام: ان المحصن
يجلد مائة مرة بالقرآن، ثم يرجم بالسنة، وانه امربذلك».
كما واعتمد رواية عن الامام ابي جعفر الباقرعليه السلام في مسالة الزواج من الزانية فقال: عندتفسيره لقوله تعالى: «الزاني لا ينكح
الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها الا زان اومشرك وحرم ذ لك على المؤمنين» (170) فقال الطوسي:
وعن ابي جعفرعليه السلام: ان الآية نزلت في اصحاب الرايات، فاما غيرهن فانه يجوز انيتزوجها، وان كان الافضل غيرها، ويمنعها
من الفجور (171) .
اعتماده الاحاديث والاخبار في معرفة اسباب النزول
عول الشيخ الطوسي كثيرا على الروايات والاخبار لمعرفة اسباب نزول الآياتالقرآنية الكريمة، ولذلك كان يعتمد الروايات التي
تروى عن النبيصلى الله عليه وآله او الائمةعليهم السلاموالصحابة رضوان الله عليهم في هذا الخصوص، وقداكثر الشيخ المفسر من
تلك الرواياتفي هذا الصدد واعتمدها اساسا في معرفة اسباب النزول وهنا نذكر بعض الامثلة التياوردها في تفسيره:
فهو عندما ذكر قوله تعالى:
«الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهمولا هم يحزنون» (172) .
قال:
ذكر ابن عباس ان هذه الآية نزلت في عليبن ابي طالبعليه السلام كانت معه اربعة دراهم،فانفقها على هذه الصفة بالليل والنهار
وفي السر والعلانية، وهو المروي عن ابي جعفروابي عبداللهعليهما السلام (173) .
وعند تفسيره للآية الكريمة: «افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السموات والارضطوعا وكرها و اليه يرجعون» (174) .
استند في معرفة سبب نزولها على.
ماروي عن ابي عبداللهعليه السلام من انها نزلت في الحارثبن سويد الصامت، وكان قد ارتد بعدقتله المحذر بن ديار البلوي غدرا
في الاسلام وهرب، ثم ندم فكاتب قومه: سلوارسولاللهصلى الله عليه وآله هل لي توبة؟ فنزلت الآيات الى قوله «الا الذين تابوا» فرجع
واسلم (175) .
ومثل ذلك ماروي عن ابي عبداللهعليه السلام واعتمده المفسر في معرفة سبب نزول قولهتعالى: «كيف يهدي الله قوما كفروا بعد
ايمانهم وشهدوا ان الرسول حق وجاءهم البينات والله لايهدي القوم الظالمين» (176) .
فقال الطوسي:
نزلت هذه الآية في اهل الكتاب الذين كانوا يؤمنون بالنبيصلى الله عليه وآله قبل مبعثه بما يجدونه فيكتبهم من صفاته ودلائله،
فلما بعثه الله جحدوا ذلك وانكروه ... وقال مجاهد والسدي:نزلت في رجل من الانصار يقال له: الحارثبن سويد ارتد عن الاسلام، ثم
تاب وحسناسلامه، فقبل الله اسلامه.
ثم ذكر الشيخ الطوسي عبارة «وكذلك رويناه عن ابي عبداللهعليه السلام (177) ».
وعند تفسيره لقوله تعالى:
«اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيلالله لا يستوون عند الله والله لا يهدي
القوم الظالمين» (178) .
قال الطوسي:
وروي عن ابي جعفر وابي عبداللهعليهما السلام ان الآية نزلت في امير المؤمنين والعباس.
وروى الطبري باسناده عن ابن عباس: انها نزلت في العباس حين قال يوم بدر:
ان سبقتمونا الى الاسلام والهجرة لم تسبقونا الى سقاية الحاج وسدنة البيت، فانزل اللهالآية.
وروى الطبري باسناده عن الحسن: انها نزلت في علي والعباس وعثمان وشيبة، وقالالشعبي:
نزلت في علي والعباس، وبه قال ابن وهب والسدي (179) .
وهكذا نجد مفسرنا يتبع كل الروايات التي قيلتحول سبب نزول الآية مستفيدا منكل اثر يسهم في استبيان الواقع واستجلاء
الحقيقة صارفا نظره عن كل ما هو شاذ من الآراءوالاقوال، فلايكاد يذكر منه شيئا في معرض حديثه عن اسباب النزول.
اعتماده الحديث والاخبار في تفسيره للآيات القرآنية
حوى التبيان عددا كبيرا من الاحاديث والاخبار التي رويت عن النبي الاكرمصلى الله عليه وآلهوالائمة من اهل بيتهعليهم السلام،
وقداعتمدها الشيخ الطوسي عند تفسيره للآيات القرآنية،واعطاها اهتماما خاصا، سيما وان تلك الاحاديث والاخبار قدجاءت بصدد
توضيح آياتالكتاب العزيز، وتفسير معانيه وبيان مقاصده ومراميه، وقدانزل الشيخ الطوسي - شانه شانسائر الامامية - الاخبار
التي رويت عن الائمةعليهم السلام منزلة الاحاديث المروية عن النبيالاكرمصلى الله عليه وآله، حيث اكد هذا المعنى في مقدمة
تفسيره فقال:
واعلم ان الرواية ظاهرة في اخبار اصحابنا بان تفسير القرآن لايجوز الا بالاثر الصحيحعن النبيصلى الله عليه وآله وعن الائمةعليهم
السلام الذين قولهم حجة كقول النبيصلى الله عليه وآله (180) .
ولذلك اكثر الشيخ الطوسي من الاحاديث والاخبار المروية عن النبيصلى الله عليه وآله واهلبيتهعليهم السلام ليستعين بها في
فهم المعنى لآيات القرآن الكريم، وسنعرض لبعض مااورده - فيتفسيره:
فقال:
وقوله:«انزل فيه القرآن» (181) قيل في معناه قولان:
احدهما: قال ابن عباس وسعيدبن جبير والحسن: ان الله تعالى انزل جميع القرآن فيليلة القدر الى السماء الدنيا، ثم انزل على
النبيصلى الله عليه وآله بعد ذلك نجوما، وهو المروي عنابيعبداللهعليه السلام (182) .
وعند تفسيره لقوله تعالى:
«ثم افيضوا من حيث افاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم» (183) .
قال:
قيل في معنى هذه الآية قولان:
احدهما - قال ابن عباس وعائشة وعطاء ومجاهد والحسن وقتادة والسدي والربيع،وهو المروي عن ابي جعفرعليه السلام: انه امر
لقريش وحلفائهم; لانهم كانوا لايقفون مع الناسبعرفة، ولايفيضون منها، ويقولون: نحن اهل حرم الله لانخرج عنه، فكانوا يقفون
بجمع،ويفيضون منه دون عرفة، فامرهم الله تعالى ان يفيضوا من عرفة بعد الوقوف بها (184) .
وعند تفسيره للآية الكريمة:
«الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون» (185) .
قال الطوسي:
«الظلم المذكور في الآية هو الشرك عند اكثر المفسرين» ثم اكد هذا المعنى بذكره روايةعن عبداللهبن مسعود انه قال:
لمانزلت هذه الآية شق على الناس، وقالوا:
يارسول الله واينا لايظلم نفسه، فقال: «انه ليس الذي تعنون، الم تسمعوا الى ماقاله العبدالصالح (186) «يا بني لا تشرك بالله ان
الشرك لظلم عظيم» (187) .
وفي معنى «يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول» (188) قال الطوسي:
روي عن ابي جعفرعليه السلام في معنى قوله: «يوحي بعضهم الى بعض» ان الشياطين يلقى بعضهمبعضا، فيلقي اليه مايغوي به
الخلق، حتى يتعلم بعضهم من بعض (189) .
وفي معنى قوله تعالى:
«واسروا الندامة لما راوا العذاب» (190) .
قال الطوسي:
روي انه قيل لرسول اللهصلى الله عليه وآله: مايغنيهم اسرار الندامة، وهم في النار؟
قال: يكرهون شماتة الاعداء.
وروي مثله عن ابي عبداللهعليه السلام (191) .
و عند تفسيره للآية الكريمة:
«ا لا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» (192) .
قال الشيخ الطوسي:
روي عن الحسينعليه السلام: انهم الذين ادوا فرائض الله واخذوا بسنن رسول الله وتورعوا عنمحارم الله، وزهدوا في عاجل الدنيا
ورغبوا فيما عند الله، واكتسبوا الطيب من رزق اللهلمعايشهم، لايريدون به التفاخر والتكاثر، ثم انفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبة،
فاولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا، ويثابون على ماقدموا منه لآخرتهم (193) .
وفي معنى قوله تعالى: «خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين» (194) .
قال الطوسي:
روي عن النبي صلى الله عليه و آله في قوله «وامر بالعرف» ان جبرئيل قال له: معناه تصلمن قطعك و تعطي من حرمك و تعفو
عمن ظلمك (195) .
وفي معنى قوله تعالى: «انما انت منذر ولكل قوم هاد» (196) .
قال المفسر:
وماروي عن ابي جعفر وابي عبداللهعليه السلام ان الهادي هو امام كل عصر معصوم يؤمن عليهالغلط وتعمد الباطل.
وروى الطبري باسناده عن عطاء عن سعيدبن جبير عن ابن عباس، قال: لمانزلت «انماانت منذر ولكل قوم هاد» وضع رسول
اللهصلى الله عليه وآله يده على صدره وقال:
انا المنذر «ولكل قوم هاد» واوما بيده الى منكب عليعليه السلام فقال: انت الهادي يا علي بكيهتدي المهتدون من بعدي (197) .
وعند تفسيره لقوله تعالى:
«يتجرعه ولا يكاد يسيغه وياتيه الموت من كل مكان» (198) .
قال: شيخنا الطوسي:
وروي عن النبيصلى الله عليه وآله انه قال: مايتجرعه يقرب اليه فيتكرهه، فاذا ادني منه شوى وجههووقعت فروه راسه، فاذا شربه
قطع امعاءه حتى يخرج من دبره (199) .
وعند تفسيره لقوله تعالى:
«تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون» (200) .
قال مفسرنا: وقال ابوجعفر وابو عبداللهعليه السلام: «الآية متناولة لمن يقوم الى صلاة الليل عنلذيذ مضجعه وقت السحر (201) ».
وكما اخذ الشيخ الطوسي بروايات عن النبيصلى الله عليه وآله وائمة اهل البيتعليهم السلام، كذلك نجدهياخذ برواية غيرهم، اذا
ماحصل عليها اجماع او تواتر، ومثال ذلك نراه عند تفسيره لقولهتعالى:
«ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكمجزاءا ولا شكورا انا نخاف من ربنا يوما
عبوسا قمطريرا» (202) .
فيقول:
وقد روت الخاصة والعامة ان هذه الآيات نزلت في علي وفاطمة والحسنوالحسينعليهم السلام، فانهم آثروا المسكين واليتيم
والاسير ثلاث ليال على افطارهم، وطوواولميفطروا على شيء من الطعام، فاثنى الله عليهم هذا الثناء الحسن، وانزل فيهم
هذهالسورة (203) .
ورغم الاهمية الكبرى التي اولاها الشيخ الطوسي على النقل والاثر في تفسيره، الا انهلميكن ممن يتقبل الرواية والحديث دون
تمحيص وتدقيق ومحاكمة وترجيح، لانه كانيرى ان من المفسرين من حمدت طرائقه ومدحت مذاهبه، كابن عباس والحسن
وقتادةومجاهد وغيرهم، ومنهم من ذمت مذاهبه، كابي صالح والسدي والكلبي وغيرهم (204) .
وحتى اولئك الذين قال عنهم: ان طرائقهم محمودة ومذاهبهم ممدوحة لميتلق سائرماروي عنهم بالقبول ولميجز لنفسه
الانسياق مع سائر مروياتهم، الا بعد الاطمئنان لصحةمايروون ومن هنا نجده يضعف بعض آراء هولاء، ويرد اقوالهم، او يرجح غيرهم
عليهم،ومن ذلك مافعله مع مجاهد وابن جريح، حينما قالا في تفسير قوله تعالى:
«وادعوا شهداءكم من دون الله» (205) .
اراد قوما يشهدون لكم بذلك ممن يقبل قولهم.
فقال الشيخ الطوسي: «وقول ابن عباس اقوى» (206) .
وكان ابن عباس قدقال: «اراد اعوانكم على ماانتم عليه».
كما ورد قولا لقتادة وهو يفسر قوله تعالى:
«قد علمنا ما فرضنا عليهم في ازواجهم» (207) .
عندما قال قتادة: معناه اي لانكاح الا بولي وشاهدين وصداق، والا يتجاوز الاربع فردهالشيخ الطوسي قائلا:
وعندنا ان الشاهدين ليسا من شرط صحة انعقاد العقد، ولا الولي اذا كانت المراة بالغةرشيدة، لانها ولية نفسها (208) .
وقدرد الشيخ الطوسي على الحسن ومجاهد ضعف قولهما في ابن نوح عند تفسيرهمالقوله تعالى:
«قال يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فلا تسالن ما ليس لك به علم» (209) .
فقال: قال الحسن ومجاهد: انه كان لغيره، وولد على فراشه فسال نوح على الظاهرفاعلمه الله باطن الامر، فنفاه منه على ماعلمه،
فيكون على هذا هو نفسه عمل غيرصالح، كما يقولون: الشعر زهير.
فاستهجن الشيخ الطوسي هذا القول ورده قائلا:
«وهذا الوجه ضعيف، لان في ذلك طعنا على نبي واضافة مالايليق به اليه (210) ».
كما ورد الطوسي على ابن عباس في نفس الموضع حينما قال: ان المعنى: ان سؤالكاياي هذا عمل غير صالح، فاشكل عليه مفسرنا
قائلا:
وهذا ضعيف: لان فيه اضافة القبيح الى الانبياءعليهم السلام، وذلك لايجوز عندنا على حال (211) .
ومثل هذه الردود قدوردت كثيرا على صفحات التبيان، مما يؤكد التزام الشيخ الطوسيبمنهجه الذي تبناه والقائم على البحث عن
الواقع والصواب، ورد كل ما لمتتوفر فيهالمواصفات التي ذكرها الشيخ الطوسي شروطا لقبول الرواية والنقل المعتبر.
ومن ذلك ماقاله في تفسيره للآية الكريمة:
«ان الذين كفروا سوآء عليهم ء انذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون» (212) .
وقال ابن عباس: نزلت في قوم باعيانهم من احبار اليهود ذكرهم باعيانهم من اليهودالذين حول المدينة.
وقال قوم: نزلت في مشركي العرب.
فقال الشيخ الطوسي رافضا لكل الاقوال التي قيلت في هذا المعنى:
والذي نقوله: انه لابد من ان تكون الآية مخصوصة; لان حملها على العموم غير ممكن،لانا علمنا ان في الكفار من يؤمن فلايمكن
العموم، واما القطع على واحد مما قالوه، فلادليل عليه (213) .
ولعل تردد الشيخ الطوسي في قبوله لاقوال ابن عباس يعود الى ماقيل عن طرق الروايةعنه من انها «غير مرضية ورواتها مجاهيل (214)
».
ومن تلك الطرق، طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.
«وجويبر هذا شديد الضعف متروك (215) ».
«وطريق الضحاكبن مزاحم عن ابن عباس منقطعة; لان الضحاك لميلقه (216) ».
وقدروى الطبري عن مشاش انه قال: «قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس شيئا؟
قال: لا (217) ».
ومن طرق ابن عباس، مارواه المفسرون عن ابن جريح الذي يقول عنه السيوطي:«لميقصد الصحة، وانما روى ماذكر في كل آية من
الصحيح والسقيم (218) ».
ومن تلك الطرق ايضا: طريق العوفي عن ابن عباس: «والعوفي ضعيف وليس بواه (219) ».
«واوهن طرق ابن عباس طريق الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس، فاذا انضم الىذلك رواية محمدبن مروان السدي الصغير فهي
سلسلة الكذب (220) ».
والى هذا المعنى اشار الشيخ الطوسي في مقدمة كتابه عندما قال:
ولاينبغي لاحد ان ينظر في تفسير آية لاينبئ ظاهرها عن المراد تفصيلا، او يقلد احدامن المفسرين، لان من المفسرين... من ذمت
مذاهبه كابي صالح، والسدي، والكلبيوغيرهم (221) .
وابو صالح هذا كان يمر به الشعبي: فياخذ باذنه فيعركها ويقول:
«تفسر القرآن وانت لاتقرا القرآن (222) ».
واما السدي فقدقيل فيه انه «ضعيف وكذاب وشتام (223) ».
وقدروى الطبري عن الشعبي انه مر يوما على السدي وهو يفسر فقال:
«لان يضرب على استك بالطبل خير لك من مجلسك هذا (224) ».
ومثل هذه العبارة القاسية تنبئ عن المرارة التي كان يعاني منها من عاصر السدي واطلععلى احواله من المفسرين والعلماء.
ولكننا مع ذلك نجد الشيخ الطوسي ياخذ عن السدي شيئا كثيرا، وان كان هذا لايعنيانه ياخذ منه كل شيء ودون محاكمة
وتدقيق خاصة، وانه قدسبق له ان ذم مذهبه فيالتفسير، مما يدلل على انه كان يراعي في النقل عنه، وقد لاينقل من اقواله الا
مايرى فيهوجها حسنا.
واذا كان موقف الشيخ الطوسي من اقوال الطبقة الاولى على هذا النحو من الدقة فيالتحري والتمحيص والغربلة، فان موقفه من
اقوال المفسرين المتاخرين لايقل شانا عنموقفه ممن سبقهم، لانه كان يتهمهم بالانحياز لمذاهبهم، وهو امر غاية في الخطورة،
اذلميكن طلب الحقيقة هو المقصود في تفاسيرهم، وانما كان «كل واحد منهم قدنصر مذهبهوتاول على مايطابق اصله» ولهذا قال
الطوسي فيهم: «ولايجوز لاحد ان يقلد احدامنهم» (225) . لذلك نجده يقف من تفاسيرهم موقف المتامل، فياخذ منها ماياخذ بعد رؤية
وتمعنويرفض منها مايستحق الرفض، ويناقش ماينبغي مناقشته من اقوالهم وآرائهم، وكما فعلمع الطبري (226) والبلخي (227)
والجبائي (228) والرماني (229) .
ومن متابعة موقف الطوسي من الاعتماد على الماثور يتضح لنا ان للتفسير بالماثورلدى الشيخ الطوسي حدودا ثابتة، قائمة على
تدقيق الروايات وتمحيصها وقبول الاثرالصحيح منها، دون الشعور بضرورة السير وراء النقول والمرويات في كل الفروض، وبهذايكون
الشيخ الطوسي قد ارسى قواعد اساسية في قبول الرواية لمن جاء بعده من المفسرين،واسهم الى حد كبير في عملية تطوير المنهج
التفسيري المعتمد اساسا على النقل والاثر.
موقفه من التوراة والانجيل
تطرق الشيخ الطوسي في معرض حديثه عن اليهود والنصارى، وهو يفسر الآياتالقرآنية التي ذكرتهم بما هم عليه، وقدرد عليهم
كثيرا من آرائهم واقوالهم; كما واستنكرمواقفهم من الدعوة الاسلامية، ونبيها العظيم محمدعليه السلام، وكذلك تطرق الى ذكر
عقائدهموالانحرافات التي اتسمتبها حياتهم الفكرية والعقائدية ومنحاهم السلوكي الخاص، وهوعبر كل تلك الملاحظات التي
يوردها عليهم، لميعتمد نصا من كتبهم، وانما احتج عليهمبآيات من القرآن، كانت تحذرهم او توبخهم، بشيء من التقريع واللوم،
وتصفهم بمايستحقون من النعوت والصفات، ولعل قلة اعتماد الشيخ الطوسي على ماتنص عليه كتبهم -اي التوراة والانجيل - ربما
يكون ذلك ناجما عن عدم توفر القناعة لدى المفسر بصحةماجاءت به تلك الكتب خاصة وانها قدتعرضت الى المزيد من التحريف
والتزوير علىايديهم، وصاغوها تبعا لاهوائهم ومصالحهم، ومع ذلك نجد الشيخ الطوسي احياناقديستشهد ببعض النصوص من
التوراة والانجيل الواضحة الصحة عنده، وكما ذكر عندتفسيره لقوله تعالى:
«الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراةوالانجيل» (230) .
ومعنى «يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل» انهم يجدون نعته وصفته ولانه مكتوبفي التوراة (اتانا الله من سينا واشرق
من ساعير واستعلن من جبال فاران) وفيها: ساقيملهم نبيا من اخوتهم، مثلك واجعل كلامي في فمه، فيقول لهم كل مااوصيه به
وفيها:
واما ابنالامة فقد باركت عليه جدا جدا،وسيلد اثنيعشر عظيما، واؤخره لامة عظيمة.
وفي الانجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها: يعطيكم فارقليط آخر يكون معكمآخر الدهر كله.
وفيها: انه اذا جاء فند اهل العلم.
وفيها: انه يدبركم بجميع الخلق ويخبركم بالامور المزمعة ويمدحني ويشهد لي (231) .وهكذا لم نجد الشيخ الطوسي مكثرا من
استشهاداته بنصوص التوراة والانجيلولميعرهما اهتماما خاصا في تفسيره، و لم يلتغب اليها الا نادرا.
تعليقات:
1) السيوطي، الاتقان، ج2، ص175.
2) الانعام(6) الآية65.
3) الجامع الصحيح للبخاري بحاشية السندي، كتاب تفسير القرآن; لقمان(31) الآية 13.
4) الذهبي، التفسير والمفسرون، ط2، ج1، ص41.
5) ابنكثير، تفسير القرآن العظيم، ط3، ج3، ص445; الآيات: لقمان(31) 14; والاحقاف(46) 15.
6) محمدبن جرير الطبرى: جامع البيان عن تاويل القرآن، تحقيق محمود محمد شاكر; ج 1 ص418; الآيات:غافر(45) 11;
والبقرة(2) 28.
7) الغاشية(88) الآية1.
8) الطبرسي، مجمعالبيان، ج10، ص478. والآية: ابراهيم(14) 50.
9) محمد عبده، شرح نهج البلاغة، ج2، ص17، بيروت.
10) الزمخشري، الكشاف، ج2، ص193.
11) ابنتيميه، مقدمه فى اصول التفسير، تحقيق دعدنان زرزور، ص63.
12) الفاتحه (1) الآية 2.
13) يوسف (12) الآية 44.
14) المائدة (5) الآية 66.
15) النساء (4) الآية (22).
16) انظر التبيان، ج1، ص32.
17) البقرة (2) الآية 7.
18) المطففين (83) الآية 26.
19) الاحزاب (33) الآية 40.
20) انظر التبيان، ج1، ص64.
21) البقرة (2) الآية 29.
22) الزخرف (43) الآية 13.
23) القصص (28) الآية 14.
24) انظر التبيان، ج1، ص126.
25) البقرة (2) الآية 35.
26) الكهف (18) الآية 33.
27) هود (11) الآية 18.
28) الانبياء (21) الآية 87.
29) انظر التبيان، ج1، ص160.
30) البقرة (2) الآية 50.
31) الشعراء (26) الآية 63.
32) الانفال (8) الآية 41.
33) الاسراء (17) الآية 106.
34) الدخان (44) الآية 4.
35) انظر التبيان، ج1، ص224.
36) البقرة (2) الآية 196.
37) الاعراف (7) الآية 127.
38) الانعام (6) الآية 71.
39) الرعد (13) الآية 12.
40) الرعد (13) الآية 41.
41) انظر التبيان، ج2، ص192.
42) البقرة (2) الآية 202.
43) النبا (78) الآية 36.
44) الكهف (18) الآية 41.
45) البقرة (2) الآية 212.
46) الرحمن (55) الآية 5.
47) انظر التبيان، ج2، ص174.
48) البقرة (2) الآية 250.
49) الرحمن (55) الآية 31.
50) القصص (28) الآية 10.
51) انظر التبيان ج2، ص298.
52) البقرة (2) الآية 226.
53) العصر (103) الآيات 1 و2.
54) يوسف (12) الآية 49.
55) انظر التبيان، ج2، ص342 والآية: النبا (1478).
56) المائدة (5) الآية 70.
57) النازعات 79) الآيات 40 و41.
58) القارعة (101) الآية 9.
59) ابراهيم (14) الآية 43.
60) الانعام (6) الآية 71.
61) انظر التبيان، ج3، ص582.
62) الاعراف (7) الآية 6.
63) القصص (28) الآية 78.
64) الصافات 37) الآية 24.
65) انظر التبيان، ج4، ص249.
66) القصص (28) الآية 78.
67) الحجر (15) الآية 92.
68) يس (36) الآية 59.
69) المؤمنون (23) الآية 101.
70) الصافات (37) الآية 27.
71) انظر التبيان، ج4، ص350 والآية: القلم (68) 30.
72) الحجر (15) الآية 22.
73) الروم (30) الآية 46.
74) الروم (30) الآية 48.
75) الذاريات (51) الآية 41.
76) الحاقه (69) الآية 6.
77) انظر التبيان، ج4، ص428 والآية: الاحقاف (46) 24.
78) فصلت (41) الآية 12.
79) فصلت (41) الآية 9.
80) يشير الى قوله تعالى: «وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين» فصلت (41) الآية 10.
81) الاعراف (7)، الآية 54; يونس (10)، الآية 3.
82) انظر التبيان، ج9، ص110.
83) الرعد (13) الآية 28.
84) مشيرا الى قوله تعالى: «انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم و اذا تليت عليهم آياته زادتهمايماناوعلى ربهم يتوكلون»
الانفال (8) الآية 2.
85) انظر التبيان، ج6، ص250.
86) عبس (80) الآية 1.
87) القلم (68) الآية 4.
88) آل عمران (3) الآية 109.
89) انظر التبيان، ج10، ص268 والآية: الانعام (6) 52.
90) آل عمران (3) الآية 28.
91) آل عمران (3) الآية 118.
92) المجادلة (58) الآية 22.
93) الانعام (6) الآية 68.
94) الاعراف (7) الآية 198.
95) التوبة (9) الآية 73.
96) المائدة (5) الآية 51.
97) انظر التبيان، ج2، ص433 - 434.
98) الشورى (42) الآية 40.
99) المائدة (5) الآية 40.
100) النحل (16) الآية 126.
101) انظر التبيان، ج9، ص167، الآية: البقرة (2) 194.
102) رمضان، الطباطبائى ومنهجه في تفسير القرآن، ص163.
103) الصدر، دروس في علم الاصول، الحلقة الاولى، ص130.
104) الصافات (37) الآية 96.
105) الطوسي، التبيان، ج8، ص470.
106) نفس المصدر.
107) الدخان (44) الآية 49.
108) عبدالرحمن المك، اصول التفسير، ص71.
109) دروزه، القرآن المجيد، ص204.
110) النساء (4) الآية 49.
111) الطوسي، التبيان، ج3، ص222.
112) النساء (4) الآية 80.
113) الطوسي، التبيان، ج3، ص268.
114) المائدة (5) الآية 27.
115) الطوسي، التبيان، ج3، ص491.
116) الاعراف (7) الآية 96.
117) الطوسي، التبيان، ج5، ص61.
118) التوبة (9) الآية 116.
119) الطوسى، التبيان، ج5، ص311.
120) يونس (10) الآية 9.
121) الطوسي، التبيان، ج5، ص342.
122) آل عمران (3) الآية 28.
123) الطوسى، التبيان، ج2، ص434.
124) آل عمران (3) الآية 109.
125) الطوسي، التبيان، ج2، ص555.
126) الحكيم، الاصول العامة للفقه المقارن، ط1، ص147، ومابعدها بيروت.
127) المظفر، عقائد الامامية، ص67.
128) انظر سنن الترمذي، ابواب المناقب، مناقب اهل البيت; والمراجعات للسيد عبدالحسين شرفالدين،ط19،ص 14 - 15،
القاهره.
129) انظر التبيان، ج1، ص5.
130) نفس المصدر.
131) الاعراف(7)، الآية 187.
132) لقمان (31)، الآية 34.
133) الانعام (6)، الآية 151.
134) التوحيد (112) الآية 1.
135) البقرة (2) الآيات 43 و83; النساء (4) الآية 76; الحج (22) الآية 78; النور (24) الآية 56; المجادلة (58)الآية 13; المزمل (73)
الآية 20.
136) آل عمران (3) الآية 97.
137) الانعام (6) الآية 141.
138) المعارج (70) الآية 24.
139) انظر التبيان، ج1، ص5 - 6.
140) انظر التبيان، ج1، ص6.
141) نفس المصدر.
142) عدة الاصول، المقدمة.
143) الشهيد العاملى، الدراية في علم مصطلح الحديث، ص12.
144) زكي الذين شعبان، اصول الفقه، ط2، ص147 ومابعدها; محمد ابو زهرة، اصول الفقه، ص103 ومابعدها;على حسب الله، اصول
التشريع الاسلامي، ص43.
145) الخوئي، البيان فى تفسير القرآن، ص399 - 400.
146) الطباطبائي، القرآن في الاسلام، ص74.
147) الطوسي، التبيان، ج2ص214.
148) البقرة (2) الآية 280.
149) الطوسي، التبيان، ج2، ص369.
150) الطوسي، التبيان، ج2، ص369.
151) المائدة (5) الآية 42.
152) الطوسي، التبيان، ج3، ص523.
153) الكوثر (108) الآية 2.
154) الطوسي، التبيان، ج10، ص418.
155) الطوسي، التبيان، ج10، ص418.
156) الطباطبائي، القرآن فيالاسلام، ص67.
157) الانفال (8) الآية 1.
158) الطوسي، التبيان، ج5، ص71.
159) نفس المصدر، ص 72.
160) نفس المصدر.
161) ابن كثير، البداية والنهاية، ص97; الاتابكي، النجوم الزاهرة، ج 5، ص 82.
162) الطوسي، التبيان، ج3، ص167.
163) النساء (4) الآية 24.
164) تختفئوا: اي تاكلوا (الخفا) وهو اصل البردي حيث كان يقشرونه وياكلونه عند المجاعة.
165) الطوسي، التبيان، ج3، ص438.
166) المائدة (5) الآية 3.
167) الواقعة (56) الآية 96.
168) الطوسي، التبيان، ج9، ص513 - 514.
169) النور (24) الآية 2.
170) النور (24) الآية 3.
171) الطوسي، التبيان، ج7، ص361.
172) البقرة (2) الآية 274.
173) الطوسي، التبيان، ج2، ص357.
174) آل عمران (3) الآية 83.
175) الطوسي، التبيان، ج2، ص519.
176) آل عمران (3) الآية 86.
177) انظر التبيان، ج2، ص521.
178) التوبة (9) الآية 19.
179) الطوسي، التبيان، ج5، ص190.
180) الطوسي، التبيان، ج1، ص4.
181) البقرة (2) الآية 185.
182) الطوسي، التبيان، ج2، ص121 - 122.
183) البقرة (2) الآية 199.
184) الطوسي، التبيان، ج2، ص168.
185) الانعام (6) الآية 82.
186) انظر التبيان، ج4، ص190، (والعبد الصالح هو لقمان)
187) لقمان (31) الآية 13.
188) الانعام (6) الآية 112.
189) انظر التبيان، ج4، ص242.
190) يونس (10) الآية 54.
191) انظر التبيان، ج5، ص393.
192) يونس، (10) 62.
193) انظر التبيان، ج5، ص401 - 402.
194) الاعراف (7) الآية 199.
195) انظر التبيان، ج5، ص63.
196) الرعد (13) الآية 7.
197) انظر التبيان، ج6، ص223.
198) ابراهيم (14) الآية 17.
199) انظر التبيان، ج6، ص284.
200) السجدة (32) الآية 16.
201) انظر التبيان، ج8، ص303.
202) الدهر (76) الآيات 8 - 10.
203) انظر التبيان، ج10، ص211.
204) انظر التبيان، ج10، ص6.
205) البقرة (2) الآية 23.
206) التبيان، ج1، ص105.
207) الاحزاب (33) الآية 50.
208) انظر التبيان، ج8، ص319 - 320.
209) هود (11) الآية 46.
210) انظر التبيان، ج1، ص494.
211) نفس المصدر.
212) البقرة (2) الآية 6.
213) انظر التبيان، ج1، ص60.
214) السيوطي، الاتقان، ج2، ص321.
215) نفس المصدر، ج2، ص322.
216) نفس المصدر.
217) تفسير الطبري، ج1، ص40.
218) السيوطي، الاتقان، ج2، ص321.
219) نفس المصدر، ج2، ص322.
220) نفس المصدر.
221) انظر التبيان، ج1، ص6.
222) تفسير الطبري، ج1، ص40.
223) دائرة المعارف الاسلامية، تعليق امين الخولي، ج5، ص350.
224) تفسير الطبري، ج1، ص41.
225) انظر التبيان، ج1، ص6.
226) انظر التبيان، ج1، ص61، ص233، 416 و ج2، ص375، 527 وغيرها.
227) انظر التبيان، ج2، ص385 - 386 و ج4، ص120 و ج6، ص135 و ج8، ص260 - 261.
228) انظر التبيان، ج7 و ص73، ج6 ص167 و ج2، ص323.
229) انظر التبيان، ج1، ص393 و ج2، ص21 - 22 و ج2، ص53 و ج2، ص406 و ج2، ص496.
230) الاعراف (7) الآية 157.
231) انظر التبيان، ج4، ص560.
|