الفصل الرابع: الجانب اللغوي في التبيان

اللغة

اظهر الشيخ الطوسي اهتماما خاصا باللغة في تفسيره، حيث كان يستعين بها لتوضيح‏النص القرآني واستخراج المعنى المطلوب من المفردات التي احتواها القرآن الكريم،ولماكان القرآن قدنزل بلغة العرب، وهم اهل الفصاحة وارباب اللغة، فمن الطبيعى جدا ان‏يكون لاستعمالاتهم اللغوية الخاصة مايهيئ للمفسر - اي مفسر - مادة اساسية في فهم‏النصوص والآيات القرآنية الكريمة، ويمنحه الفرصة المناسبة في استنطاق آيات الكتاب‏العزيز، واستجلاء اسرار معانيها، ولذلك جهد الشيخ الطوسي في تعقب اقوال علماء اللغة‏البارزين وجملة من الشعراء الذين يحتج‏باشعارهم، وهو ازاء تلك الاقوال كان يقف موقف‏الراصد الخبير، فيناقشها ويرجح بعضها على بعض، ويترك مالايصلح منها ولايفيد.

كما نجده يسهب في التفاصيل احيانا لضرورة يراها، وقديوجز في موضع آخر من‏تفسيره، فلايذكر الا اشارات مقتضبة من اقوال علماء اللغة وآرائهم.

كما نراه في مواقف عديدة يطرح رايه في الكلمة، بينما يطرح آراء غيره فقط في مواضع‏اخرى، او قد يجمع بين رايه وآرائهم احيانا; ليخرج من ذلك كله بما يعينه على معرفة النص‏واكتشاف ما فيه، وبهذا يكون الشيخ الطوسي قدحفظ لنا في تفسيره ثروة لغوية كبيرة‏لايستغني عنها متخصص او باحث، حيث اسدى للعربية خدمة جلى تستحق كل الثناءوالتقدير.

ونحن هنا نورد بعض الامثلة التي كان الشيخ الطوسي قدذكرها في تبيانه بشي‏ء من‏التفصيل:

1. اورد في حد الكلام وتقسيمه عند تفسيره لقوله تعالى: «فتلقى آدم من ربه كلمات‏فتاب عليه‏» (1) :

الكلمة: اسم جنس لوقوعه الكثير والقليل، يقولون: قال امرؤ القيس في كلمته يعني في‏قصيدته، وقال قس في كلمته يعنون في خطبته، فوقوعها على الكثير، نحو ماقلناه،ووقوعها على القليل قال سيبويه: (قال) قد اوقعها على الاسم المفرد والفعل المفرد، والحرف المفرد، فاما الكلام فان سيبويه قداستعمله فيما كان مؤلفا من هذه الكلم، فقال:لوقلت: ان تضرب ناسا لم‏يكن كلاما، وقال ايضا: انما، فقلت، ونحوه، ماكان كلاما، بل‏قولا، واوقع الكلام على المتالف والذي صوره المتكلمون، ان حد الكلام ماانتظم من‏حرفين فصاعدا من هذه الحروف المنقولة، اذا وقع فمن يصح منه او من قبله الافادة، ثم‏ينقسم الى قسمين: مفيد ومهمل.

فالذي اراد سيبويه انه لايكون كلاما، انه لايكون مفيدا، وذلك صحيح، فاما تسميته بانه‏كلام، صحيح، وكيف لايكون صحيحا وقدقسموه الى قسمين: مهمل ومفيد؟

فادخلوا المهمل الذي لايفيد في جملة الكلام.

والكلمة والعبارة والابانة، نظائر، وبينهما فروق، والفرق بين الكلمة والعبارة ان الاظهرفي الكلمة هي الواحدة من جملة الكلام، وان قالوا في القصيدة: انها الكلمة، والعبارة‏تصلح للقليل والكثير، واما الابانة فقدتكون بالكلام والحال، وغيرهما من الادلة،كالاشارة والعلامة وغير ذلك، واما النطق فيدل على ادارة اللسان بالصوت وليس كذلك‏الكلام ولهذا يقولون: ضربته فما تكلم، ولايقولون فما نطق، اذا كان صاح، وكذلك‏لايجوز ان يقال في الله: انه ناطق، واما اللفظ فهو من قولك: لفظت الشي‏ء: اذا اخرجته‏من فمك، وليس في الكلام مثل ذلك، ويقال: كلمته تكليما وكلاما - وتكلم تكلما -ولذلك لايجوز ان يقال فيه تعالى لفظ، ولا انه لافظ - والكلم: الجرح والجمع الكلوم.

يقال: كلمته اكلمه كلما، فاناكالم، وهو مكلوم، وكليمك الذي يكلمك.

ويقال: كلمة وكلمة لغة تميمية، وقيل: انها حجازية وتميم حكي عنها كلمة - بالكسرالكاف وتسكين اللام -، وحكي تسكين اللام مع فتح الكاف، واصل الباب انه اثر دال،والكلم اثر دال على الجارح، والكلام اثر دال على المعنى الذي تحته، والمتكلم من رفع‏ماسميناه كلاما بحسب دواعيه واحواله، وربما عبر عنه بانه الفاعل للكلام، وليس‏المتكلم من حله الكلام، لان الكلام يحل اللسان والصدر ولايوصفان بذلك (2) .

2. وورد قوله في بيان الفرق بين «ان‏» و«ان‏»:

والفرق بينهما ان المفتوحة موصولة والموصولة تقتضي صلتها فصارت لاقتضائهاالصلة اشد اتصالا بما بعدها من المكسورة، فقدر بعدها الضمير الذي هو من جملة‏صلتها وليست المكسورة كذلك، لان «ان‏» المفتوحة بمعنى المصدر، فلابد لها من اسم‏وخبر، لانها تلتقي بان يكون دخولها كخروجها وليس كذلك «ان‏» ومن المفتوحة قول‏الاعشى:

في فتية كسيوف الهند قد علموا.

ان هالك كل من يحفى وينتعل.

واما قراءتهم في النور «ان غضب الله‏» (3) فان (ان) في موضع رفع بانه خبر المبتدا واماقراءة نافع «ان غضب الله‏» فحسن وهو بمنزلة قوله: «وآخر دعواهم ان الحمد لله‏» (4) وليس‏لاحد ان يقول: هذا لايستحسن; لان المخففة من الشديدة لا يقع بعدها الفعل حتى يقع‏عوض من حذف «ان‏» ومن انها تولي مايليها من الفعل يدل على ذلك «علم ان سيكون‏منكم‏» (5) وقوله «لئلا يعلم اهل الكتاب ان لا يقدرون على شي‏ء» (6) وذلك انهم استجازوا ذلك،وان لم‏يدخل معه شي‏ء من هذه الحروف، لانه دعا وليس شي‏ء من هذه الحروف يحتمل‏الدخول معه، ونظير هذا في انه كما كان دعاء لم‏يلزمه العوض قوله: «نودي ان بورك من‏في النار ومن حولها» (7) فولي قوله «بورك‏» (ان) وان لم‏يدخل معها عوض كما لم‏يدخل في‏قراءة نافع «ان غضب الله عليها» والدعاء قداستجيز معه مالم‏يستجز مع غيره، الاترى انهم‏قالوا: «اما ان جزاك الله خيرا من‏»، حمله سيبويه على اضمار القصة في «ان‏» المكسورة‏ولم‏يضمر القصة مع المكسورة الا في هذا الموضع (8) .

وكما فصل الحديث في مواضع مختلفة من التبيان نجده يوجز في مواضع اخرى ومن‏امثلة ذلك مايلي:

1. ورد قوله في بيان الفرق بين «الاكثر» و«الاعظم‏»: «والفرق بين الاكثر والاعظم، ان‏الاعظم قديوصف به واحد ولايوصف بالاكثر واحد بحال، ولهذا يقال في الله تعالى: انه‏عظيم واعظم من كل شي‏ء ولايقال اكثر، وانما يقال: اكبر بمعنى اعظم (9) ».

2. وعند تفسيره لقوله تعالى: «ولا تتبعوا خطوات الشيطان‏» (10) قال الطوسي:

وقوله «خطوات‏» يجوز فيه ثلاثة اوجه - بضم الخاء والطاء، وضم الخاء وسكون الطاء،وضم الخاء وفتح الطاء (11) .

3. وفي تفسيره لقوله تعالى: «من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون‏» (12) قال:

والفرق بين الانظار والتاخير ان الانظار امهال لينظر صاحبه في امره والتاخير خلاف‏التقديم من غير تضمين (13) .

4. وفي بحثه عن كلمة «عمر» قال مفسرنا:

وفي «عمر» ثلاث لغات: ضم الميم واسكانها مع ضم العين، وفتح العين وسكون الميم،ومنه قوله «لعمرك‏» وعمر الانسان بالفتح لاغير، وفي القسم ايضا بالفتح لاغير (14) .

5. وقال في «حسبان‏»:

و«حسبان‏» مصدر حسبته احسبه حسبانا نحو السكران والكفران، وقيل: هو جمع‏حساب كشهاب وشهبان (15) .

وقدذكر المفسر آراء جملة من علماء اللغة دون ان يسهم في طرح رايه في المسائل‏التي ذكروها، وقديرجع ذلك الى قبولها كلها عنده وعدم اعتراضه على شي‏ء منها، ومن ذلك‏اورد الشيخ الطوسي مثالا اوضح فيه:

1. الفرق بين اللقاء والاجتماع في قوله تعالى: «و اذا لقوا الذين آمنوا» (16) نقلا عن‏الرماني حيث‏يقول:

الفرق بين اللقاء والاجتماع ان اللقاء لايكون الا على وجه المجاورة، والاجتماع‏قديكون كاجتماع العزمين في محل (17) .

2. وحول «السلم‏» ذكر رايا للاخفش يقول:

«السلم‏» بكسر السين الصلح، وبفتحها وفتح اللام: الاستسلام، وقال الزجاج: «السلم‏جميع شرائعه‏». ويقال:

السلم والسلم معناهما الاسلام، والصلح، وفيه ثلاث لغات: كسر السين وفتحها مع‏تسكين اللام وفتحها، وقال ابو عبيدة: السلم بكسر السين - والاسلام واحد، وهو في‏آخر المسالمة والصلح (18) .

3. وكذلك اورد في بيان وزن «اشياء» جملة اقوال فقال:

وقيل في وزن «اشياء» ثلاثة اقوال:

الاول: قال الكسائي: هو افعال الا انه لم‏يصرف، لانهم شبهوه بحمراء، فالزمه الزجاج الايصرف اسماء ولا انباء.

الثاني: قال الاخفش والفراء هي «فعلاء» كقولك هين واهوناء فالزمه المازني، وقال:سله كيف يصغرها؟ فقال الاخفش: «اشياء» فقال: يجب ان يصغرها شيئات كمايصغراصدقاء في المؤنث صديقات في المذكر صديقون.

قال الزجاج: انما قيل في هين: اهوناء لان هين اصله «هيين‏» على وزن فعيل فجمع‏على افعلاء كنصب وانصباء.

الثالث: قال الخليل وسيبويه: «افعاء» مقلوبة كما قلبوا «انيق‏» عن انوق، وقسي عن‏قؤوس (19) .

4. ومثل ذلك ذكر مفسرنا:

حول كلمة «الرؤيا» آراء للعلماء فقال:

قال: ابو علي النحوي «الرؤيا» مصدر كالبشرى والسقيا والبقيا والشورى، الا لماصاراسما لهذا التخيل في المنام، جرى مجرى الاسماء، كما ان «در» لماكثر في كلامهم في‏قولهم لله درك جرى مجرى الاسماء وخرج من حكم الاعمال، فلايعمل واحد منهمااعمال المصدر، ومما يقوى خروجه عن احكام المصادر تكسيرهم لها «درى‏» فصاربمنزلة «ظلم‏» والمصادر في الاكثر لاتكسر، والرؤيا على تحقيق الهمزة، فان خذفت‏قلبتها في اللفظ واوا ولم‏يدغم الواو في الياء، لان الواو في تقدير الهمزة فهي لذلك غيرلازمة، فلايقع الاعتداء بها فلم‏تدغم، وقدكسر اولها قوم، فقالوا «ريا» فهؤلاء قلبوا الواوقلبا لاعلى وجه التخفيف، ومن ثم كسروا الفاء كما كسروا من قولهم: قرن لوى وقرون‏لي (20) .

5. وجاء قوله عند تفسير قوله تعالى: «غلبت الروم‏» (21) :

في «الغلب‏» قال الزجاج:

الغلب والغلبة مصدران، مثل الحلب والحلبة، والغلبة الاستيلاء على القرن بالقهر، غلب‏يغلب فهو غالب، وذاك مغلوب وتغلب تغلبا اذا تعرض للغلبة، غالبه مغالبة (22) .

6. ورد قوله في بحثه لكلمة «ريحان‏»:

واصل ريحان روحان; لانه من الواو الا انه خفف واهمل التثقيل للزيادة التي لحقته من‏الالف والنون - ذكره الزجاج (23) .

7. كما ورد قوله في تفسيره لقوله تعالى: «هاؤم اقرءوا كتابيه‏» (24) في كلمة «هاؤم‏»:

واهل الحجاز يقولون: «هايا رجل، وللاثنين هاؤما، وللجمع هاؤموا، وللمراه هاء -بهمزة - وليس بعدها ياء، وللمراتين هاؤما وللجماعة هاؤن يانسوة، وتميم وقيس‏يقولون: هايا رجل مثل قول اهل الحجاز، وللاثنين، هائا وللثلاثة هاءوا وللمراة هائي،وربما قالوا:

هاء يا هذه وللثلاثة هان، وبعض العرب يجعل مكان الهمزة كافا فيقول هاك بغير همزة‏ويامر بها ولاينهى و«هاء»، بمنزلة خذ وتناول، ووقف الكسائي على «هاؤم‏» وابتدا«اقرءوا كتابيه‏» (25) .

وكما ذكر آراء اللغويين وحدهم في مواقع نجده هنا يذكر آراءه الى جنب آرائهم ممايؤكد قدرته على مناقشة علماء اللغة ومجاراتهم في هذا الميدان ومن ذلك:

1. قال الطوسي عند تفسيره لقوله تعالى: «رب العالمين‏»:

وقوله: «رب العالمين‏» اي المالك لتدبيرهم، والمالك للشي‏ء يسمى ربه ولايطلق هذاالاسم الا على الله، واما في غيره فيقيد، يقال: رب الدار ورب الضيعة، وقيل: انه مشتق‏من التربية ومنه قوله تعالى: «وربائبكم اللاتي في حجوركم‏» (26) ومتى قيل في الله انه رب‏بمعنى انه سيد فهو من صفات ذاته، واذا قيل بمعنى انه مدبر مصلح فهو من صفات‏الافعال، «العالمين‏» جمع عالم لا واحد له من لفظه كالرهط والجيش وغير ذلك، والعالم‏في عرف اللغة عبارة عن الجماعة من العقلاء; لانهم يقولون:

جاءني عالم من الناس ولايقولون: جاءني عالم من البقر، وفي عرف الناس عبارة عن‏جميع المخلوقات، وقيل: انه ايضا اسم لكل صنف من الاصناف، واهل كل زمن من كل‏صنف يسمى عالما، ولذلك جمع، وقيل: عالمون لعالم كل زمان، قال العجاج:

فخندف هامة هذا العالم (27) .

2. واورد في استعمال «او» من الآية: «او كصيب من السماء» (28) اقوالا منها:

قيل: ان «او» قدتستعمل بمعنى الواو كماتستعمل للشك بحسب مايدل عليه سياق‏الكلام، قال توبة‏بن الحمير:

وقد زعمت ليلى باني فاجر.

لنفسي تقاها او عليها فجورها.

ومعلوم ان توبة لم‏يقل ذلك على وجه الشك، وانما وضعها موضع الواو، وقال جرير:

نال الخلافة او كانت له قدرا.

كما اتى ربه موسى على قدر.

ومثله كثير، قال الزجاج: معنى «او» في الآية التخيير، كانه قال: انكم مخيرون بان تمثلواالمنافقين تارة بموقد النار، وتارة بمن حصل في المطر.

يقال: جالس الحسن او ابن سيرين، اي انت مخير في مجالسة من شئت منهما (29) .

3. ورد في بحثه ل «سبا» قوله:

وقرا ابن كثير وابو عمرو «من سبا بنبا» غير مصروف، الباقون مصروفا منونا، من‏لم‏يصرفه، فلانه معرفة ومؤنث، لانه قيل: ان «سبا» حي من احياء اليمن، وقيل هو اسم‏امهم، وقدقال الزجاج: «سبا» مدينة تعرف بمارب من اليمن وبينها وبين صنعاء مسيرة‏ثلاثة ايام، فاذا صرفته فعلى البلد، واذا لم‏تصرفه فعلى المدينة، وقيل: من صرفه جعله‏اسما للمكان ومن لم‏يصرفه جعله اسما للبقعة، قال جرير:

الواردون وتيم في ذوي سبا.

قدعض اعناقهم جلد الجواميس.

وقال آخرون في ترك صرفه:

من سبا الحاضرين مارب اذ.

يبنون من دون سيله العرما (30) .

4. جاء في بحثه لكلمة «ردف‏» قوله:

«ردف‏» من الافعال التي تتعدى بحرف وبغير حرف كما قال الشاعر:

فقلت‏لها الحاجات‏تطرحن بالفتى.

وهم يعناني معنا ركائبه.

وقيل: ان الباء انما دخلت للتعدية، وقيل: انما دخلت لما كان معنى تطرحن:ترمين، و كذلك.

لما كان معنى «ردف لكم‏» دنا، قال "لكم" قال المبرد:

معناه ردفكم واللام زائدة (31) .

5. وعند تفسيره للآية الكريمة «اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم‏اليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك الى فرعون وملاه انهم كانوا قوما فاسقين‏» (32) قال في ذلك:

وقيل في تشديد «ذانك‏» ثلاثة اقوال: احدها: للتوكيد، الثاني: للفرق بين النون التي‏تسقط للاضافة وبين هذه النون، الثالث: للفرق بين بنية الاسم المتمكن وغير المتمكن،وروي عن ابن كثير انه قرا «فذانيك‏» قال ابو علي: وجه ذلك انه ابدل من احدى النونين‏ياء كما قالوا: تظنيت وتظننت (33) .

6. وجاء في تفسيره لقوله تعالى: «تلك اذا قسمة ضيزى‏» (34) .

قوله في «ضيزى‏» والضيزة الجائرة الفاسدة، ووزنه «فعلى‏» الا انه كسر اوله لتصبح الياءمن قبل انه ليس في كلام العرب «فعلى‏» صفة، وصفة «فعلى‏» نحو «حبلى‏» يحمل على‏ماله نظير، واما الاسم فانه يجي‏ء على «فعلى‏» كقوله «فان الذكرى‏» وتقول العرب: ضزته‏حقه اضيزه، وضازته - لغتان - اذا انقصته حقه ومنعته، ومنهم من يقول: ضزته - بضم‏الضاد - اضوزه، وانشد ابو عبيده والاخفش:

فان تناعنا ننتقصك وان تغب.

فسهمك مضئوز وانفك راغم.

ومنهم من يقول: «ضيزى‏» - بفتح الضاد - ومنهم من يقول «ضازى‏» بالفتح والهمزة‏ومنهم من يقول: «ضؤزى‏» - بضم الضاد - والهمزة (35) .

وقد استعان مفسرنا بالشعر ليستشهد به في ترجيح راي لغوي وتاييده ومن ذلك:

1. في قوله تعالى: «ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر» (36) يذكر:

«من‏» لفظ يخبر به عن الواحد من العقلاء واثنين وجماعة فلماقال: «وما هم بمؤمنين‏» دل‏على انه اراد الجمع، وانما قال «يقول‏» بلفظ الواحد حملا له على اللفظ.

قال الشاعر:

تكن مثل من ياذئب يصطحبان (37) .

2. وفي بيان الفرق بين الآل والاهل يقول:

والفرق بين الآل والاهل ان الاهل اعم منه يقال: اهل الكوفة، ولايقال: آل الكوفة، ويقال‏اهل البلد، ولايقال آل البلد.

وآل فرعون: قومه واتباعه، وقال صاحب العين: الآل كل شي‏ء يؤول الى شي‏ء اذا رجع‏اليه، تقول طبخت العصير حتى آل الى كذا.

و«اولى‏» كلمة وعيد على وزن فعلى والآل: السراب وآل الرجل، قرابته واهل بيته، وآل‏البعير، الواحه، ومااقترب من اوطار جسمه، وآل الخيمة عمدها، والآلة:

شدة من شدائد الدهر، قالت الخنساء:

ساحمل نفسي على آلة.

اما عليها واما لها (38) .

3. وفي بيانه الفرق بين القتل والذبح والموت يقول:

فالقتل والذبح والموت نظائر، بينهما فرق: فالقتل نقض بنية الحياة، والذبح فري‏الاوداج، والموت عند من اثبته معنى عرض يضاد الحياة، يقال: قتل بقتل قتلا، واقتتلوااقتتالا، وتقاتلوا تقاتلا، واستقتل استقتالا، وقتل تقتيلا، وقاتله مقاتلة، وقوله تعالى:«قاتلهم الله‏» (39) .

معناه لعنهم الله، قوم اقتال: اي هم اهل الوتر، والترة: اي هم اعداء وتراة وتقول:

تقتلت الجارية للفتى، يصف به العشق وقال الشاعر:

تقتلت لي حتى اذا ماقتلتني.

تنسكت ما هذا بفعل النواسك.

واقتل فلان فلانا، اذا عرضه للقتل، والمقتل من الدواب الذي قدذل ومرن على العمل‏وقلب مقتل، اي قتل عشقا ومنه قول امرئ القيس:

في اعشار قلب مقتل.

قال ابن دريد: قتلت الخمر بالماء اذا مزجتها، قال الشاعر:

ان التي ناولتني فرددتها.

قتلت قتلت فهاتها لم‏تقتل.

وتقتل الرجل لحاجة اي ياتي لها، ويقتل الرجل للمراه: اذا خضع لها في كلامه وقتل‏الرجل عدوه، والجمع اقتال، وفلان قتل فلان، اي نظيره وابن عمه وقتله قتلة سوءواقتتلوا بمعنى تقاتلوا ومثله قتلوا قال ابو النجم:

ندافع الشيب ولم يقتل (40) .

4. وفي قوله تعالى: «وابتغوا اليه الوسيلة‏» (41) يقول الشيخ الطوسي حول كلمة‏«الوسيلة‏»:

وهي على وزن فعيلة من قولهم: توسلت اليك اي تقربت، قال عنترة‏بن شداد:

ان الرجال لهم اليك وسيلة.

ان ياخذوك فلجلجي وتخضبي.

وقال الآخر:

اذ اغفل الواشون عدنا لوصلنا.

وعاد التصافي بيننا والوسائل.

يقال منه سلت اسال اي طلبت وهما يتساولان اي يطلب كل واحد منهما من صاحبه،والاصل الطلب والوسيلة التي ينبغي ان يطلب مثلها (42) .

5. وجاء قوله في تفسيره للآية «وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة‏» (43) :

واصل الحفد الاسراع في العمل، ومنه يسعى ويحفد ومر البعير يحفد حفدانا، اذا مريسرع في سيره، وحفد يحفد حفدا وحفدانا، قال الراعي:

كلفت مجهولها نوقا يمانية.

اذا الحداة على اكسائها حفدوا (44) .

6. وفي تفسيره لقوله تعالى: «وانكحوا الايامى منكم‏» (45) ، قال الطوسي:

ووزن ايم فيعل بمعنى «فعيل‏» فجمعت كجمع يتيم ويتيمة ويتامى، وقال جميل:

احب الايامى اذ بثينة ايم.

واحببت لما ان غنيت الغوانيا (46) .

7. وجاء قوله في النشاة عند تفسيره لقوله تعالى: «فانظروا كيف بدا الخلق ثم الله ينشئ‏النشاة الآخرة‏» (47) :

والنشاءة والنشاة بالمد والقصر، لغتان، كقولهم: رافة ورآفة، وكابة وكآبة وهما مصدران‏فالنشاة المرة الواحدة، يقال: نشا الغلام فهو ناشئ وامراة ناشئة، والجمع نواشئ ويقال‏للجواري الصغار: نشا، قال نصيب:

ولولا ان يقال صبا نصيب.

لقلت‏بنفسي النشا الصغار (48) .

وكان للطوسي آراء خاصة به في اللغة، قديخالف بها آراء غيره من العلماء، وهذا واضح‏في تفسير التبيان، حيث نجده يطرح رايه فقط، دون ذكر لآراء غيره من اللغويين ومن ذلك:

1. ففي قوله تعالى «وقال الذين اتبعوا لو ان لنا كرة فنتبرا منهم كما تبرءوا منا كذ لك يريهم‏الله اعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار» (49) . يقول في حسرات:

والحسرات جمع الحسرة، وهي اشد من الندامة، والفرق بينهما وبين الارادة.

ان الحسرة تتعلق بالماضي خاصة والارادة تتعلق بالمستقبل، لان الحسرة انما هي‏مافات بوقوعه او ينقضي وقته، وانما حركت السين، لانه اسم على فعله اوسطه ليس من‏حروف العلة ولوكان صفة لقلت: صعبات فلم‏يحرك، وكذلك جوازات وبيضات، وانماحرك الاسم لانه على خلاف الجمع السالم، والحسرة والندامة نظائر وهي نقيض الغبطة،وتقول: حسرت العمامة عن راسي اذا كشفتها، وحسر عن ذراعيه حسرا، وانحسرانحسارا وحسره تحسيرا، والحاسر في الحرب الذي لادرع عليه، ولامغفر وحسريحسر حسرة وحسرا، اذا كمد على الشي‏ء الفائت وتلهف عليه وحسرت الناقة حسورا،اذا اعيت وحسر البصر اذا كل عن البصر، والمحسرة المكنسة، والطير يتحسر، اذا خرج‏من ريشه العتيق الى الحديث، واصل الباب الحسر: الكشف (50) .

2. ورد قوله في بيان الفرق بين «من‏» و«الذي‏» في تفسير قوله تعالي «ومن يتول الله‏و رسوله‏» (51) :

والفرق بين «من‏» و«الذي‏» من ثلاثة اوجه:

احدها: ان «من‏» لمايعلل و«الذي‏» مشتركة، و«من‏» في الجزاء لمايستقبل، وهي في‏معنى «ان‏» وليس كذلك «الذي‏»، وثالثها ان «من‏» تجزم ولاتحتاج في الجزاءوالاستفهام الى صلة ولايكون جوابها الا بالفعل والفاء (52) .

3. وفي بيانه الفرق بين الرسول والنبي يقول:

والفرق بين الرسول والنبي، ان النبي لايكون الا صاحب المعجز الذي ينبئ عن الله اي‏يخبر، والرسول اذا كان رسول الله، فهو بهذه الصفة، وقديكون الرسول رسولا لغير الله،فلايكون بهذه الصفة، والانباء عن الشي‏ء قديكون من غير تحميل النبا، والارسال‏لايكون الا بتحميل الرسالة (53) .

4. وفي تفسيره لقوله تعالى «او لم يروا كيف يبدئ الله الخلق‏» (54) جاء قوله:

في «يبدئ‏» و«يبدي‏» فيه لغتان، اتى بها القرآن بدا الله الخلق وابداهم، قال الله تعالى‏«وهو الذي يبدا الخلق ثم يعيده‏» فمصدر ابدا يبدى‏ء ابداء، فهو مبدى‏ء ومن قرا (بدا)«يبدؤ بدءا» فهو بادئ وذلك مبدوء، ويقال: رجع عوده على بدئه بالهمز، و«بدا يبدو»،بغير همز: ظهر، وقال ابو عمرو «غلام ثعلب‏» يجوز رجع عوده على بده - بغير همز. -بمعنى الظهور كقولهم: «ماعدا مما بدا» (55) .

5. وجاء قوله في «هلم‏» عند تفسيره لقوله تعالى: «والقائلين لاخوانهم هلم الينا» (56) :

«هلم‏» بمعنى اقبل، واهل الحجاز يقولون للواحد والاثنين والجمع والانثى (هلم) بلفظواحد، وانما هي «لم‏» ضمت اليها «ها» التى للتنبيه، ثم حذفت الالف من «ها» اذ صاراشيئا واحدا كقولهم «ويلمه‏» واصله «ويل امه‏» فلما جعلوهما شيئا واحدا حذفوا،وغيروا (57) .

6. و عند تفسيره لقوله تعالى «الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم‏» (58) .

قوله في (ظاهر):

ويقال فيه: ظاهر فلان من امراته ظهارا ومظاهرة، واظهارا فلان ظاهر، وتظاهر تظاهراالا انه ادغم، واظهر اظهارا، واصله تظهر تظهرا الا انه ادغمت التاء في الظاء (59) .

7. وفي كلمه «احد» جاء قوله:

واصل «احد» وحد فقلبت الواو همزة، كما قيل: وناه واناه، لان الواو مكروهة اولا،وقدجاء وحد على الاصل، قال الشاعر:

كان رجلي وقدزال النهار بنا.

بذي الجليل على مستانس‏وحد (60) .

النحو

للنحو ميدان واسع في تفسير الطوسي، فقداحتوى على كثير من الآراء النحوية، حيث‏رجع الشيخ الى آراء الاعلام البارزين في هذا وقطرب (64) والفراء (65) وابي عبيدة (66) والاخفش (67) وثعلب (68) والزجاج (69) وابي علي الفارسي (70) وغيرهم، ونجده حين يذكر آراءهم في النحولايلتزم بها الا بعد غربلة وتمحيص وقديرد على بعضها لرجحان راي آخر، ويوضح بعض‏الآراء حول خطااحدهم، ويشير الى الراي المفضل، وهنا دليل على تضلعه بهذا العلم‏واتساع آفاقه النحوية والادبية، ونراه احيانا يجتهد برايه دون الاستشهاد باي راي من آراءالآخرين، كما يورد احيانا شواهد نحوية دون التعليق عليها، مما يدل على مطابقتها لرايه:

1. فنراه مثلا يتفق مع الفراء في اعراب «لولا» من الآية: «فلولا اذ جاءهم باسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون‏» (71) حيث‏يقول:

قال الفراء كلما رايت في الكلام «لولا» ولم‏تر بعدها اسما فهي بمعنى «هلا» كقوله «لولااخرتني الى اجل قريب‏» (72) و«فلولا ان كنتم غير مدينين‏» (73) .

واذا كان بعدها اسم فهي بمعنى «لو» التي تكون في جوابها اللام و«لوما» فيها، مافي‏«لولا» من الاستفهام والخبر (74) .

2. وفي قوله تعالى:«فبما رحمة من الله لنت لهم‏» (75) .

يقول الشيخ الطوسي:

وقوله «فبما رحمة من الله‏» معناه فبرحمة.

و«ما» زائدة باجماع المفسرين ذهب اليه قتادة والزجاج والفراء، وجميع اهل التاويل،ومثله قوله «عما قليل ليصبحن نادمين‏» (76) .

فجاءت «ما» مؤكدة للكلام وسبيل دخولها لحسن النظم كدخولها لاتزان الشعر (77) .

3. وفي قوله تعالى: «فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عندالله‏» (78) .

يقول قال الزجاج: الويل كلمة يستعملها كل واقع في هلكة، واصله في اللغة العذاب‏والهلاك وارتفع بالابتداء،وخبره الذين.... والرفع على معنى ثبوت الويل للذين، ومثله‏الويح، والويس، اذا كان بعدهن لام رفعتهن، واما التعس والبعد وما اشبههما، فهو نصب‏ابدا، فان اضفت «ويل‏» و «ويح‏» و «ويس‏» نصب من غير تنوين، تقول: ويل زيد،وويس زيد، ولايحسن في «التعس‏» و«البعد» الاضافة بغير لام، فلذلك لم‏ترفع،وقدنصبه قوم مع اللام فيقولون ويلا لزيد ويحا لخالد (79) .

وقد يختلف الاعراب عند الشيخ ايجازا وتفصيلا واستشهاده بالشعر وعدمه بين آية‏واخرى فمن ايجازه، نذكر الامثلة التالية:

1. عند تفسيره لقوله تعالى:

«يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون‏» (80) .

يقول: «الا انفسهم‏» نصب على الاستثناء (81) .

2. وفي قوله تعالى «الذين قالوا ان الله عهد الينا الا نؤمن لرسول حتى ياتينا بقربان تاكله‏النار...» (82) يقول الشيخ الطوسي:

««الذين قالوا ان الله فقير»» (83) .

3. وقوله تعالى: «حقيق على ان لا اقول على الله الا الحق‏» (84) .

فيقول:

وقوله «الا الحق‏» نصب بانه مفعول القول على غير الحكاية، بل على معنى الترجمة عن‏المعنى دون حكاية اللفظ (85) .

4. وفي الآية «وتصف السنتهم الكذب ان لهم الحسنى‏» (86) يقول: «فقول ان بدل من‏الكذب، وموضعه النصب (87) ».

5. وفي قوله تعالى: «يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون في آيات الله بغيرسلطان‏» (88) . قوله: «وموضع «الذين‏» نصب لانه بدل من (من) ويجوز ان يكون رفعا بتقدير(هم) (89) ».

6. وفي قوله تعالى «يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏»، يقول «و«الذين‏» في‏موضع نصب (90) ».

وكما عمد الشيخ الطوسي الى الاختصار في اعراب بعض الآيات نراه يعمد الى‏الاسهاب والتفصيل احيانا، وفي تفصيله في الاعراب نورد بعض الامثلة:

فعند تفسيره لقوله تعالى: «ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء» (91) .

قال: وقوله: «اموات‏» رفع بانه خبر ابتداء محذوف كانه قال: لاتقولوا هم اموات،ولايجوز فيه النصب على قولك: قلت‏خيرا لان الخير في موضع المصدر كانه قال: قلت‏قولا حسنا، فاما قوله: «ويقولون طاعة‏» (92) . فيجوز فيه الرفع والنصب في العربية: الرفع‏على منا طاعة والنصب على نطيع طاعة، والفرق بين «بل‏» و«لكن‏» ان لكن نفي لاحدالشيئين واثبات للآخر كقولك: ماقام زيد، لكن عمرو، وليس كذلك «بل‏» لانهاللاضراب عن الاول والاثبات للثاني، ولذلك وقعت في الايجاب كقولك: «قام زيد بل‏عمرو»، فاما اذا قصد المتكلم فانما هو ليدل على ان الثاني احق بالاخبار عنه من الاول‏كقولك: «قام زيد بل عمرو»، كانه لم‏يعتد بقيام الاول (93) .

7. وفي قوله «وحرام على قرية اهلكناها ا نهم لا يرجعون‏» (94) ، يورد الشيخ‏الطوسي تفصيلا في اعراب «لا» فيقول:

ومثله قوله تعالى: «وحرام على قرية اهلكناها ا نهم لا يرجعون‏» وهو يحتمل امرين:

احدهما: ان تكون «لا» زائدة و«ان‏» في موضع رفع بانه خبر المبتدا الذي هو «حرام‏»وتقديره: وحرام على قرية مهلكة رجوعهم، كما قال: «فلا يستطيعون توصية ولا الى اهلهم‏يرجعون‏» (95) .

والثاني: ان تكون «لا» غير زائدة، بل تكون متصلة باهلكنا، والتقدير بانهم لايرجعون‏اي اهلكناهم بالاستئصال; لانهم لايرجعون الى اهليهم للاستئصال الواقع بهم، وخبرالابتداء محذوف وتقديره حرام على قرية اهلكناها بالاستئصال بقاؤهم او حياتهم‏ونحو ذلك (96) .

7. وعند اعرابه «اللام‏» في قوله تعالى: «لتكونوا شهداء على الناس‏» (97) . قال:

لام كي كانه قال: كي تكونوا، واصلها لام الاضافة، واللام في قوله: «و ان كانت لكبيرة‏»لام تاكيد، وهي تلزم «ان‏» المخففة من الثقيلة، لئلا تلتبس ب «ان‏» التي بمعنى «ما» كقوله‏تعالى:

«ان الكافرون الا في غرور» (98) ، وهي لام الابتداء اخرت الى الخبر في باب «ان‏» خاصة، وامااللام الثالثة في قوله «وما كان الله ليضيع ايمانكم‏» فلام الجحد واصلها لام الاضافة،والفعل نصب باضمار «ان‏» ولايظهر بعدها «ان‏» لان التاويل: ماكان الله مضيعا ايمانكم،فلما حمل معناه على التاويل، حمل لفظه ايضا على التاويل من غير تصريح باظهار«ان‏» (99) .

كما يورد الشيخ الطوسي رايه وراي العلماء واختلافهم في الاعراب مما يؤكد سعة‏اطلاعه في هذا المجال، وقدرته على منافسة النحاة المشهورين واصحاب الراي من‏اصحاب المدارس النحوية، ومن ذلك نورد مايلي:

1. في قوله تعالى «فريضة من الله‏» (100) يذكر الشيخ الطوسي:

وقوله «فريضة من الله‏» نصب على الحال من قوله: «لابويه‏» وتقديره. فلهؤلاء الورثة‏ماذكرناه مفروضا، ف «فريضة‏» مؤكدة لقوله: «يوصيكم الله‏» هذا قول الزجاج، وقال‏غيره: هو نصب على المصدر من قوله: «يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين‏».

فرضا مفروضا، وقال غيره: يجوز ان يكون نصبا على التمييز من قوله: «فلامه السدس‏»فريضة كما تقول: هو لك صدقة او هبة (101) .

2. ومن الآية «و ان كان رجل يورث كلالة او امراة وله اخ‏» (102) .

فيذكر الشيخ الطوسي في اعراب «كلالة‏» بقوله:

«وكلالة‏» نصبه يحتمل امرين:

احدهما: على انه مصدر وقع موقع الحال، وتكون كان تامة وتقديره: يورث متكلل‏النسب كلالة.

والثاني: بان يكون خبر كان، ذكره الرماني والبلخي، وتقديره «فان كان‏»، رجل: اسم كان‏ويورث: صفته، وكلالة: خبره.

وهنا يتقدم الطوسي برايه فيقول:

والاول هو الوجه، لان «يورث‏» هو الذي اقتضى ذكر الكلالة، كما تقول: يورث هذاالرجل كلالة، بخلاف من يورث ميراث الصلب ويورث كلالة عصبة وغير عصبة (103) .

3. في الآية «من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار وصية من الله والله عليم‏حليم‏» (104) ، يذكر الشيخ الطوسي:

وقوله: «غير مضار» نصب على الحال بمعنى: يوصي بذلك غير مضار، وقال الزجاج:يجوز ان يكون نصبا على انه مفعول به.

4. وفي قوله تعالى «والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح‏قصاص‏» (105) . يذكر الشيخ الطوسي:

وقوله: «والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص‏» من نصب‏جميع ذلك عطفه على المنصوب بواو الاشتراك، ثم استانف، فقال: «والجروح قصاص‏»،ومن نصب الجروح عطفها على ماقبلها من المنصوبات، ومن لم‏ينصب غير النفس فعلى‏ان ذلك هو المكتوب عليهم، ثم ابتدا مابعده بيانا مبتدا، ويحتمل ان يكون الواو عاطفة‏جملة على جملة، ولايكون الاشتراك فيمن نصب، ويحتمل ان يكون حمل على المعنى،لان التقدير قلنا لهم: ان «النفس بالنفس‏» فحمل «والعين بالعين‏» على المعنى دون اللفظ،ويحتمل ان يكون عطف على الذكر المرفوع في الظرف الذي هو الخبر، وان لم‏يؤكدالمعطوف عليه بضمير منفصل، كما قال: «لو شاء الله ما اشركنا ولا آباؤنا» (106) فلم‏يؤكد كما اكدفي قوله: «يراكم هو وقبيله‏» (107) ذكر الوجوه الثلاثة الزجاج وابو علي الفارسي، ومن نصب‏الجميع جعل الكل فيما كتب عليهم (108) .

وقد يطيل الطوسي نقاشه مع العلماء ويقف كثيرا على ماقالوه مؤيدا تارة ومعترضااخرى كما في قوله تعالى:

5. «ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما انت‏بتابع قبلتهم وما بعضهم‏بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت اهواءهم من بعد ما جاءك من العلم انك اذا لمن الظالمين‏» (109) .

يشير الى اعراب «لئن‏» من هذه الآية فيقول:

اختلف النحويون في ان جواب «لئن‏» كان جواب (لو)، فقال الاخفش ومن تبعه:

اجيبت‏بجواب «لو» لان الماضي وليها كمايلي «لو»، فاجيبت‏بجواب «لو» ودخلت كل‏واحدة منهما على صاحبتها، قال الله تعالى:

«ولئن ارسلنا ريحا فراوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون‏» (110) فجرى مجرى ولو ارسلنا وقال: «ولوا نهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله‏» (111) على جواب «لئن‏» وقال سيبويه وجميع اصحابه:

ان معنى «لظلوا من بعده يكفرون‏» ليظلن ومعنى «لئن‏» غير معنى «لو» في قول الجماعة،وان قالوا ان الجواب متفق لانهم لايدفعون ان معنى «لئن‏» مايستقبل ومعنى «لو» مامضى‏وحقيقة معنى «لو» انها يمتنع بها الشي‏ء لامتناع غيره، كقولك: لو اتيتني لاكرمتك، اي‏لم‏تاتني فلم‏اكرمك، فامتنع الاكرام لامتناع الاتيان ومعنى «ان‏» و«لئن‏» انما يقع بهماالشي‏ء لوقوع غيره تقول: ان تاتني اكرمك، فالاكرام يقع بوقوع الاتيان، وقال بعضهم: ان‏كل واحدة منهما على موضعها، وانما لحق في الجواب هذا التداخل لدلالة اللام على‏معنى القسم، فجاء الجواب بجواب القسم، فاغنى عن جواب الجزاء لدلالته عليه، لان‏معنى «لظلوا» «ليظلن‏»، وهذا هو معنى قول سيبويه:

ويجوز ان تقول: ان اتيتني لم‏اجفك، ولايجوز ان تقول: ان اتيتنى ماجفوتك، لان - «ما»منفصلة، و«لم‏» كجزء من الفعل، الاترى انه يجوز ان تقول: زيدا لم‏اضرب ولايجوززيدا ماضربت، وانما يجاب الجزاء بالفعل او الفاء، فاذا تقدم لام القسم جاز فقلت لئن‏اتيتني ماجفوتك (112) .

وقد يطرح الشيخ الطوسي رايه فقط، من دون ان يستشهد براي لغيره من النحاة ومن‏ذلك الامثلة التالية:

1. في قوله تعالى «ولنبلونكم بشي‏ء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس‏والثمرات وبشر الصابرين‏» (113) . يقول الشيخ الطوسي في اعراب «لنبلونكم‏»:

وفتحت الواو في «لنبلونكم‏» لامرين:

احدهما: للعلة التي فتحت الراء في لننصرنكم وهو انه بني على الفتحة لانها اخف اذااستحق البناء على الحركة، كما استحق (يا) في النداء حكم البناء على الحركة.

الثاني: انه فتح لالتقاء الساكنين اذا كان قبل معتلا لايدخله الرفع (114) .

2. وفي قوله تعالى «يا ايها الذين آمنوا ان تطعيوا الذين كفروا يردوكم على اعقابكم فتنقلبواخاسرين‏» (115) ، يقول الشيخ الطوسي في اعرابها:

وقوله: «ان تطعيوا» جزم بانه شرط، وقوله «يردوكم‏» جزم بانه جواب الشرط، وقوله:

«فتنقلبوا» جزم بالعطف عليه، وقوله: «خاسرين‏»نصب على الحال (116) .

وقد يستعين الطوسي بالشعر العربي ليدعم به رايا يتبناه في الاعراب، فيستشهد ببيت‏من الشعر يتناسب والمقام، وقديذكر اسم قائله احيانا كما يغفله في احايين اخرى، ومن‏استشهاداته بالشعر على الاعراب نورد الامثلة التالية:

1. في الآية «الا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏» (117) . يذكر الشيخ الطوسي في اعراب «ان‏».

قيل في موضع «ان‏» قولان:

احدهما: انه خفض بالباء وتقديره بان لاخوف، هذا قول الخليل والكسائي والزجاج.

والثاني: ان يكون موضعه نصبا على انه لماحذف حرف الجر نصب بالفعل كماقال‏الشاعر:

امرتك الخير فافعل ماامرت به.

فقدتركتك ذا مال وذا نشب (118) .

2. في قوله تعالى: «وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت‏اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين‏» (119) . ويقول الشيخ الطوسي:

«وقولهم‏» نصب بانه خبر «كان‏» والاسم «ان قالوا» وانما اختير ذلك، لان مابعد الايجاب‏معرفة، فهو احق بان يكون الاسم كقول الشاعر:

وقدعلم الاقوام ماكان داءها.

بثهلان الا الخزي ممن يقودها (120) .

3. وقوله تعالى: «وبالوالدين احسانا»:

عطف على موضع ان المحذوفة في « تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا» فرفع لاتعبدون‏لماحذفت «ان‏»، ثم عطف بالوالدين على موضعها: كما قال الشاعر:

معاوي اننا بشر فاسجح.

فلسنا بالجبال ولا الحديدا (121) .

4. وفي قوله تعالى: «يقص الحق وهو خير الفاصلين‏» (122) . يقول الشيخ الطوسي:

والحق في قوله: «يقص الحق‏» يحتمل امرين:

احدهما: ان يكون صفة لمصدر محذوف وتقديره يقضي القضاء الحق او يقص القصص‏الحق.

والثاني: ان يكون مفعولا به يعجل الحق كقوله الهذلي:

وعليهما مسرورتان قضاهما.

داود او صنع السوابغ تبع (123) .

اي صنعها داود (124) .

5. وفي قوله تعالى: «و ان كلا لما ليوفينهم ربك...» (125) ، يقول الشيخ الطوسي:

(واللام في قوله «لما» يحتمل ان تكون لام القسم، دخلت على «ما» التي للتوكيد،ويحتمل ان تكون لام الابتداء، دخلت على «ما» بمعنى الذي كقوله «فانكحوا ما طاب لكم‏من النساء» (126) . ومثله «و ان منكم لمن ليبطئن‏»، (127) قال الشاعر:

فلو ان قومي لم‏يكونوا اعزة.

لبعد لقد لاقيت لابد مصرعا (128) .

6. وفي الآية «الذين قالوا لاخوانهم وقعدوا لو اطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن انفسكم‏الموت ان كنتم صادقين‏»، (129) يقول الشيخ الطوسي:

موضع «الذين‏» يحتمل ثلاثة اوجه من الاعراب:

احدهما: ان يكون نصبا على البدل من الذين نافقوا.

الثاني: الرفع على البدل من الضمير في يكتمون.

الثالث: الرفع على خبر الابتداء، وتقديره: هم «الذين قالوا لاخوانهم‏» (130) .

7. في قوله تعالى: «ولئن متم او قتلتم لالى الله تحشرون‏» (131) . يرى الشيخ الطوسي:

اللام في قوله: (ولئن متم او قتلتم) يحتمل امرين:

احدهما: ان يكون خلفا من القسم ويكون اللام في قوله: «لالى الله‏» جوابا، كقولك:

والله ان متم او قتلتم لتحشرون الى الله.

والثاني: ان تكون مؤكدة لمابعدها كما تؤكد ان مابعدها وتكون الثانية جوابا لقسم‏محذوف، والنون مع لام القسم في فعل المضارع لابد منها; لان القسم احق بالتاكيد من‏كلما تدخله النون من جهة ان ذكر القسم دليل انه من مواضع التاكيد فاذا جاءت في غيره‏من الامر والنهي والاستفهام والعرض والجزاء مع ما اذا كان ذكر القسم قدانبا انه من‏مواضع التاكيد، لزمت فيه، لانه احق بهما من غيره (132) .

8. ويذكر الشيخ الطوسي في اعراب «ما» من قوله «ما فرطتم في يوسف‏» (133) قائلا:

«ما» في قوله «ما فرطتم‏» يحتمل ثلاثة اوجه من الاعراب:

احدها: ان تكون منصوبة ب «تعلموا» كانه قال الم تعلموا تفريطكم في يوسف.

الثاني: رفع بالابتداء والخبر «من قبل‏».

الثالث: ان تكون صلة لاموضع لها من الاعراب; لانها لم‏تقع موقع اسم معرب (134) .

9. ويذكر في اعراب «ما» من قوله تعالى «ولهم ما يشتهون‏» (135) :

وقوله: «ولهم ما يشتهون‏»، «ما» في قوله «ولهم ما» يحتمل وجهين من الاعراب:

احدهما: ان يكون في موضع نصب، والمعنى ويجعلون لهم البنين الذين يشتهون.

والثاني: ان يكون في موضع رفع والتقدير ولهم البنون، على الاستئناف (136) .

10. وقوله تعالى: «ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والارض‏شيئا» (137) . يقول المفسر:

وقوله «شيئا» نصب على احد وجهين:

احدهما: ان يكون بدلا من «رزقا» والمعنى مالايملك لهم رزقا قليلا ولاكثيرا.

والثاني: ان يكون منصوبا ب «رزقا» كما قال: «او اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما» كانه قال‏لايملك لهم رزق شي‏ء (138) .

وقديورد الشيخ بعض آراء العلماء على ما فيها من اختلاف دون ان يبدي برايه اوبتعليق عليها، وهذه بعض الامثلة على ذلك:

1. في اعراب «مفتحة لهم الابواب‏» (139) يقول:

ورفعت «الابواب‏» لان تقديره مفتحة لهم ابوابها، فدخلت الالف واللام بدلا من الاضافة‏كما يقولون: مررت برجل حسنة عينه، قبيح انفه، يريدون قبيح الانف - ذكره الفراء -وقال الزجاج: تقديره مفتحة لهم الابواب منها ولو نصب «الابواب‏» لجاز كقول الشاعر:

فما قومي بتغلبة بن سعد.

ولا بفزارة الشعث الرقابا (140) .

2. وفي اعراب «ما» من قوله تعالى: «بئسما اشتروا به انفسهم ان يكفروا بما انزل الله بغياان ينزل الله‏» (141) .

يقول:

واختلفوا في «ما» فقال قوم من البصريين: هي وحدها اسم «ان يكفروا» تفسير له نحونعم رجلا زيد و «ان ينزل الله‏» بدل من انزل.

وقال الفراء بئس الشي‏ء اشتروا به انفسهم ان يكفروا، ف «ما» اسم بئس «وان يكفروا»الاسم الثاني (142) .

3. وفي الآية «ص والقرآن ذي الذكر» (143) . يقول المفسر:

واختلفوا في جواب القسم فقال قوم: هو محذوف وتقديره: جاء الحق وظهر; لان حذف‏الجواب في مثل هذا ابلغ; لان الذكر يقصر المعنى على وجه والحذف يصرف الى كل‏وجه فيعم، وقال قوم: جوابه مادل عليه قوله: «بل‏الذين كفروا» كانه قال:

والقرآن ذي الذكر ماالامر على ماقالوا، ذكر ذلك قتادة، وقال الفراء والزجاج:

الجواب «كم‏» وتقديره لكم اهلكنا، فلما طال الكلام حذفت اللام وصارت «كم‏» جواباللقسم واليمين (144) .

4. وجاء في اعرابه «مناص‏» من قوله تعالى «ولات حين مناص‏» (145) . قوله:

وقيل: ان «مناص‏» جر ب «لات‏» وانشدوا لابي زيد:

طلبوا صلحنا ولات اوان.

فاجبنا ان ليس حين بقاء.

وقال الزجاج: انشده ابوالعباس بالرفع، وقدروي بالكسر، وقال الزجاج: من كسر راى‏ان يجعله مبنيا بمنزلة نداء ذلك الاقوام وبناه فحذف المضاف اليه دون ان يضم لانه نونه‏فاجراه على نظائره من المنون المبني واراد ولات اوانا (146) .

5. وفي قوله تعالى: «يا ايها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم و ان‏تكفروا فان لله ما في السموات والارض وكان الله عليما حكيما» (147) .

يقول الشيخ الطوسي:

واختلفوا في نصب «خيرا لكم‏» فقال الخليل وجميع البصريين:

ان ذلك محمول على المعنى، لانك اذا قلت: انته خيرا لك، فانت تدفعه عن امر وتدخله‏في غيره، كانك قلت: انته وآت خيرا لك، وادخل فيما هو خير لك وانشد الخليل‏وسيبويه قول عمربن ابي ربيعة:

فواعديه سر حتي مالك.

او الربا بينهما اسهلا.

وتقديره واتى مكانا اسهلا، وقال الكسائي: انتصب بخروجه من الكلام.

قال: وهذا تفعله العرب في الكلام التام نحو قولك لتقومن خيرا لك وانته خيرا لك فاذاكان الكلام ناقصا لم‏يجز غير الرفع تقول:

ان تنته خير لك وان تصبروا خير لكم.

وقال الفراء: انتصب ذلك لانه متصل بالامر، وهو من صفته، الا ترى انك تقول: انته خيرلك، فلما اسقطت هو اتصل بما قبله، وهو معرفة فانتصب، وقال ابو عبيدة‏انتصب ذلك على اضمار كان، كانه قال: فآمنوا يكن الايمان خيرا لكم، قال: وكذلك كل‏امر ونهي، قال الفراء: يلزم على ذلك مايبطله، الا ترى انك تقول: اتق الله تكن محسنا،ولايجوز ان تقول: اتق الله محسنا باضمار كان ولايصلح ان تقول: «انصرنا اخانا»، وانت‏تريد تكن اخانا، وقال قوم: انتصب ذلك بفعل مضمر اكتفى في ذلك المضمر بقوله:

لاتفعل ذلك وافعل صلاحا لك (148) .

6. وفي قوله تعالى «ان ربك هو اعلم من يضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين‏» (149) .

يقول الشيخ الطوسي:

وذكروا في موضع «من‏» وجهين من الاعراب:

قال بعضهم: موضعه نصب على حذف الباء، وتقديره اعلم بمن يضل; ليكون مقابلا لقوله‏«وهو اعلم بالمهتدين‏».

وقال الفراء والزجاج: موضعها الرفع لانها بمعنى «اي‏» كقوله «لنعلم اي الحزبين‏» (150) وصفة‏«افعل‏» من كذا لاتتعدى لانها غير جارية على الفعل، ولامعدولة عن الجارية كعدل‏ضروب عن ضارب ومنحار عن ناحر، وقال قوم: ان «اعلم‏» هاهنا بمعنى يعلم كما قال‏حاتم الطائي:

فخالفت طي من دوننا خلفا.

والله اعلم ماكنا لهم خولا.

وقالت الخنساء:

القوم اعلم ان جفنته.

تغدو غداة الريح او تسري.

قال الرماني: هذا لايجوز، لانه لايطابق قوله: «وهو اعلم بالمهتدين‏» فمعنى الآية ان الله‏تعالى اعلم بمن يسلك سبيل الضلال المؤدي الى الهلاك بالعقاب ومن سلك سبيل الهدى‏المفضي‏به الى النجاة والثواب (151) .

القراءة

ضل الشيخ الطوسي ملتزما بما التزم به سلفه من علماء الامامية ولايكاد يختلف معهم‏في شي الا ماندر.

وقدسرى التزامه وتبنيه لآراء اولئك الاعلام في المدرسة الامامية حتى في موضوع‏القراءة اذ يقول في هذا الصدد:

ان العرف في مذهب اصحابنا والشائع من اخبارهم ورواياتهم ان القرآن نزل بحرف‏واحد، على نبي واحد، غير انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء وان الانسان‏مخير باي قراءة شاء قرا. وكرهوا تجويد قراءة بعينها، بل اجازوا القراءة بالمجاز الذي‏يجوز بين القراء، ولم‏يبلغوا بذلك حد التحريم والحظر (152) .

ومن ثم يردف مرجحا لهذا الراي فيقول:

الوجه الاخير اصلح الوجوه على ماروي عنهم‏عليهم السلام من جواز القراءة بما اختلف القراءفيه (153) .

ولكن تبني الشيخ الطوسي لهذا الراي لايعني انه قدغض الطرف عن كل ماقاله القراءوانما كان - وفق نزعته التحقيقية - لايقبل اقوالهم الا بعد النظر والتدقيق، فيمحص آراءهم‏ويضعف بعضها ويرد على البعض الآخر، ومن ذلك ماورد في تفسيره لقوله تعالى: «والذين‏يؤمنون بما انزل اليك‏».

فقال مفسرنا: «لايمد القراء الالف من "ما" الا حمزة فانه مدها». ثم يقول:

«وقد لحن في ذلك‏» (154) .

كما نجد الطوسي يخطئ قراءة ابي وعبدالله في معرض تفسيره لقوله تعالى:

«ولا تسئل عن اصحاب الجحيم‏» (155) . فيقول:

«واعتلوا ان في قراءة ابي: «وماتسئل‏» وفي قراءة عبدالله: «ولن تسئل‏»» فقال الطوسي:

مفندا: «وهذا غير صحيح‏» (156) .

وقداظهر الشيخ الطوسي اهتماما كبيرا في موضوع القراءات عند تفسيره للآيات‏القرآنية اذ قلما يذكر آية ولايذكر ماقيل فيها من آراء القراء، وقداورد الطوسي جملة من‏القراء المشهورين في تبيانه واعتمد قراءاتهم ومن اولئك:

عبدالله‏بن عامر الدمشقي (ت 118ه ).

ابن كثير المكي (ت 120ه ).

عاصم الكوفي (ت 127ه ).

ابو عمرو بن العلاء (ت 154ه ).

حمزة الكوفي (ت 156ه ).

نافع المدني (ت 169ه ).

والكسائي الكوفي (ت 189ه ).

يعقوب‏بن اسحاق (ت 205ه ).

وخلف‏بن هشام (ت 286ه ).

كما تعرض المفسر الى ذكر الاختلافات الواردة بين آراء القراء، مع ايراد حجة كل‏واحد منهم، اذ كان يرجح احيانا بعض الآراء على البعض الآخر، وقداستعان الطوسي بشعرالشعراء في تاييد راي من الآراء التي قالها القراء، وقدنجده يسهب احيانا ويستطرد في‏القراءة بينما نجده يوجز في مواضع اخرى في التفسير، والذي يستنتجه الدارس لتفسيرالشيخ الطوسي، هو تضلع الرجل بمختلف الفنون التي تقتضيها العملية التفسيرية، حيث نراه‏يعارض القراء ويناقش آراءهم، ويدلي برايه في القراءة كما هو الحال في اللغة والنحووالشعر وصنوف الآداب التي تضمنتها لغة القرآن الكريم.

ونحن هنا نورد بعض النماذج التي يمكنها ان تعطينا صورة واضحة عن طريقة تعامل‏مفسرنا مع القراءة والقراء:

فنشاهده عبر الامثلة التالية كيف يذكر اختلاف القراء وآراءهم مع تناوله لادلتهم التي‏اعتمدوها:

1. فقدجاء تفسيره لقوله تعالى: «اهدنا الصراط المستقيم‏» (157) قوله:

قرا ابن كثير في رواية ابن مجاهد عن قنبل والكسائي عن طريق ابن حمدون ويعقوب‏من طريق رويس بالسين، وكذلك في سراط، في جميع القرآن. الباقون بالصاد واشم‏الصاد زايا حمزة في الموضوعين (158) ، خاصة في رواية علي‏بن سالم، وفي رواية الدوري‏وخلاد اشمامها الزاي ماكان فيه الف ولام، واما الصاد اذا سكنت وكان بعدها دال نحو:يصدر، وفاصدع، ويصدقون، فاشم الصاد الزاي حيث وقع، حمزة والكسائي وخلف‏ورويس (159) .

ويذكر الشيخ الطوسي حجج هذه الآراء بقوله:

فمن قرا بالسين فلانه الاصل، من غير سبب يمتنع منه ومن قرا باشمام الزاي فللمؤ اخاة‏بين السين والطاء بحرف مجهور من مخرج السين وهو الزاء من غير ابطال للاصل. ومن‏قرا بالصاد بين الصاد والطاء بالاستعلاء والاطباق (160) .

ثم يرجح الطوسي القراءة بالصاد وبين ذلك بقوله:

«والقراءة بالصاد احسن لان فيها جمعا بين المتشاكلين في المسموع‏» (161) .

2. وجاء في تفسيره لقوله تعالى «واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن‏مصلحون‏» (162) قوله:

«قيل‏» ضم القاف فيها وفي اخواتها الكسائي وهشام ورويس.

ووافقهم ابن ذكوان في السين والحاء، مثل: حيل وسيق وسيئت، ووافقهم اهل المدينة‏في سيق وسيئت (163) .

ويذكر الشيخ الطوسي مجمع الآراء التي قيلت في قراءة القاف بقوله:

فمن ضم ذهب الى ماحكي عن بعض العرب: قد قول، وقد بوع المتاع، بدل قيل وبيع،ومن كسرها قال: لان ياء الساكنة لاتكون بعد حرف مضموم، ومن اشم قال: اصله قول،فاستثقلت الضمة فقلبت كسرة، واشمت ليعلم ان الاصل كانت ضمة (164) .

3. وفي تفسيره لقوله تعالى: «ان تبدوا الصدقات فنعما هي‏» (165) جاء قوله في (نعما)وضعف النحويون باجمعهم قراءة ابي عمرو، وبين الشيخ حجتهم في ذلك بقوله:

وقالوا لايجوز اسكان العين مع الادغام وانما هو اخفاء يظن السامع انه اسكان، وانمالم‏يجز الاسكان مع الادغام لانه جمع بين ساكنين في غير حروف المد واللين في نحودابة وغير ذلك، وقدانشد سيبويه في الجمع بين ساكنين مثل اجتماعهما في نعما قول‏الشاعر:

كانها بعد الزاجر.

ومسحه مر عقاب كاسر (166) .

4. وجاء في تفسيره لقوله تعالى: «فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي‏وقاتلوا وقتلوا» (167) فقال:

قرا حمزة والكسائي وخلف «وقتلوا وقاتلوا» بتقديم المفعولين على الفاعلين والباقون‏«قاتلوا وقتلوا» بتقديم الفاعلين على المفعولين، وشدد التاء من «قتلوا» ابن كثيروابن‏عامر، وقرا عمربن عبدالعزيز «وقتلوا» بلا الف «وقتلوا» (168) .

ثم يرد الشيخ على قول الطبري ويبين حجته في ذلك فيقول:

وقال الطبري: القراءة بتقديم المفعولين لاتجوز، وهذا خطا ظاهر; لان من اختار اسم‏الفاعلين على المفعولين، وجه قراءته ان القتال قبل القتل، ومن قدم المفعولين على‏الفاعلين وجه قراءته يحتمل امرين:

احدهما: ان يكون المعطوف بالواو ويجوز ان يكون اولا في المعنى، وان كان مؤخرا في‏اللفظ، لان الواو لايوجب الترتيب وهي تخالف الفاء في هذا المعنى وهكذا خلافهم في‏سورة التوبة.

والثاني: ان يكون لماقتل منهم قاتلوا ولم‏يهنوا ولم‏يضعفوا لمكان من قتل منهم، كما قال‏تعالى: «فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين‏» (169) وقوله:«فاستجاب لهم ربهم اني‏» اي باني وحذف الباء ولو قرئ بكسر الهمزة كان جائزاعلى تقدير: قال لهم «اني لا اضيع عمل عامل منكم‏» (170) .

5. وفي تفسيره لقوله تعالى: «لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بماعقدتم الايمان‏» (171) يقول الشيخ الطوسي:

قرا «عاقدتم‏» بالالف ابن عامر، و«عقدتم‏» بلا الف مع تخفيف القاف حمزة والكسائي،وابوبكر عن عاصم، والباقون بالتشديد، ومنع من القراءة بالتشديد الطبري، ثم يوردالشيخ حجة الطبري في ذلك بقوله: لانه لايكون الا مع تكرير اليمين والمؤاخذة تلزم من‏غير تكرير بلاخلاف، الا ان الشيخ يرد عليه بقوله: وهذا ليس بصحيح، لان تعقيد اليمين‏ان يعقدها بقلبه ولفظه ولوعقد عليها في احدهما دون الآخر، لم‏يكن تعقيدا، وهوكالتعظيم الذي يكون تارة بالمضاعفة، وتارة بعظم المنزلة، وقال ابو علي الفارسي من‏شدد احتمل امرين:

احدهما: ان يكون الفعل لقوله: «ولكن يؤاخذكم‏» مخاطبا الكثرة فهو مثل «وغلقت‏الابواب‏».

والآخر: ان يكون «عقد» مثل «ضعف‏» لايراد به التكثير كما ان «ضاعف‏» لايراد به فعل‏من اثنين، ومن قرا بالتخفيف جاز ان يريد به الكثير في الفعل والقليل الا ان «فعل‏»يختص بالكثير كما ان الركبة تختص بالحال التي يكون عليها الركوب وقالوا: عقدت‏الحبل والعهد واليمين عقدا، الا ترى انها تتلقى بما يتلقى به القسم (172) .

ثم يستشهد الشيخ بقول الشاعر:

قوم اذا عقدوا عقدا لجارهم.

«ويقال: اعقدت العسل فهو معقد وعقيد، وحكى ابو اسحاق عقدت العسل (173) »، ويذكرالشيخ رايه هنا فيقول:

«والاول اكثر (174) ».

6. وفي تفسيره لقوله تعالى «من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون‏» (175) .

يذكر الشيخ الطوسي:

قرا اهل العراق «ويذرهم‏» بالياء واسكن الراء منه حمزة والكسائي وخلف الباقون بالنون‏وضم الراء (176) .

ويبين الشيخ حجة كل من هذه الآراء قائلا:

من قرا بالنون قال: لان الشرط من الله، فكانه قال: «من يضلل الله‏» فذرهم، ومن قرا بالياءرده الى اسم الله تعالى، وتقديره الله يذرهم، ومن ضم الراء قطعه عن الاول، ولم‏يجعله‏جوابا، ويجوز ان يكون اضمر المبتدا، وكان تقديره ونحن نذرهم فيكون في موضع‏الجزم، ويجوز ان يكون استانف الفعل فيرفعه، ومن جزمه فانه عطفه على موضع الفاءوما بعدها من قوله: «فلا هادي له‏» لان موضعه جزم، فحمل «ونذرهم‏» على الموضع ومثله‏في الحمل على الموضع، قوله تعالى «فاصدق واكن‏» (177) لانه لو لم‏يلحق الفاء لقلت لولااخرتني اصدق لان معنى «لولا اخرتني‏» (178) اخرني اصدق، فحمل قوله تعالى «واكن‏» على‏الموضع (179) .

وهكذا تعامل الطوسي مع القراء وآرائهم المختلفة، بشي‏ء من التفصيل، بينما نجده‏وكما في الامثلة التالية يوجز كثيرا، عندما يتعرض لموضوع القراءة وآراء القراء ومن ذلك‏مايلي:

1. جاء في تفسيره لقوله تعالى: «و اذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا ا نؤمن كما آمن‏السفهاء ا لا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون‏» (180) قوله:

قرا ابن عامر واهل الكوفة بتحقيق الهمزتين، وكذلك كل همزتين مختلفتين من كلمتين،الباقون بتخفيف الاولى وتليين الثانية (181) .

2. وفي تفسيره لقوله تعالى «و اذا لقوا الذين آمنوا» (182) . جاء قوله:

«فقرئ في الشواذ «و اذا لاقوا الذين‏» قراها اليماني (183) ».

3. وجاء في تفسيره لقوله تعالى: «ان الله بالناس لرءوف رحيم‏» (184) قوله في الرءوف:

«قرا ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم «لرؤف‏» على وزن لرعوف، الباقون «لرؤف‏»على وزن فعل (185) ».

4. وذكر في تفسيره لقوله تعالى «سنكتب ما قالوا» (186) :

«قرا حمزة وحده «سيكتب‏» بضم الياء، الباقون بالنون (187) ».

5. وفي تفسيره لقوله تعالى «و اما ينسينك الشيطان‏» (188) :

«قرا ابن عامر: «و اما ينسينك‏» بتشديد السين، الباقون بالتخفيف (189) ».

6. وفي تفسيره لقوله تعالى: «ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهم لا يعجزون‏» (190) يقول:

الشيخ الطوسي في «ولا يحسبن‏» «قرا ابن عامر وحمزة وحفص وابو جعفر(ولايحسبن) بالياء، الباقون بالتاء (191) ».

7. وفي تفسيره لقوله «يا شعيب اصلاتك تامرك‏» (192) يقول الشيخ الطوسي في اصلوتك:«قرا اهل الكوفة الا ابابكر (اصلوتك) على التوحيد، الباقون على الجمع (193) ».

وقدلايكتفي الطوسي بذكر آراء القراء او اختلافاتهم، وانما يعمد وفي مواضع كثيرة،الى طرح جملة من الآراء، ثم يرجح رايا على راي، ويورد في ذلك حجة وكما فعل في‏الامثلة التالية:

1. عند تفسيره لقوله تعالى «وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا» (194) .

يقول الشيخ الطوسي في قوله تعالى: «وكلمة الله هي العليا»:

قرا يعقوب وحده «وكلمة الله هي العليا» بالنصب على تقدير وجعل كلمة الله هي العلياومن رفع استانف.

وقدرجح الشيخ هذا الراي بقوله: «وهو ابلغ، لانه يفيد ان كلمة الله العليا على كل‏حال (195) ».

2. وفي تفسيره لقوله تعالى: «لقد كان في يوسف و اخوته آيات للسائلين‏»، (196) يقول الشيخ‏الطوسي في «آيات‏»:

قرا ابن كثير وحده «آيات للسائلين‏» على التوحيد الباقون على الجمع: قال ابو علي‏النحوي من افرد جعل شانه كله آية.

ودعم الشيخ الطوسي ذلك الراي بقوله:

ويقوي ذلك قوله: «وجعلنا ابن مريم وامه آية‏» (197) فافرد كل واحد منهما على انفراده، يجوزان يقال آية فافرد مع ذلك، ومن جمع جعل كل واحد من احواله آية (198) .

3. وفي تفسيره لقوله تعالى: «وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع الى ربك‏فاساله ما بال النسوة اللاتي قطعن ايديهن‏» (199) قال الشيخ الطوسي:

قرا البرجي والسلموني «النسوة‏» بضم النون، والباقون بكسرها وهما لغتان وبين الشيخ‏بعد ذلك رايه بقوله والكسر افصح (200) .

4. وفي تفسيره لقوله تعالى: «و اذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها» (201) يذكر الشيخ‏الطوسي القراءات في «امرنا» قائلا:

قرا يعقوب «آمرنا» بمد الهمزة، وعن الحسن «امرنا» بالتشديد وروي عنه «امرنا» بكسرالميم خفيفة.

ثم يطرح الشيخ الطوسي رايه، قائلا: «وهي ردئة (202) ».

5. وفي تفسيره لقوله تعالى «وجعلني مباركا اين ما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت‏حيا» (203) يقول الشيخ الطوسي في قراءة «واوصاني‏»:

«يقول الكسائي: « اتاني واوصاني » بالامالة، الباقون بالتفخيم‏» وبين الشيخ الطوسي‏الحجة في ذلك حيث‏يقول:

فمن امال، فلان هذه الالف تنقلب ياء في (اوصيت) فامال لمكان الياء، ومن لم‏يمل‏فلمكان الالف.

ثم يبين الشيخ بعد ذلك رايه مرجحا الامالة في «ءاتاني‏» بقوله «والامالة في «ءاتاني‏»احسن من الامالة في «اوصاني‏»» ويبين حجته في ذلك بقوله:

لان في «اوصاني‏» حرفا مستعليا يمنع من الامالة، ومع ذلك فهو جائز كصفى وطغى (204) .

6. وفي تفسيره للآية الكريمة «ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم‏» (205) اورد اقوالا في قراءة «ان الله‏» بفتح همزة «ان‏» وكسرها، فقال: «قرا ابن كثير وابو عمروونافع ويعقوب الا روحا «و ان الله‏» بفتح الهمزة، الباقون بكسرها»، ثم يورد احتمالات من‏نصب الهمزة، فيقول:

احدها: ان المعنى، وقضى الله «ان الله ربي وربكم‏» في قول ابي عمرو بن العلاء. والثاني:انه معطوف على كلام عيسى، اي اوصاني «ان الله ربي وربكم‏» والثالث: قال الفراء: انه‏معطوف على «ذلك عيسى بن مريم‏» وذلك «ان الله‏» ويكون موضعه الرفع بانه خبر المبتدا.والرابع: ولان الله ربي وربكم فاعبدوه، والعامل فيه «فاعبدوه‏».

ويبين الشيخ الطوسي حجة في كسر همزة (ان) بقوله ومن كسر (ان) استانف الكلام، ثم‏بعد ذلك يرجح الراي الاخير، مستندا على رواية عن ابي فيقول:

ويقوي الكسر انه روي ان ابيا قرا: «ان الله‏» بلا واو ويجوز ان يكون عطفا على قوله: «قال‏اني عبدالله‏» (206) .

7. وفي تفسيره لقوله تعالى: «اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر او جذوة من النار» (207) يقول الشيخ الطوسي في قراءة «جذوة‏»:

قرا عاصم «جذوة‏» بفتح الجيم وقرا حمزة وخلف بضمها، الباقون - بكسر الجيم - وفيه‏ثلاث لغات، فتح الجيم وضمها وكسرها، وبعد ان يبين الشيخ الطوسي القراءات، يوردرايه مرجحا للكسر، فقال والكسر اكثر وافصح (208) .

8 . وفي تفسيره لقوله تعالى: «والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل اعمالهم‏» (209) يقول في‏«والذين قتلوا»:

قرا اهل البصرة و حفص عن عاصم: «والذين قتلوا» على ما لم‏يسم فاعله بضم القاف‏وكسر التاء، الباقون «قاتلوا» بالف من المفاعلة و قرئ شاذا «قتلوا» بفتح القاف و تشديدالتاء، وقد رجح الشيخ الطوسي القراءة بالف بقوله: من قرا بالف كان اعم فائدة، ويبين‏حجة ذلك بقوله: لانه يدخل فيه من قتل (210) .

وهكذا تتاكد قدرة الطوسي في هذا المجال وتتضح الجوانب الثقافية المتعددة لشخصية‏المفسر الذي اقتحم باب التفسير وهو مزود بكل مايحتاجه المفسر، ولذلك اجاد واحسن‏واصاب.

اضافة الى ماتقدم فقد استخدم الشيخ الطوسي الشعر واستفاد من اشعار الشعراء في‏تاييد راي او ترجيح قول لاحد من القراء، وهو بذلك لم‏يترك سلاحا يمكنه الاستعانة به في‏حلبة التفسير، الا وحمله ليستعين به وقت الحاجة وعند ماتستدعي الضرورة ذلك، والامثلة‏التالية تبين كيف سخر المفسر الشعر في مجال القراءة، حيث‏يستشهد مرة ببيت او بيتين،بينما يكتفي مرة اخرى بشطر او عجز وحسبما يقتضي الموقف.

1. ورد في تفسيره لقوله تعالى: «مالك يوم الدين‏» قوله:

قرا عاصم والكسائي وخلف ويعقوب «مالك‏» بالالف، الباقون «ملك‏» بغير الف ولم‏يمل‏احد الف «مالك‏» وكسر جميعهم الكاف، وروي عن الاعمش انه فتحها على النداء،وربيعة‏بن نزار يخففون «مالك‏» ويسقطون الالف، فيقولون: «ملك‏» بتسكين اللام وفتح‏الميم، كما قال ابو النجم: تمشي الملك عليه حلله (211) .

2. وجاء في تفسيره لقوله تعالى «وكاين من نبي‏» (212) :

قرا ابن كثير «كاين‏» على وزن كاعن، الباقون «كاين‏» مشددة على وزن كعين معناهماواحد، وهو بمعنى كما قال جرير:

وكاين بالاباطح من صديق.

يراني لو اصبت هو المصابا.

وقال آخر:

وكاين رددنا عنكم من مدجح.

يجي‏ء امام الالف يردي مقنعا.

ومثل المشدد قول الشاعر:

كاين في المعاشر من اناس.

اخوهم فوقهم وهم كرام (213) .

3. وفي تفسيره لقوله تعالى: «وما كان لنبي ان يغل‏» (214) جاء قوله في «يغل‏»:

قرا ابن كثير وابن عمرو وعاصم «يغل‏» بفتح الياء وضم الغين، الباقون بضم الياء وفتح‏الغين.

وهنا يورد الشيخ الطوسي حجة الراي الاول قائلا:

فمن قرا بفتح الياء وضم الغين فمعناه ماكان لنبي ان يخون يقال من الغنيمة غل يغل اذاخان فيها، ومن الخيانة اغل يغل، قال النمربن تولب:

جزى الله عنا حمزة ابنة نوفل.

جزاء مغل بالامانة كاذب.

بما سالت عني الوشاة ليكذبوا.

علي وقد اوليتها في النوائب (215) .

4. وفي تفسيره لقوله تعالى «قل ارايتكم ان اتاكم عذاب الله‏» (216) :

قرا الكسائي وحده «ارايتكم‏» وماجاء منه اذا كان استفهاما بحذف الهمزة التي بعد الراء،والباقون باثباتها وتخفيفها، الا اهل المدينة، فانهم جعلوها بين بين، فان كان غيراستفهام، اتفقوا على اثبات الهمزة وتخفيفها الا مارواه ورش في تحقيقها في ستة مواضع‏ذكرت في باب الهمزة في القراءات، من حقق الهمزة، فلانه «فعلت‏» من الرؤية فالهمزة‏عين الفعل، ومن خفف، فانه جعلها بين بين، وهذا التخفيف على قياس التحقيق، ومن‏حذف الهمزة فعلى غير مذهب التخفيف; لان التخفيف القياس فيها، ان تجعل بين بين‏كما فعل نافع، وهذا حذف كما قالوا «ويلمه‏»، وكما انشد احمدبن يحيى:

«ان لم‏اقاتل فالبسوني برقعا».

وقال ابو الاسود:

«يا بن المغيرة رب امر معضل‏».

وذكر ان عيسى كذلك، كان يقرؤها ويقوي ذلك قول الراجز:

اريت ان جاءت به املودا.

مرجلا ويلبس البرودا (217) .

5. وجاء في تفسيره لقوله تعالى «وذروا الذين يلحدون في اسمائه‏» (218) قوله في‏«يلحدون‏».

قرا حمزة «يلحدون‏» بفتح الحاء والياء - هاهنا - وفي النحل وحم السجدة وافقه الكسائي‏وخلف في النحل، والباقون بضم الياء، من قرا بكسر بالحاء، فلقوله: «ومن يرد فيه‏بالحاد» (219) .

والحد اكثر في الكلام، قال الشاعر:

ليس الامام بالشحيح الملحد.

ولايكاد يسمع لاحد (220) .

6. وفي تفسيره لقوله تعالى «اذ انتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى‏» (221) .

يذكر الشيخ الطوسي في قراءة «بالعدوة‏»:

قرا ابن كثير وابو عمرو «بالعدوة‏» بكسر العين، الباقون بضمها، وهما لغتان، قال الراعي‏في الكسر:

وعينان حمر مآقيهما.

كما نظر العدوة الجوذر.

وقال اوس‏بن حجر في الضم:

وفارس لايحل الحي عدوته.

ولوا سراعا وماهموا باقبال (222) .

7. وفي تفسيره لقوله تعالى: «ولا تك في ضيق مما يمكرون‏» (223) قوله في قراءة «ضيق‏».

«قرا ابن كثير واسماعيل عن نافع «ضيق‏» بكسر الضاد، الباقون بفتحها» وهنا يوردالمفسر حجة من فتحها بقوله:

فمن فتح اراد «ضيق‏» مخفف مثل سيد وسيد، وميت وميت وهين وهين، ويجوز ان‏يكون اراد جمع ضيقة (224) .

ويستشهد بقول الشاعر:

كشف الضيقة عنا وفسح (225) .

الشعر

رغم الموقف السلبي الذي اتخذه الشيخ الطوسي ازاء الشعر، الا انه لم‏يستبعده عن‏التفسير وكثيرا ماكان يستشهد به في توضيح معنى او تبيين لفظ او تحديد مفهوم.

ويبدو ان مفسرنا قد لجا الى الاستشهاد بالشعر في تفسيره للآيات القرآنية مكرها،وهذا ماصرح به في مقدمة تفسيره، حيث‏يقول:

ولولا عناد الملحدين وتعجرفهم، لمااحتيج الى الاحتجاج بالشعر وغيره للشي‏ءالمشتبه في القرآن، لان غاية ذلك ان يستشهد عليه ببيت‏شعر جاهلي، او لفظ منقول عن‏بعض الاعراب، او مثل سائر عن بعض اهل البادية، ولاتكون منزلة النبي‏صلى الله عليه وآله اقل من‏منزلة واحد من هؤلاء، ولاينقص عن رتبة النابغة الجعدي، وزهيربن الكعب وغيرهم،ومن طرائف الامور ان المخالف اذا اورد عليه شعر من ذكرناهم ومن هم دونهم سكنت‏نفسه، واطمان قلبه، هو لايرضى بقول محمدبن عبدالله‏بن عبدالمطلب ومهما شك‏الناس في نبوته، فلامرية في نسبه وفصاحته، فانه نشا بين قومه، الذين هم الغاية‏القصوى في الفصاحة ويرجع اليهم في معرفة اللغة (226) .

ثم يستطرد الطوسي مبررا - استشهاده بالشعر فيقول:

وانما يحتج علماء الموحدين بشعر الشعراء وكلام البلغاء اتساعا في العلم وقطعاللشغب وازاحة للعلة (227) .

وقداكثر المفسر من الاستشهاد بالشعر في اكثر من موضوع، فتارة يستشهد بابيات منه‏في ترجيح راي نحوي، وتارة لتاكيد صحة قراءة واخرى لتوضيح معنى كلمة في آية،وقداحتوى التفسير على الف وتسعمائة واثنين واربعين بيتا (1942) من الشعر قالها جمع‏من الشعراء، بلغ مجموع من ذكر الطوسي اسماءهم مائتين وخمسة وتسعين (295) شاعرا،فضلا عن اولئك الذين اعرض عن ذكرهم، ولعل اعراضه عن ذكر اسمائهم مرده الى الموقف‏السلبي الذي وقفه الطوسي من الشعر، اساسا وليس لجهله بهم او نسيانه لاسمائهم، وانمايرجع ذلك كله الى عدم اكتراثه باشعارهم في موضع التفسير لآيات القرآن المجيد.

وقديسهب المفسر احيانا، فيذكر جملة من الاشعار لتحديد المعنى القرآني بينما نجده‏في مكان آخر من التفسير، يذكر بيتا واحدا، او بيتين، واحيانا اخرى يستشهد بشطر او عجزفقط.

وفيما يلي نبين مدى التفاوت العددي في استشهادات المفسر بالشعر، ففى استشهاده‏بعدد من الابيات الشعرية لتوضيح المعنى نورد الامثلة التالية:

1. عند تفسيره لمعنى الدين من قوله تعالى: «مالك يوم الدين‏» يقول الشيخ الطوسي:

«والدين الحساب والدين الجزاء ايضا» ثم يستشهد ببيتين من الشعر احدهما لكعب‏بن‏جعيل:

«اذا ما رمونا رميناهم.

ودناهم فوق مايقرضونا».

والبيت الآخر لشاعر لم‏يذكر اسمه:

«واعلم وايقن ان ملكك زائل.

واعلم بانك ماتدين تدان‏».

ويورد بعد ذلك آراء لجماعة من التابعين بهذا المعنى.

ثم يستشهد بابيات اخرى لبيان معان اخر لكلمة (الدين) فيذكر لعمروبن كلثوم بيتايشير به الى ان الدين الطاعة:

«وايام لنا غر طوال.

عصينا الملك فيها ان ندينا».

ثم يذكر الدين بمعنى الملك ويورد بيتا لزهير:

«لئن حللت‏بجو في بني‏اسد.

في‏دين عمرو وحالت‏بيننا فدك‏».

كما وذكر معنى آخر للدين هو القهر والاستعلاء ويستشهد ببيت للاعشى:

هو دان الرباب اذ كرهوا الدي.

ن دراكا بغزوة وحيال.

ويورد له معنى آخر هو العادة ويستشهد ببيت للمثقب العبدي:

«تقول وقد درات لها وضيني.

اهذا دينه ابدا وديني (228) ».

2. وفي تفسيره لقوله تعالى «كتب عليكم القصاص‏» (229) يقول المفسر في قوله: «كتب انهابمعنى فرض‏» ويستشهد ببيت لشاعر:

«كتب القتل والقتال علينا.

وعلى المحصنات جر الذيول‏».

ثم يستشهد ببيت للنابغة الجعدي:

«يابنت عمي كتاب الله اخرجني.

عنكم فهل امنعن الله مافعلا (230) ».

3. وفي تفسيره لقوله تعالى: «او كصيب من السماء» (231) يقول الشيخ الطوسي:

قيل: ان «او» قدتستعمل بمعنى الواو كما تستعمل للشك بحسب مايدل عليه سياق‏الكلام، ويستشهد بعد ذلك ببيتين من الشعر الاول لتوبة‏بن الحمير حيث‏يقول:

«وقدزعمت ليلى باني فاجر.

لنفسي تقاها او عليها فجورها» (232) .

والآخر لجرير حيث‏يقول:

«نال الخلافة او كانت له قدرا

كما اتى ربه موسى على قدر (233) »

4. وفي تفسيره لقوله تعالى: «والذي خبث لا يخرج الا نكدا» (234) :

فالنكد العسر بشدته الممتنع من اعطاء الخير على وجه البخل تقول: نكد، ينكد، نكدا،فهو نكد ونكد وقدنكد اذا سئل فبخل ونكد ينكد نكدا.

ثم يستشهد بعد ذلك ببيتين لشاعرين لم‏يذكرهما الاول:

«لاتنجز الوعد ان وعدت وان.

اعطيت اعطيت تافها نكدا» (235) .

والآخر:

«واعط مااعطيته طيبا.

لاخير في المنكود والناكد» (236) .

5. وفي تفسيره لكلمة «صلوات‏» من قوله تعالى: «ويتخذ ما ينفق قربات عند الله‏وصلوات الرسول‏» (237) يقول:

وقال ابن عباس والحسن: معنى صلوت الرسول: استغفاره لهم، وقال قتادة:

معناه دعاؤه بالخير والبركة، ثم يستشهد ببيتين للاعشى:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلا.

يارب جنب ابي الاوصاب والوجعا.

عليك مثل الذي صليت فاغتمضي.

نوما فان لجنب المرء مضطجعا (238) .

6. وفي تفسيره للآية «فناداها من تحتها ا لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا» (239) .

يبين معنى «سريا» فيقول:

وقيل للنهر «سرى‏» لانه يسري بجريانه كما قيل: جدول لشدة جريه، ثم يستشهد بعدذلك ببيتين الاول للشاعر لبيد:

فتوسطا عرض السري فصدعا.

مسجورة متجاورا اقلامها.

والبيت الآخر لشاعر لم‏يذكر اسمه:

سلم ترى الدالي منه ازورا.

اذا يعج في السري هرهرا (240) .

7. وفي تفسيره لقوله «اذ تلقونه بالسنتكم وتقولون بافواهكم‏» (241) قال في معنى «تلقونه‏».

وهو الاستمرار على الكذب ومنه: ولق فلان في السير اذا استمر به، ويقال: في الولق من‏الكذب، الالق والالق تقول: القت وانتم تالقونه.

ويستشهد بعد ذلك الشيخ الطوسي بقول الفراء:

«من لي بالمرر واليلامق.

صاحب ادهان والق آلق‏».

ثم يستشهد ببيت لشاعر آخر ولكنه لم‏يذكر اسمه:

«ان الجليد زلق وزملق.

جاءت به عنس من الشام تلق‏».

وانشد ايضا:

ان الحصين زلق وزملق.

جاءت به عنس من الشام تلق.

مجوع البطن كلاليم الحلق (242) .

8 . وعند تفسيره لقوله تعالى: «فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا» (243) .

يبين معنى (حاصبا) فيقول: «وهو الريح العاصفة التي فيها حصباء، وهي الحصى‏الصغار وشبه به البرد والجليد،» ثم يستشهد بقول الاخطل:

ولقد علمت اذا العشار تروحت.

هدج الرئال تكبهن شمالا.

ترمى الرياح بحاصب من ثلجها.

حتى تبيت على العضاة جفالا.

ثم يستشهد ببيت للفرزدق فيقول:

«مستقبلين شمال الشام يضربنا.

بحاصب كنديف القطن منثور (244) ».

9. وفي تفسيره لقوله تعالى: «فما بكت عليهم السماء والارض‏» (245) يقول الطوسي:

والعرب تقول اذا ارادت ان تعظم موت انسان، اظلمت الشمس وكسف القمر لفقده‏وبكت السماء والارض، وانما يريدون المبالغة.

ثم يستشهد المفسر لشاعرين لم‏يذكر اسمهما:

الاول:

الريح تبكي شجوها.

والبرق يلمع في الغمامة.

الثاني:

والشمس طالعة ليست‏بكاسفة.

تبكي عليك نجوم الليل والقمر (246) .

وكما يستشهد الطوسي بمجموعة من الابيات الشعرية في بيان المعنى، نجده يستعين‏ببيت واحد للتوضيح احيانا وعليه نورد بعض الامثلة:

1. فعند تفسيره لقوله تعالى «مذبذبين بين ذ لك لا الى هؤ لاء ولا الى هؤ لاء» (247) .

يقول الطوسي في كلمة «مذبذبين‏» واصل التذبذب التحرك والاضطراب، ثم يستشهدببيت للنابغة:

الم‏تر ان الله اعطاك سورة.

ترى كل ملك دونها يتذبذب (248) .

2. وفي تفسيره لقوله تعالى: «فاخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين‏» (249) .

بين معنى «الرجفة‏» فقال:

«قال مجاهد والسدي‏»: الرجفة: الصيحة، وقال آخرون: هي زلزلة اهلكوا بها»، ثم‏يستشهد ببيت للاخطل:

اما تريني حناني الشيب من كبر.

كالنشر ارجف والانسان مهدود (250) .

3. وفي تفسيره لقوله تعالى «وكانوا قوما بورا» (251) .

يوضح الطوسي معنى «بورا» فيقول:

والبور الفاسد، ويقال: بارت السلعة تبور بورا اذا بقيت لاتشترى بقاء الفاسد الذي‏لايراد، والبائر الباقي على هذه الصفة، والبور مصدر كالزور لايثنى ولايجمع ولايؤنث،وقيل هو جمع (بائر).

ويستشهد في ذلك الشيخ الطوسي ببيت لابن الزبعرى:

«يا رسول المليك ان لساني.

راتق مافتقت اذا انا بور (252) ».

4. وفي تفسيره لقوله تعالى: «وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين‏» (253) .

يقول في معنى «فارهين‏» قيل:

هو الفرح المرح، ويستشهد ببيت لشاعر لم‏يذكر اسمه:

لااستكين اذا ماازمة ازمت.

ولن تراني بخير فاره اللبب (254) .

5. وفي تفسيره لقوله تعالى: «من مارج من نار» يقول: «وقوله «من مارج من نار»:اي مرسل الشعاع بانتشاره‏»، ثم يستشهد الشيخ الطوسي ببيت لابي ذؤيب، يبين فيه معنى‏«مريج‏» من قوله تعالى «فهم في امر مريج‏» (255) :

«فحالت فالتمست‏به حشاها.

فخر كانه غصن مريج (256) ».

6. وفي تفسيره لقوله تعالى «ان الينا ايابهم‏» (257) يذكر معنى «الاياب‏» فيقول:

فالاياب: الرجوع، آب اوبا، وايابا وتاوب تاوبا، واوب يؤوب تاويبا، ويقال: ايب ايابا،على «فيعل، فيعالا) من الاوب، وعلى هذا قرى‏ء في الشواذ «ايابهم‏» بالتشديد.

ثم يستشهد الشيخ الطوسي ببيت لعبيد:

«وكل ذي غيبة يؤوب.

وغائب الموت لايؤوب (258) ».

7. وفي تفسيره لقوله تعالى «لا اله الا هو سبحانه‏» (259) يقول في «سبحانه‏» «ومعنى‏«سبحانه‏»: براءة الله من السوء» ويستشهد بقول الاعشى:

«اقول لماجاءني فخره.

سبحان من علقمة الفاخر (260) ».

وقديقتصر المفسر احيانا على ذكر شطر بيت او عجزه فقط، فلايطيل الوقوف مع‏القوافي، وانما ياخذ منها ماتتطلبه الحاجة ومايقتضيه الموقف وكما في الامثلة التالية:

1. يذكر الشيخ الطوسي في تفسيره «الم‏» من سورة البقرة: «ان العلماء اختلفوا في‏معنى اوائل السور» ويذكر آراءهم، ثم يبين فائدتها ويقول: «وفائدتها ان يعلم ابتداء السورة‏وانقضاء ماقبلها، وذلك معروف في كلام العرب‏»، ثم يستشهد بشطرين لشاعرين‏لم‏يذكرهما:

«بل وبلدة ما الانس من اهالها».

والآخر:

«بل ماهيج احزانا وشجوا قدشجا».

وهنا نلاحظ مما تقدم ان الشيخ الطوسي استدل بهذين الشطرين ليبين ان «بل، ليست‏من الشعر (261) ».

2. وفي تفسيره لمعنى قوله تعالى: «ولامة مؤمنة خير من مشركة‏» (262) يقول الشيخ‏الطوسي: «الامة المملوكة، يقال: اقرت بالاموة اي بالعبودية واميت فلانة، وتاميتها اذاجعلتها امة‏»، ثم يستشهد بشطر بيت لرؤبة، ولكنه لم‏يذكر اسمه:

يرضون بالتعبيد والتآمي (263) .

3. وفند تفسيره لقوله تعالى: «افلا تعقلون‏» (264) يبين معنى العقل فيقول:

والعقل: هو الامساك عن القبيح وقصر النفس وحبسها على الحسن، والحجا ايضااحتباس، وتمكث، ويستشهد بشطر للعجاج ولم‏يذكر اسمه:

«فهن يعكفن به اذا حجا».

والشطر الثاني للاصمعي:

«حيث‏يحجا مطرق بالفالق (265) ».

4. وعند تفسيره لقوله تعالى «وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا» (266) يتطرق لمعنى التبديل،فيقول:

التبديل: تغيير حال الى حال اخرى، تقول بدل صورته تبديلا، وتبدل تبدلا، والابدال:رفع الشي‏ء بان يجعل غيره مكانه.

ثم يستشهد بقول ابي النجم:

«عزل الامير بالامير المبدل (267) ».

5. وفي تفسيره لقوله تعالى: «اذا هم يقنطون‏» يقول: «اي يياسون من رحمة الله،والقنوط: الياس من الفرج‏»، ويستشهد بعد ذلك بشطر بيت لجهد الارقط:

«قدوجدوا الحجاج غير قانط (268) ».

6. وعند تفسيره لمعنى الوسوسة في قوله تعالى: «ونعلم ما توسوس به نفسه‏» (269) يقول:

الوسوسة حديث النفس بالشي‏ء في خفاء، ومنه قوله: «فوسوس اليه الشيطان‏» ومنه‏«الوسواس‏»، كثرة حديث النفس بالشي‏ء من غير تحصيل.

ثم بعد ذلك يستشهد بشطر بيت لرؤبة:

«وسوس يدعو مخلصا رب الفلق (270) ».

7. وعند تفسيره لقوله تعالى «وكاسا دهاقا» (271) يقول في معنى الكاس:

«الكاس: الاناء اذا كان فيه شراب، وقيل: الكاس: اناء الخمر الذي يشرب منه‏»،ويستشهد بقول الشاعر:

«يلذه بكاسه الدهاق (272) ».

وهكذا يستعين الشيخ الطوسي بالشعر، لاستيضاح المعنى وتقريبه الى الاذهان وهوبذلك يكون قداحاط بعدد هائل من شعر الشعراء، واجاد استخدامه في مواضعه المناسبة،الامر الذي يؤكد سعة اطلاع المفسر وطول باعه في معرفة الشعر والشعراء ليضيف الى‏ثقافته الموسوعية رصيدا، آخر، قدلايحصل عليه الا المتخصصون في هذا الميدان، وبذلك‏يقف الباحث امام مفسرنا فيجده لغويا وناقدا واديبا قدحوى من كل شي‏ء شيئا، مما اضفى‏على تفسيره اهمية خاصة باعتباره كتابا تفسيريا حوى من الفنون والآداب صنوفا شتى،لمن اراد ان يتدبر او اراد مزيدا.

وكما استعان الطوسي بالشعر لتوضيح المعاني، نجده يستخدم الامثال التي قالتهاالعرب، ويستدل بها على صحة معنى او يستفيد منها في ايضاح مراد، وان كان موقفه منهالايختلف عن موقفه عن شعر الشعراء، فيذكرها مضطرا، وقداحتوى التبيان على بعض‏الامثال نورد قسما منها مع استشهاده بها في الامثلة التالية:

1. وعند تفسيره لمعنى «المراء» في قوله تعالى «فلا تكونن من الممترين‏» (273) يقول:

«المرية الشك، ومنه الامتراء والتمارى والمماراة والمراء، واصل الباب الاستدرار»، ثم‏بعد ذلك استشهد بالمثل التالي:

«بالشكر تمترى النعم‏».

«اي تستدر (274) ».

2. وفي معرض تفسيره لقوله تعالى: «يريد الله بكم اليسر» (275) يبين معنى الارادة بقوله:

«الرود: الميل‏»، ويدعم قوله بهذا المثل:

«الرائد لايكذب اهله (276) ».

3. وفي قوله تعالى: «والله عزيز ذو انتقام‏» (277) يبين اصل كلمة «عزيز» لغة بقوله:

«واصل الاعزاز الامتناع ومنه ارض عزاز ممتنعة السكون لصعوبتها»، ويعزز رايه بهذاالمثل:

«من عز بز» (278) .

4. وعند تفسيره لقوله تعالى: «من انصاري الى الله‏» (279) يشير الى معنى «الى‏» ويقول:

وانما جاز ان يكون «الى‏» بمعنى «من‏» لمادخل الكلام من معنى الاضافة، ومعنى‏الصاحبة.

فيورد المفسر مثالا على ذلك حيث‏يقول:

«ونظيره (الذود الى الذود ابل) اي مع الذود (280) ».

5. في تفسيره لقوله تعالى: «فتكونا من الظالمين‏» (281) ... يبين الشيخ الطوسي معنى الظلم،حيث‏يقول: «واصل الظلم انتقاص الحق لقوله تعالي «كلتا الجنتين آتت اكلها ولم تظلم منه‏شيئا» (282) اي لم‏تنقص‏»، ثم يورد الشيخ الطوسي رايا آخر مقاربا له بقوله: «وقيل: اصله،وضع الشي‏ء في غير موضعه‏» ثم يدعم هذا الراي بالمثل:

«من يشبه اباه فما ظلم (283) ».

6. ويبين معنى الرهبة من قوله تعالى: «و اياي فارهبون‏» (284) ... يقول:

«ورهبه: اذا خاف من شي‏ء، ومنه اشتقاق الراهب، والاسم الرهبة‏» ثم يدعمه بالمثل:

«رهبوت خير من رحموت (285) ».

وهكذا نجد مفسرنا متتبعا لما من شانه ان يسهم في توضيح معنى الآيات القرآنية‏ومفرداتها، فلايدع بابا للفهم الا ولجه، ولاطريقا لمعرفة النص القرآني الا وسلكه، وقدتاتي‏استشهاداته بامثال العرب من هذا الباب وبغية الوقوف على ماامكنته الطاقة والجهد في‏سبيل التفسير الادق والتوضيح الاوفى لمعاني الكتاب العزيز.

جدول.

تعليقات:


1) البقرة (2) الآية 37.

2) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏167.

3) النور (24) الآية 9.

4) يونس (10) الآية 10.

5) المزمل (73) الآية 20.

6) الحديد (57) الآية 20.

7) النمل (27) الآية 8.

8) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏406.

9) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏246.

10) الانعام (6) الآية 142.

11) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏297.

12) هود (11) الآية‏55.

13) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏10.

14) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏11.

15) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏462.

16) البقرة (2) الآية 14.

17) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏79.

18) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏185.

19) الطوسي، التبيان، ج‏4 ص‏36.

20) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏96.

21) الروم (30) الآية 2.

22) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏206.

23) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏512.

24) الحاقة (69) الآية 19.

25) الطوسي، التبيان، ج‏10، ص‏101.

26) النساء (4) الآية 23.

27) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏32.

28) البقرة (2) الآية 19.

29) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏92.

30) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏77.

31) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏101، 102.

32) القصص (28) الآية 32.

33) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏131.

34) النجم (53) الآية 22.

35) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏426.

36) البقرة (2) الآية 8.

37) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏67.

38) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏219.

39) التوبة (9) الآية 31; المنافقون (63) الآية 4.

40) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏245 - 246.

41) المائدة (5) الآية 35.

42) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏507.

43) النحل (16) الآية 72.

44) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏407.

45) النور (24) الآية 32.

46) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏382.

47) العنكبوت(29) الآية‏20.

48) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏173.

49) البقرة (2) الآية 167.

50) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏69.

51) المائدة (5) الآية 59.

52) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏565.

53) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏34.

54) العنكبوت (29) الآية 19.

55) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏173.

56) الاحزاب (33) الآية 18.

57) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏327.

58) المجادلة (58) الآية 2.

59) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏538.

60) الطوسي، التبيان، ج‏10، ص‏430.

61) ابو عبدالرحمن الخليل بن احمد الفراهيدي، صاحب كتاب العين.

62) ابو الحسن عمروبن عثمان البصري النحوي المتوفى في حدود سنة 180 ه .

63) ابو الحسن علي‏بن حمزة الكوفي البغدادي المتوفى سنة 189ه .

64) ابو على محمدبن المستنير البصري النحوي المتوفى سنة 206ه .

65) ابو زكريا يحيى‏بن زياد الكوفي النحوي المتوفى سنة 207ه .

66) ابو عبيدة‏بن المثنى البصري النحوي المتوفى سنة 210ه .

67) ابو الحسن سعيدبن سعدة البصري النحوي المتوفى سنة 215ه .

68) ابو العباس احمدبن يحيى الكوفي النحوي المتوفى سنة 291ه .

69) ابو اسحاق ابراهيم‏بن السري النحوي المتوفى سنة 311ه.

70) ابو علي الحسن‏بن احمدبن عبدالغفار الفارسي النحوي المتوفى سنة 377ه.

71) الانعام (6) الآية 43.

72) المنافقون (63) الآية 10.

73) الواقعة (56) الآية 86.

74) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏136.

75) آل عمران (3) الآية 159.

76) المؤمنون (23) الآية 40.

77) انظر التبيان، ج‏3، ص‏31.

78) البقرة (2) الآية 79.

79) الطوسي، التبيان، ج‏1 ص‏321.

80) البقرة (2) الآية 9.

81) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏71.

82) آل عمران (3) الآية 183.

83) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏67.

84) الاعراف (7) الآية 104.

85) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏489.

86) النحل (16) الآية‏62.

87) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏397.

88) غافر (40) الآيات 34 و35.

89) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏75.

90) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏159.

91) البقرة (2) الآية 154.

92) النساء (4) الآية 81.

93) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏35.

94) الانبياء (21) الآية 95.

95) يس (36) الآية 50.

96) الطوسي،التبيان، ج‏4، ص‏235.

97) البقرة (2)الآية 143.

98) الملك (67) الآية 20.

99) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏6.

100) النساء (4) الآية 11.

101) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏133.

102) النساء (4) الآية 12.

103) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏135.

104) النساء (4) الآية 12.

105) المائدة (5) الآية 45.

106) الانعام (6) الآية 148.

107) الاعراف (7) الآية 27.

108) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏530.

109) البقرة (2) الآية 145.

110) الروم (30) الآية 51.

111) البقرة (2) الآية 103.

112) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏18.

113) البقرة (2) الآية 155.

114) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏38.

115) آل عمران (3) الآية 149.

116) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏15.

117) آل عمران (3) الآية 170.

118) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏48.

119) آل عمران (3) الآية 147.

120) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏12.

121) الطوسي، ج‏1، ص‏328.

122) الانعام (6) الآية 57.

123) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏153.

124) نفس المصدر.

125) هود (11) الآية 112.

126) النساء (4) الآية 3.

127) النساء (4) الآية 72.

128) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏75.

129) آل عمران (3) الآية 168.

130) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏44.

131) آل عمران (3) الآية 158.

132) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏29 - 30.

133) يوسف (12) الآية 80.

134) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏179.

135) النحل (16) الآية 57.

136) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏393.

137) النحل (16) الآية 73.

138) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏408.

139) ص (38) الآية 50.

140) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏524.

141) البقرة (2) الآية 90.

142) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏346.

143) ص (38) الآية 3.

144) الطوسي، التبيان، ج 8، ص‏541.

145) ص (38) الآية 3.

146) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏496.

147) النساء (4) الآية 170.

148) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏398.

149) الانعام (6) الآية 117.

150) الكهف (18) الآية 12.

151) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏250.

152) انظر التبيان، ج‏1، ص‏9.

153) نفس المصدر.

154) انظر التبيان، ج‏1، ص‏58.

155) البقرة (2) الآية 120.

156) انظر التبيان، ج‏1، ص‏437.

157) الفاتحة (1) الآية 6.

158) كذا في المصدر، والصحيح: «الموضعين‏».

159 و 160 و 161) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏40.

162) البقرة (2) الآية 11.

163) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏74.

164) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏74.

165) البقرة (2) الآية 271.

166) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏352.

167) آل عمران (3) الآية 195.

168) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏88.

169) آل‏عمران (3)، الآية 146.

170) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏88.

171) المائدة (5) الآية 89.

172) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏11.

173 و 174) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏11.

175) الاعراف (7)الآية 186.

176) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏45.

177 و 178) المنافقون (63) الآية 10.

179) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏46.

180) البقرة (2) الآية 13.

181) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏77.

182) البقرة (2) الآية 14.

183) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏78.

184) البقرة (2) الآية 143.

185) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏5.

186) آل عمران (3) الآية 181.

187) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏65.

188) الانعام (6) الآية 68.

189) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏164.

190) الانفال (8) الآية 59.

191) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏146.

192) هود (11) الآية 87.

193) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏49.

194) التوبة (9) الآية 41.

195) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏221.

196) يوسف (12) الآية 7.

197) المؤمنون (23) الآية 50.

198) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏99.

199) يوسف (12) الآية 50.

200) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏152.

201) الاسراء (17) الآية 16.

202) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏458.

203) مريم (19) الآية 31.

204) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏110.

205) مريم (19) الآية 36.

206) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏112.

207) القصص (28) الآية 29.

208) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏127.

209) محمد (47) الآية 4.

210) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص 287.

211) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏33.

212) آل عمران (3) الآية 146.

213) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏10.

214) آل عمران (3) الآية 161.

215) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏34.

216) الانعام (6) الآية 40.

217) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏132.

218) الاعراف (7) الآية 180.

219) الحج (22) الآية 20.

220) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏39.

221) الانفال (8) الآية 42.

222) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏126.

223) النحل (16) الآية 127.

224) الطوسي، التبيان، ج‏6، ص‏439.

225) نفس المصدر.

226) انظر التبيان، ج‏1، ص‏16.

227) انظر التبيان، ج‏1، ص‏17.

228) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏36.

229) البقرة (2) الآية 178.

230) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏100.

231) البقرة (2) الآية 19.

232) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏92.

233) نفس المصدر.

234) الاعراف (7) الآية 78.

235) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏433.

236) نفس المصدر.

237) التوبة 9) الآية 99.

238) الطوسي، التبيان، ج‏5، ص‏286.

239) مريم (19) الآية 23.

240) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏105.

241) النور (24) الآية 15.

242) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏417.

243) العنكبوت (29) الآية 40.

244) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏208.

245) الدخان (44) الآية 29.

246) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏233.

247) النساء (4) الآية 143.

248) الطوسي، التبيان، ج‏3، ص‏366.

249) الاعراف (7) الآية 78.

250) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏454.

251) الفرقان (25) الآية 18.

252) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏428.

253) الشعراء (26) الآية 149.

254) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏45.

255) ق (50) الآية 5.

256) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏356.

257) الغاشية (88) الآية 25.

258) الطوسي، التبيان، ج‏10، ص‏339.

259) التوبة (9) الآية 31.

260) انظر التبيان، ج‏5، ص‏206 - 207.

261) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏47.

262) البقرة (2) الآية 221.

263) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏218.

264) الانعام (6)، الآية 22.

265) الطوسي، التبيان، ج‏4، ص‏118.

266) النور (24) الآية 55.

267) الطوسي، التبيان، ج‏7، ص‏401.

268) الطوسي، التبيان، ج‏8، ص‏228.

269) طه (20) الآية 120.

270) الطوسي، التبيان، ج‏9، ص‏361.

271) النبا (78) الآية 34.

272) الطوسي، التبيان، ج‏10، ص‏247.

273) البقرة (2) الآية 147.

274) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏23.

275) البقرة (2) الآية 185.

276) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏124.

277) آل عمران (3) الآية 4.

278) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏392.

279) آل عمران (3) الآية 52.

280) الطوسي، التبيان، ج‏2، ص‏473.

281) البقرة (2) الآية 35.

282) الكهف (18) الآية 33.

283) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏158.

284) البقرة(2) الآية 40.

285) الطوسي، التبيان، ج‏1، ص‏184.